صعبة هي الدموع التي نراها تنهمر من أعين الرجال ولكن هناك حالات وأسباب تدفعنا بعد معرفتها أن نتلمس العذر لهؤلاء .. قد تكون لرؤيتنا للدموع أسباب عدة وهي لا تخفى علينا أبدا وقد تكون أقوى هذه الأسباب هي خشية الله عز وجل وهذا أمر لا نزاع فيه وأيضاً هناك أسباب كثيرة ولكن ليست هي ما نبحث عنها . إن ما أريد قوله هو : كيف لو علمنا أن سبب هذه الدموع هي معاناة عاطل منسي قد آكلته البطالة مثل ما يتآكل الحديد , لم يستطع ترجمة معاناته إلا من خلال قطرات من الدموع تتساقط على وجنتيه تبين لنا حرقة ما بداخله من ألم وأسى تكبد في جوفه , فقد أُهمل وتُرك في طريق النسيان , وليس بغريب فهذا هو حال كثير من الشباب . إن أكثر ما يستوقفنا هو ما نراه من انتشار كبير وسريع في أعداد الخريجين العاطلين عن العمل , فيحمل الخريج الجامعي شهادته لفترة قد تصل لسنوات عدة من البطالة كما نشاهد هذا الأمر في حال خريجي اللغة العربية الجامعيين التي وصلت أعداد العاطلين في هذا التخصص 12000 خريج, وغيرهم من التخصصات الأخرى بها من الأعداد الشيء الكبير , وفي هذه السنوات قد تقتل البطالة طموح هؤلاء الخريجون وتُفتَّح لهم أبواب الانحراف على مصراعيها , وكنت قد قرأت قبل أيام قلائل ما تم نشره في أحد الصحف الورقية لموضوع يحمل عنوان ( الدراسات تؤكد أن 70% من الموقوفين عاطلون عن العمل ) , إذاً فالسبب الحقيقي لإقدام هؤلاء الخريجون العاطلون عن العمل لارتكاب جرائم عدة هي (( البطالة بلا شك )). لماذا لا يتم تعيين الخريجين الجامعيين وتوجيههم الوجهة التي ثابروا من أجلها , واتخاذ الإجراءات المناسبة في حقهم للتقليل من نسبة الحوادث والجرائم التي نسمع بها يومياً؟! أم أنهم ليسوا أهلاً للوظائف التي ستُسند إليهم ؟! . ولماذا نلقي باللائمة عليهم في حال ارتكاب هذه الجرائم ونحن نعلم الدوافع التي دفعتهم لذلك ؟! . أليس من الأولى أن نمضي في حل هذه المشكلة بدلاً من أن نزيد منها ؟! أليس من الأولى أن نوظف طاقات هؤلاء الشباب فيما يعود على هذا البلد من خير ومنفعة ؟! أليس من الأولى أن نبحث بشكل جدي عن أسباب هذه البطالة ونجتث جذورها الفاسدة ؟! أليس من الأولى أن نعتبر هؤلاء الشباب العاطلين عن العمل أبناء لنا نحرص على حب الخير لهم كما نحرص على أبنائنا؟! إن ما يترتب علينا جميعاً أن نتذكر بأن هناك أبناء لنا في هذا البلد يقبعون خلف جدران الصمت لا تكاد دموعهم تفارقهم من جراء هذه البطالة , ينتظرون من يمسح عنهم هذه الدموع ويأخذ بأيديهم إلى ما يبعث لهم السرور . إننا نريد لهذا البلد التقدم والازدهار فعلينا أن نسعى لذلك بإيجاد حلول صريحة يتم العمل بها , لا أن نترك الإيجابيات خلف ظهورنا ونسعى جاهدين لبناء السلبيات التي ستهدم طموحاتنا , سائلاً المولى عز وجل أن ينعم بالأمن والازدهار هذا البلد وأن ينشر الخير لأبنائنا .