لكل امرئ منا في قلبه كينونة يختزن بها جملة من مشاعر الشجاعة ، لكن للأسف هي في بوصلة الحقيقة لا تشير لمستواها المطلوب ، فقد اختفت بين كوامن النفس البشرية التي من طبعها أبية ومرتدية لرداء العزة المكسو حقيقة بالخيلاء والكبرياء ، لعلها من علل النفس البشرية التي لم تشرب المعنى الحقيقي للتقوى. الشجاعة التي نريد في الكلمة التي يلكنها اللسان من ضرس لآخر حتى تخرج ممجوجة المعنى صاخبة المنطق ، روحها قد أُزْهِقَتْ ثم وصلت للأسماع جثة هامدة تحكي فصلاً جديدًا من المعانات الحوارية التي تسترنا بها لتُنْشَر على صفحات التاريخ المجيد ، ولو عزمت على أمر لجعلتها في العام ال13ه ، لكن ما أصبرنا على دحض أنفسنا حتى تبلغ شُمَّ العارانين السافلة . الشجاعة التي نريد .. طرفها في دهاليز النشرات اليومية ذات الأسطر (الممغوطة) مكرًا ودهاءً ، فاستُأصلت من الجذور الجذوة التي نحلم بها صباح مساء ، بيد أن في ثنايا الخبر شجاعة لم يخبو ضوؤها بعد ، وأظنه قنديل أمل نسرج عليه الآمال حتى إشعار آخر ((فسينغضون إليك رؤوسهم ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبًا)) . آي(51)ة الإسراء لا تغضب فشعورك يهمني للتمعن مليًا في إكمال الباقي من الحديث .. الشجاعة التي نريد في أزمة موقف طارئ مسود للوجه من صديق يخالطنا (حَارَة) وعملاً وعند الإشارة المرورية ، فما نحن (صانعين) لا تقل لي خطأ إعرابي فما تقوى الكلمة لمستوى الرفع مع إنها للأسف جمع مذكر سالم من حرف العلة . الشجاعة التي نريد صُقلت وزُينت وزُخرفت ووضِعت في أعلى رف محاط بالزجاج ( الأصلي ) الذي نقش عليه (مقاوم للخدش والكسر) وأسفل منها بالخط العريض ممنوع اللمس . الشجاعة التي نريد هي قول .. وفعل والويل لم جاء بطرف وخبأ الآخر .. لا تقل لي لم أفهم !! فنشأتنا عربية (قحة) و ثقافتنا أعجمية مغلفة بغلاف (العصرنة)، لذا جمعنا بين قرني الحقيقة وليس الحق (طبعًا) . مرحبًا بك .. قارئ (الوئام) فأنت لست كغيرك .. تعلم جيدًا الشجاعة التي نريد على مستوانا المحلي وعلى أرضنا المقدسة بجسد الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ومسجده الذي شيده بيديه الطاهرتين حسًا ومعنى ، ومهما بلغت المهاترات فرباطة الجأش قائمة على النهج المحمدي الذي سار عليه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ، نستنهض القوى من لدن الوطن الغالي حكومةً وأرضًا وشعبًا الذين استقوا سؤددهم الأول وإلى اليوم من الالتحام الحقيقي مع مضامين الوحيين . أعلمت ما الشجاعة التي نريد .. أم مازلت تبحث عن نادٍ رياضي لتصبح مثل (هوق هوقن) ، الذي سبح في فضاء المجد والشهرة وسقط أمام أول اختبار في العقل !! الذي خيره بين أمرين هبوط للأعلى أو صعود للأسفل كما فعل (محمد علي) . دعني أتوقف قليلاً عن الهذيان وأفرك ريشة القلم لتسكب حبرًا معقول المنطق والحرف ، وأسطر بعدها بدءًا من اليوم ثورة للرقي بالشجاعة التي لم يستطع (كسرى) فعلها ، فحرك جيشًا جرارًا ذا صخب ولخب ، فزع منه المسلمون ، وأسر مغزاه القائد الفطن فقط ليظفر الأخير بالحقيقة والنصر والأول بستر سوأته بلباس صفيق فالتاريخ (نشر غسيله) ولم يجف إلى اليوم . غني معي أغنية البحث عن الشجاعة التي نريد لنرقى بتعليمنا وتعاليمنا لعتبات العبودية التي تأبى الخنوع والدعة ، فالعلم زاخر والفرصة سانحة والهمة موقدة ولم يتبقَ إلا عزيمتك التي ينتظر فجرها وطنك الذي طالما حضنك ، ولتردد كل صباح أنشودة الفخر لتستنشق مداد القوة : سارعي للمجد والعلياء مجدي لخالق السماء وارفعي الخفاق أخضر يحمل النور المسطر رددي الله أكبر .. يا موطني نكررها منذ نعومة الأظفار فلم ولن نكل أو (نطفش) ففي كل حرف معنى للمواطنة الصادقة نرجوه ونطلبه ، دمت يا وطني رمزًا للعزة مهما جفاك شانئوك باطنًا وربتوا عليك ظاهرًا، دمت يا بقاع الحرمين ناشرة للخير مهما نَخَلَتْ أرضكِ رياح الشرق ، فعلمها عندنا مسطر في السيرة النبوية فلا (تهزُّ فينا شعرة) من ثبات ، رياح الشرق وإن أصفرت فلن (تقش) من أرضنا إلا قشور طالما (ضايقت) المارة وعجزت (دلة) عن تنظيفها .. رحمك الله يا جدي فقد كنت تقول عند كل معضلة تسوؤك ظاهرًا : \" رب ضارة نافعة \" . يا حبيبي .. الشجاعة التي نريد ليست في عضلة وساعد أو في نصل وحافر أو في ورقة وقلم أو حتى في (أرز ودجاج) تقدمه لضيف عزيز بدلاً من (المفطح المنجطل) على المائدة ، الشجاعة التي نريد في مداد صادق وكلمة مشفقة وأنامل مفكرة وصفحات غير مكررة ، وإليك القائمة فارغة فلعلك تُحْسن حُسنًا أحسن مما يحسنه أبو الحسن من أشراف السادات ، فهذا الجذر اللفظي المتجانس حرفًا أصله الثلاثي في معجم التاريخ(حسن) وسقطت (أل)التعريف سهوًا عند الصف والطباعة ! ولكراهة أرباب النحو للحروف الزائدة ، كما أعتقد إحسانًا للظن في الآخر . وعلى فكرة أيها الأفذاذ لست لاويًا للكلمة أو طالبًا استقصاد غير المقصود لكن قلمي لا يملك الشجاعة التي نريد ..!! فانحاز إلى زاوية يطلب التوفيق من الله في سدد المراد ، ليكون بُلْغَة للحاضر والباد . وداعًا بلغة الحس الوطني ، ووداعًا بلسان الحال ، ووداعًا فقد انتهى تاريخ القلم ،،،