لم يكد عمران زارين يستقر في مكتبه بوزارة الداخلية حتى اهتزت منضدته فجأة ونظر حوله لكنه فوجئ بأن زملاءه واقعون في نفس الحالة من الارتباك وعدم الالمام بخيوط ما حدث. وخلال ثوان تدافع الموجودون للنزول عبر السلم بعد إدراكهم أن زلزالا هائلا أعلن أن شدته 7,6 درجات على مقياس ريختر ضرب المبنى. وكان زارين وزملاؤه محظوظين لنجاتهم من الكارثة. لكن عشرات من السكان في برج سكني مكون من عدة طوابق في العاصمة إسلام آباد لم يكونوا محظوظين بنفس الدرجة. فقد تهاوى برج «مارجالا تاورز» خلال ثوان من وقوع الهزات الهائلة التي استمرت نحو 110 ثوان وشعر بها حتى سكان مدينة مولتان التي تقع على بعد 350 كيلومترا جنوب شرق إسلام آباد. واستمرت توابع أقل قوة تهز إسلام آباد والمناطق القريبة منها حتى منتصف اليوم. ولم تصل الادارة المحلية بمعداتها الفقيرة وفرق الكوماندوز التابعة للجيش إلى الموقع إلا بعد ساعتين على الاقل وبدأوا في انتشال الضحايا ميتين وأحياء من تحت الانقاض. كما أصدرت الادارة نداءات استغاثة لمقاولي الانشاءات بإعطائهم الاوناش والمعدات الثقيلة الخاصة بهم للمساعدة في إزالة الانقاض من موقع البرج. وأعلن وزير الداخلية أفتاب شيرباو أن ثمانية أشخاص على الاقل لقوا حتفهم في مأساة البرج. وراح شخص مهتاج والدموع تسيل على وجنتيه يبحث في يأس عن أبناء عمه ووالديهما. وقال ساجد حسن وهو يبكي في الوقت الذي ضربت فيه هزة قوية أخرى بقوة 6,2 درجات إسلام آباد بعد الزلزال الكبير ودفعت الناس للفرار من منازلهم «كنت جالسا معهم وخرجت للمشي عندما وقعت المأساة .. لا أعرف شيئا عنهم». وتحدث شهود العيان عن مشاهد مؤلمة عندما هز الزلزال المبنى كما تحدثوا عنالصوت المرتفع لتصدع الجدران. وقال رحمت خان وهو شاهد عيان «رأيت الناس في الادوار العليا يصرخون (طلبا للمساعدة) لدرجة أنهم حاولوا حتى النزول باستخدام الحبال» مضيفا أن جهود الانقاذ افتقرت للمهنية في الاداء. وحدد مسح جيولوجي أمريكي مركز الزلزال على بعد 95 كيلومترا شمال شرق إسلام آباد في إقليم كشمير فيما قال مسؤولون باكستانيون انه يقع على بعد 100 كيلومتر شمال العاصمة. وقتل 5300 شخص عام 1974 في زلزال بلغت شدته ست درجات على مقياس ريختر في شمال باكستان. وهذه هي المرة الثانية على الارجح التي تتكبد فيها البلدات والقرى الشمالية ومعظمها جبلية خسائر مادية وبشرية شديدة بسبب قربها من مركز الزلزال في مظفر آباد. وشهدت مظفر آباد وبعض المقاطعات الاخرى في القسم الخاضع لسيطرة باكستان في كشمير دمارا واسعا حيث تعطلت أنظمة الاتصالات اللاسلكية مما يجعل من الصعب التأكد من حجم الدمار الحقيقي. وقال خان زاده خان رئيس المجلس المحلي في منطقة باتجرام الشمالية إن نحو 20 قرية من إجمالي 97 قرية في المنطقة دمرت بالكامل. وقال كبير المتحدثين العسكريين الميجور جنرال شوكت سلطان «هناك دمار هائل في مظفر آباد وباغ وروالاكوت وباتان» في إشارة إلى مدن تقع شمال باكستان. ووصف الحادث بأنه «مأساة وطنية». وهرع الرئيس الباكستاني برفيز مشرف أيضا إلى البرج متعدد الطوابق لتفقد الاوضاع ولمواساة الاسر المتضررة. وقال مشرف لوسائل الاعلام في موقع الكارثة «اعتقد انه اختبار لنا جميعا ويتعين علينا جميعا أن نواجهه» ووعد بوضع جميع معدات الانقاذ العسكرية تحت تصرف الادارة المدنية. وأحدث الزلزال حالة غير عادية من الفوضى في المدن المكتظة بالسكان مثل روالبندي جنوب إسلام آباد ولاهور حيث تعطلت حركة المرور في الشوارع عندما أوقف معظم السائقين مركباتهم عن العمل عندما شعروا بالهزة. وقال شهود عيان في بيشاور على الحدود الافغانية إن الزلزال تسبب في اهتزاز أبواب ونوافذ المباني الكبيرة مما دفع السكان الذين انتابتهم حالة من الرعب إلى الخروج إلى الشوارع. كما أدت الهزات الارضية إلى انقطاع الكهرباء عن إسلام آباد ومدينة روالبندي المجاورة وتسببت في عرقلة المرور حيث ترك الناس مركباتهم على الطرق وفروا إلى أماكن آمنة. وقال شفيق أحمد الذي كان متوجها لمكتبه في إسلام آباد عندما ضرب الزلزال «فقدت تقريبا السيطرة على عجلة القيادة حينما بدأت السيارة تتأرجح».