التزمت الهيئة الملكية للجبيل وينبع منذ إنشائها بإحداث التوافق والانسجام بين التطور الصناعي والمحافظة على البيئة، من خلال إنشاء وتشغيل 9 محطات لمراقبة جودة الهواء والأرصاد الجوية في مدينة الجبيل الصناعية. وتعمل هذه المحطات على قياس العناصر الموجودة في الجو كثاني أكسيد الكبريت، وكبريتيد الهيدروجين، وأكاسيد النيتروجين، والأوزون، والمعلقات الهوائية، مع حساب تركيز الكبريتات والرصاص فيها، فضلاً عن قياس أول أكسيد الكربون، وأول أكسيد النيتروجين، والأمونيا، وبعض المواد العضوية مثل البنزين والتولوين. كما تستخدم تقنية الأشعة تحت الحمراء في إحدى المحطات لقياس أكثر من ثلاثين مُركباً من مشتقات المواد العضوية كالبنزين والتولوين والستايرين. وقد تم توزيع المحطات التسع بشكل مدروس لتغطي مدينة الجبيل وجميع مناطقها الصناعية. ويتم جمع البيانات من جميع المحطات كل خمس دقائق على مدار الساعة، وإرسالها مباشرة إلى حاسب آلي مركزي باستخدام أجهزة لاسلكية متطورة، ليقوم طاقم من المختصين بمراجعتها وتحليلها لدراسة نوعية الهواء والأرصاد الجوية لأي فترة زمنية. ويعمل لدى الهيئة الملكية كذلك اختصاصيون مزودون بأجهزة قياس على مدار الساعة، وهم على أتم الاستعداد لاستقبال أي شكوى والاستجابة للحالات الطارئة. ويتحكم برنامج مراقبة الانبعاثات الغازية من الصناعات عبر لوائحه في معايير الانبعاثات من المداخن؛ حيث يتم التأكد من التقيد بهذه المعايير من قِبل الصناعات عن طريق الفحص السنوي للمداخن، أو عن طريق أجهزة مراقبة مستمرة للانبعاثات تؤكد مطابقتها النسب المحددة، كما تحدد اللوائح البيئية أسس تحميل وتخزين المواد الكيميائية المختلفة، وكذلك برامج مراقبة الغازات المتسربة. وفي السياق ذاته، حددت الهيئة الملكية عدة مواقع لمراقبة جودة المياه في الشواطئ والمرافئ القريبة من مدينة الجبيل الصناعية، عبر برنامج يتيح معلومات شاملة حول جودة هذه المياه، وتتبع التغيرات فيها. وتوفر المراقبة المنتظمة مؤشراً مبكراً لأي تغير يطرأ على نوعية هذه المياه على المدى البعيد، بحيث يمكن اتخاذ التدابير اللازمة لمنع حدوث أي أضرار متوقعة في المستقبل. وبالتكامل مع ذلك، تطبق الهيئة الملكية في الجبيل برنامجاً شاملاً لمراقبة المياه الجوفية في المنطقة المجاورة للعمليات الصناعية وأماكن تخزين المواد الخطرة ومرافق إدارة النفايات الصناعية والمردم الصحي، للحيلولة دون تردي معاييرها نتيجة لازدياد الأنشطة الصناعية، كما تتابع خزانات المواد البتروكيماوية للكشف عن أي تسربات ومعالجتها مبكراً. أما مياه البحر المستخدمة في شبكة التبريد، فتحرص الهيئة على ضمان عدم تغيير نوعيتها، مع التركيز على درجات الحرارة كونها العنصر الوحيد المتأثر بعملية التبريد، بحيث لا تزيد درجة حرارة مياه التبريد الخارجة من المصنع عن المياه الداخلة بأكثر من 10 درجات مئوية كحد أقصى؛ حيث يتم بعد ذلك خلطها في منطقة الخلط في الخليج لوصولها إلى فارق درجة مئوية واحدة قبل خروجها للمياه المفتوحة في الخليج. وتراقب الهيئة المجمعات الصناعية ونواتجها من مياه الصرف الصناعية عبر قوانين صارمة تضمنها برنامج مراقبة مياه الصرف الصناعي من الشركات؛ حيث تمنع تصريف هذه المياه إلى البحر أو غيره، بل تُرسل مياه الصرف الصناعي إلى محطة متخصصة لمعالجتها ثلاثياً بمعدل يومي يناهز ال 42 ألف متر مكعب، وتراقب الهيئة الملكية هذه المياه فور خروجها لضمان مطابقتها للمياه الخاصة بمياه الصرف التي تستخدم في الري. ويتزامن مع ذلك، تطبيق برامج لمراقبة مياه الصرف الصحي الناتجة عن المصانع والمجمعات السكنية، من خلال معايير خاصة، لاحتوائها على مكونات بيولوجية ما يستدعي إرسالها إلى محطة لمعالجة الصرف الصحي، للتأكد من مطابقتها لمواصفات الهيئة الملكية، ثم تستخدم هذه المياه المعالجة في أغراض الري بعد ذلك. وحتى يتسنى توظيف مياه الصرف الصحي والصناعي في أغراض الري، تطبق الهيئة برنامجاً يستهدف التأكد من مطابقتها المواصفات العالمية لمياه الري. أما برامج مراقبة جودة مياه الشرب، فتحظى باهتمام كبير من قبل الهيئة التي تطبق قوانين ومعايير صارمة مستوحاة من معايير منظمة الصحة العالمية والوكالة الأمريكية لحماية البيئة، للتأكد من سلامة المصدر وشبكة التوصيل ومطابقة جودة المياه معايير الهيئة الملكية. وتعتمد مدينة الجبيل الصناعية بشكل أساسي على تحلية مياه البحر والمياه الجوفية لاستخدامها في الشرب، وتستهلك المدينة 212 ألف متر مكعب يومياً من المياه، منها 56 ألف متر مكعب يومياً تستخدم في المنطقة السكنية. وتشترط الهيئة الملكية على كل صناعة قائمة أو مستقبلية الالتزام بمعايير محددة للمعدات والعمليات المستخدمة. ويفرض برنامج التصاريح البيئية على كل مستثمر بعد الانتهاء من الإجراءات الإدارية والموافقة على الاستثمار وتخصيص الموقع تقديم تقرير معلومات بيئي قبل ستة أشهر من البدء في الإنشاءات، يتضمن معلومات عن نوع وطبيعة الاستثمار، وتصميم المصنع، وخط سير الإنتاج وكميته، والمواد الأولية المستخدمة، والتقنيات المستخدمة للحد من التلوث الناتج من نشاط المصنع، ونسبة أدائها، وتركيز الملوثات المنبعثة أو المُصَرَّفة وكميتها، إضافة إلى معلومات عن النفايات الصناعية وطرق التخلص منها، وكيفية تخزين وتداول المواد الخطرة. وفي مرحلة لاحقة، تتولى مجموعة من المختصين مراجعة تقرير المعلومات البيئية وإعداد الملاحظات التي تتم مناقشتها مع المستثمر لحين الوصول لحالة بيئية مُرضية، لتصدر على هديها رخصة بيئية للمرفق الصناعي تكون سارية المفعول لمدة خمس سنوات. ولم تغفل الهيئة مراقبة البيئة الطبيعية فضلاً عن المواقع التي صنعها الإنسان كسبخة الفصل، التي تعزز الحياة البرية والطيور المهاجرة، وتشمل تلك المواقع المسطحات الطينية، وأماكن نبات المانجروف، والأراضي الرطبة والمطيرة. كما تتم المراقبة على طول الشاطئ وفي المناطق الصحراوية النائية للكشف عن التلوث وأعمال الردم والتجريف غير المصرح بها. ويتم تطبيق إجراءات صارمة لإدارة النفايات الصناعية الخطرة وغير الخطرة من خلال برنامج مراقبة النفايات الصناعية، التي تَنتج عن المنشآت الصناعية العاملة في المدينة، للتقليل من مخاطرها، وتحقيق حل نهائي آمن للتخلص منها، واشتملت الإجراءات على تحديد نوع النفايات وطرق معالجتها وكيفية نقلها والتخلص منها. ولاحتواء الضجيج الناتج عن النشاط الصناعي، وما يمثله من تلوث سمعي، حرصت الهيئة على مراقبة مستوياته لتجنيب المتعرضين له خطر أمراض الجهاز السمعي التي تشمل الصمم وتشوهات الأجنة. ومعروف أن الأذن البشرية يمكنها أن تتحمل ضجيجاً تصل شدته إلى 90 ديسبل دون أن تتضرر، وإذا تجاوز الضجيج هذا المستوى، يبدأ تضرر الجهاز السمعي ليصل إلى الصمم عند مستوى 150 ديسبل، في حين يتسبب الصوت الذي تتجاوز شدته 192 في موت محقق. وبالتالي، أعدت الهيئة برنامجاً لمراقبة الضجيج في المنطقتين الصناعية والسكنية من المدينة. ويزخر مختبر الفحص البيئي والصحة العامة في الهيئة الملكية بأجهزة حديثة لإجراء التحاليل السريعة والدقيقة على عينات المياه والمواد الصلبة للكشف عن محتوياتها؛ حيث يتم إجراء الفحوصات الفيزيائية والتحاليل الكيميائية لأيونات المعادن والهيدروكربونات والمبيدات والزيوت والشحوم والمواد العضوية وغير العضوية، وكذلك إجراء الاختبارات البكتريولوجية والكشف عن الطفيليات. وتتم عملية الفحص البكتيري والطفيلي لمراقبة جودة مياه الشرب ومياه مرافق الترفيه ومياه الري، للكشف عن دلائل التلوث. وتوجت الهيئة جهودها في المحافظة على البيئة بحصولها على جوائز عالمية أكدت نجاحها في تنفيذ برامج حماية البيئة التي وضعتها وتقوم بتشغيلها في كل من مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين. فقد تسلمت جائزة ساساكاوا الدولية لحماية البيئة من هيئة الأممالمتحدة، وجائزة المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية من مقرها في الكويت، كما حصلت على جائزة منظمة المدن العربية للسلامة البيئية في دورتها التي عقدت في دولة قطر، ونالت مؤخراً جائزة المملكة العربية السعودية لأفضل تطبيقات الإدارة البيئية بالأجهزة الحكومية في الدول العربية. وحرصاً من الهيئة الملكية على تشجيع المصانع للمحافظة على البيئة فقد خصصت جائزة لأفضل أداء بيئي للمصانع تُمنح سنوياً في احتفال الهيئة الملكية باليوم العالمي للبيئة.