حزنٌُ عميق رسم لوحته على ملامحِ الوجوه وهو خجول من رؤية لوحته . إنها أحزان السنين وآلام القلوب تبقى حبيسةً بين ثنايا الذات و جرحٌ غائر تتصدع منه الأفئدة . أنه منظرٌ رهيب يهز كيان الإنسان وهو يرى أخاه يبكي لينال أبسط حقوقه في أرضه . يالقساوة قلوبهم !! إنها صخور بل هي أشد من الصخور صلابة . إنها لا تكترث لما يدور حولها أو بسببها . إنهم مرض / معضلة / يجب استئصاله واجتثاثه من جذوره قبل استفحاله وانتشاره . إنهم يستحقون الإبادة الجماعية أو ينفون في أقرب رحلة لجهنم التي خلقت لهم وأمثالهم . إنهم أشقياء / بؤساء , يعبثون بأحلام الشباب ويئدون طموحاتهم في مهدها . يالتعاستهم وشقائهم وحقارتهم . كيف سوّلت لهم أنفسهم الشقية لارتكاب هذه الجريمة البشعة في حق أبناء الوطن ومعلمي أجياله . إنهم عارٌ على مسيرة العلم والتخطيط , إنهم منبت الفوضى وموطن العشوائية والارتجالية . إنهم يمشون بطريقة بدائية / إنتقامية لإنتاج جيلٍ مهنته العطالة والإستجداء والبكاء . إنهم يستمتعون برؤية المناظر الحزينة بعكس الفطرة السوية . إنهم يتلذذون بتعذيب الآخرين ورؤية دموعهم وسماع صراخهم / عويلهم / أنينهم . إنهم يمتهنون ذل الخريجين وسلب حقوقهم التي كفلها لهم الوطن . إنهم يشكّلون عبئاً ثقيلاً على مسيرة التعليم إذ أثقلوا كاهله بتكديس أعداد العاطلين / البكائين . مصيبة أن أبكي لأنال أبسط حقوقي المسلوبة !! مأساة إنسانية بشعة أن أعتصم وأُضرب عن المأكل والمشرب كي أأخذ حقي المسلوب !! بلد عظيم شامخ رأسه بين دول العالم يجد صعوبة في توظيف العاطلين وانتشالهم من وحل العطالة !! إن نسبة الوطنية تضعف لدى الخريجين أمام هذا التجاهل الكبير من وزارة التربية والتعليم . تلك التي كفلت حقوقهم في بداية الأمر ثم سرعان ما أعلنت منهم براءة أبديةً تبعتها آهات وآلام . إنهم يعيشون على تربة الوطن الذي يلفظهم / يقتلهم / يُبطل إنسانيتهم . هل سنلجأ للبكاء في كل مرة لنيلِ حقوقنا ؟ هل سنحتاج للدموع في كل حينٍ نطالب بحقوقنا ؟ إن دموعنا فاضت ومآقينا جفّت . نحن لا نملك كمية كافية من الدموع التي نعدكم أن تأتي معنا في كل عام . لقد ذهبت دموعنا وأنتم كنتم ولا زلتم تتجاهلون أصواتنا وندائاتنا . لقد ذهبت دموعنا في ترككم للمدارس الأهلية وهي تذلنا وتطأ على أعناقنا وتلويها ليّ . لقد ذهبت دموعنا ونحن نتوسل إليكم أن تخبرونا عن مصيرنا . لقد ذهبت دموعنا حين سلب المركز الوطني واختلس أموالنا أمامكم ليقيس مستوى مناهجكم . لقد ذهبت دموعنا بعد أن خدعتمونا بإدخال مادة الحاسب الآلي للمتوسط ثم رميتمونا بعد التخرج . لقد ذهبتت دموعنا وأنتم تصدرون القرارات العشوائية البراقة والخادعة لأنفسكم قبل الخريجين . لقد ذهبت دموعنا عندما صعقنا بالعدد الزهيد للمرشحين . لقد ذهبت دموعنا وأنتم تضربون بعرض الحائط القرارات السامية في توظيف الخريجين . لقد ذهبت دموعنا وأنتم تئدون أحلامنا في مهدها كأنها ألعوبة بين أوراقكم وأدراجكم . لقد ذهبت دموعنا وأنتم تتسامرون على ترتيب وتنظيم أعداد العاطلين ليبدو برّاقاً . لم يبقى لدينا دموع ياسادة !! إننا والله آسفون على حالنا وحالكم المبكي يا من تضحكون لبكائنا . لا أدري هل كان ذاك الخريج يعرف أنه ستخنقه العبرة وتنهمر دموعه ؟ إنني أتصور ذلك الخريج وهو يقف أمام أبيه ملك القلوب عبد الله وقد مرت به فصول البطالة التي ذاق مرارتها وشرب من علقمها وسمّها . من يعيد للخريج الدموع ؟ من يشعل في قلبه بقايا الشموع ؟ ليس من حقكم أن نأتيكم في خضوع وخنوع ونبكي منكم أمام الجموع . ليس من حقكم أن تعيشوا يومكم في شبع وريٍ ونعيش نحن في ظمئ وجوع !! عذراً يا دموع من خريجي كليات المعلمين دفعة 27