أكد المتحدث الأمني في وزارة الداخلية اللواء منصور التركي أن وجود الزئبق الأحمر داخل مكائن الخياطة القديمة وما صاحبها من ارتفاع أسعار خيالي مجرد «شائعة هدفها الاحتيال»، مشيرا إلى أن وزارة الداخلية لم تتلق أية قضايا أو شكاوى بهذا الخصوص. ورفعت شائعة سرت بين المواطنين حول وجود مادة الزئبق الأحمر داخل بعض أنواع المكائن القديمة، إلى مبالغ خيالية، ما دفع اللصوص في مركز ظلم مساء أمس، إلى اقتحام محلين للخياطة النسائية وسرقة مكائنهما. وحضرت الشرطة إلى الموقع، حيث تبين سرقة مكائن الخياطة من داخل المحلين، حيث فتحت الشرطة تحقيقا حول القضية. يشار إلى أن الشائعة بوجود الزئبق الأحمر في مكائن الخياطة انتشرت في مناطق شمال الطائف وشرقه، بشكل كبير، ووصلت أسعار بعض المكائن إلى مبالغ خيالية تصل إلى 50 ألف ريال للماكينة، التي كانت في السابق لا تزيد على 200 ريال. وتهافت عدد من مطاردي الشائعات على محلات الخردة؛ بحثا عن نوع معين من هذه المكائن، لشرائها، ويتم التأكد من وجود الزئبق الأحمر، بتمرير الجوال بجانب إبرة الماكينة، ففي حال انقطعت الشبكة عن الجوال يعني أنها الماكينة المطلوبة. وكانت شائعة وجود الزئبق الأحمر داخل مكائن الخياطة قد انتشرت في مختلف مناطق المملكة، وتناقلها المواطنون عبر مواقع الأنترنت ورسائل الجوال، وشهدت مواقع الحراج تجمعات كبيرة للبائعين والمشترين وسط تواجد الجهات الأمنية. مشتروها يدفعون 30 ألفاً للحصول على «الزئبق الأحمر»... حفر الباطن: حملة لمطاردة بائعي ماكينات الخياطة في «حراج الخبول» نفذت شرطة محافظة حفر الباطن وبلديتها مساء أول من أمس، حملة لمراقبة أسعار الأدوات المستعملة، في خطوة تستهدف إيقاف حمى الإقبال على ماكينات الخياطة، التي راج اعتقاد على نطاق واسع أنها تحوي مادة «الزئبق الأحمر»، حتى أصبحت الشغل الشاغل لأهالي المدينة. وفي سوق الحراج (حراج الخبول) التي تباع فيها البضائع المستعملة، أخذت المبيعات المعتادة كالمجالس والأدوات الكهربائية مكاناً قصياً، بعد أن اكتسحت المكائن السوق، فارتفع سعرها من 150 ريالاً، إلى أكثر من 30 ألف ريال. وليس أي ماكينة خياطة هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لملاكها، إذ يشترط المشترون أن تكون من الماكينات القديمة الصنع، وتحديداً من ماركة «سنجر». ويعود أسباب الارتفاع المفاجئ في أسعار المكائن، إلى شائعة سرت بين أوساط المشترين حول وجود «الزئبق الأحمر» داخل إبر المكائن القديمة، وما يسببه ذلك، حسب اعتقادهم، من عوامل للعلاج من امراض السرطان والحظ وجلب الأموال. وليتحقق المشترون الراغبون في اقتناء «الزئبق»، يمررون الهاتف «الموبايل» من أمام إبرة الماكينة وهي تعمل، وفي حال اختفاء أبراج الشبكة، يتأكد المشتري من وجود «الزئبق»، وتباع الماكينة بأي سعر يحدده البائع. وحذر مدير بلدية حفر الباطن حمود الشايع، المشترين، من «الانسياق» وراء ما سماه «وهماً»، داعياً إياهم إلى «عدم الركض خلف الإشاعات، فمن الخطأ أن يدفع أحد ما مبلغاً من المال يفوق قيمة البضاعة أضعافاً مضاعفة بسبب شائعة»، مضيفاً أن «البلدية بالتعاون مع الأجهزة الأمنية تمارس رقابة على الأسعار، وفق شروط وضوابط»، موضحاً أن مهمة البلدية «ليست مطاردة أصحاب المكائن تحديداً، فللجميع الحق في بيع ما يريد، طالما ان ذلك يتم وفق الضوابط والأنظمة». بدوره، أوضح الناطق الإعلامي لشرطة المنطقة الشرقية العميد يوسف القحطاني، أن «شرطة حفر الباطن ترصد وتراقب عن كثب ما يجري في سوق الحراج، خصوصاً في ظل الطلب الكبير على نوع معين من المكائن»، محذراً من مغبة «الانزلاق وراء أوهام لم يتم إثباتها علمياً، بل لا تعدو ان تكون مجرد شائعات». وبدأت هذه الشائعة في الأردن، وتحديداً في شماله، قبل أن تجتاح شمال المملكة، وتحديداً المناطق المتاخمة لحدود الأردن كالجوف وعرعر وحائل والقريات، لتحط رحالها في حفر الباطن. ويعزو كثير حرصهم على «الزئبق الأحمر» لأسباب عدة، فمنهم من يعتقد أنه «يشفي من السرطان»، إلى آخر يؤكد وجود «علاقة بينه وبين تحضير الجن الجالبين للأموال»، إلى رابع يرى بأنه «شيء نادر». وتحولت السوق إلى مسرح للنقاشات، فبين محذر للعامة من الوقوع «ضحية نصب»، إلى باحثين جادين عن المكائن، إلى آخرين يرون أن «القصة مختلقة»، لكنهم يحاولون الاستفادة من الموقف بالمتاجرة والبيع والشراء. فخالد الكويتي، الذي جاء من بلده في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، للوقوف على الأمر، غير أنه بعد نهاية جولته أوضح أن ما يحدث «مشروعاً جديداً للنصب»، عازياً ما يقوله إلى «تباين الأسعار، فبعضها يباع بمائة ريال، والأخرى تعرض ب30 ألفاً، وكلاهما متفقتان في الشكل والنوعية». وفي المقابل، يقول حمود إنه «لو كانت فعلاً إشاعة لما اشتراها الناس بهذا السعر»، متسائلاً «ما التفسير المنطقي لاختفاء أبراج الجوال حين يتم تشغيل إبرة الماكينة؟». اللافت أن نحو 70 % من رواد الحراج، يأتون ليس بقصد الشراء، ولكن «للتأكد، وتوثيق الخبر، والتندر أحياناً». أما الطريف فإن الحراج اشتهر باسم دارج لدى الأهالي «حراج الخبول»، وأطلق هذا المسمى عليه إبان بيع مخلفات تحرير الكويت، إذ كان يباع كل شيء فيه، وبعضها مقذوفات حربية. ويربط الكثير بين حكاية «الزئبق الأحمر» وما حدث قبل أعوام، إبان الطفرة في بيع الدنانير العراقية، إذ اجتاحت سوق السمن قبل أعوام الدنانير العراقية فكان المليون منها يباع بألف ريال، وما لبثت أن تصاعدت لتصل إلى 15 ألف ريال، قبل أن تنحسر بعد ثبات فشلها، لتصبح مجرد ذكرى ومحل تندر لضحايا الدنانير. ويقول الدكتور خلف العنزي: «إن هذه الحادثة تتشابه في الطريقة والكيفية مع ما حدث أيام سوق الدنانير، التي كانت مجرد لعبة» وكيل المكائن: إشاعة هدفها الخداع وجني الأموال < قال نائب المدير العام لشركة «الصبان لمكائن الخياطة» (الوكيل المعتمد لمنتجات «سنجر» في المملكة) عبد الناصر محمد أحمد: «إن آلة الخياطة التي جددت الإشاعة شبابها، مصنوعة من «الكوست آيرون»، وهو الحديد المصهور مع رمل الزهر»، نافياً وجود «أي مواد مشعة، أو فعالة في صناعتها». وأضاف عبد الناصر، من مقر الشركة في جدة، أن «الآلة بوضعها الراهن لا ينبغي أن يتجاوز سعرها 30 دولاراً»، معتبراً أن ما تردد خلال الأيام الماضية «إشاعات ليس لها أساس من الصحة، وربما ارتبطت بمخططات تسعى لإنشاء سوق سوداء، تعتمد على الخداع». وحول مصدر الإشاعة، أوضح أن، «المدير العام ل«سنجر» في أفريقيا والشرق الأوسط، أبلغ السلطات الأردنية باحتمال وجود شخص يسعى للكسب من وراء الإشاعة التي أطلقها».