قال الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية، إنّ المملكة تمكنت من تعزيز وضع المالية العامة من خلال بناء الاحتياطيات وتخفيض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي حتى وصلت إلى أقل من 3%، مبيناً أن نظام جباية الزكاة يخضع لمراجعة شاملة بهدف تحديثه، وأنّ المملكة مستمرة في أعمال التطوير والتحديث والانفتاح على أفضل الممارسات والتجارب العالمية. وأضاف العساف في كلمته خلال افتتاح المؤتمر السنوي الخامس للمنتدى الضريبي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، امس في الرياض وتنظمه مصلحة الزكاة والدخل بالتعاون مع المركز الدولي للضريبة والاستثمار itic ويستمر لثلاثة أيام، أنّ المملكة ستستمر باتباع السياسات الاقتصادية، وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي من شأنها تعزيز النمو القوي، إضافة إلى تشجيع التنوع الاقتصادي، ورفع معدلات التوظيف والمشاركة للمواطنين، ودفع مسيرة التنمية المستدامة، مبيناً أن المملكة أحرزت تقدماً ملحوظا في بناء مؤسسات مالية تتمتع بالمتانة والمرونة. وأبدى وزير المالية تفاؤله لما حققة اقتصاد المملكة من نمو قوي خلال السنوات الأخيرة، لا سيما في القطاع غير النفطي، لافتا الى استمرار سياسة المملكة في إعطاء الأولوية للإنفاق على قطاعات التنمية البشرية والبنية التحتية من أجل مزيد من التنويع في الاقتصاد وإيجاد فرص العمل للمواطنين". تطوير نظام ضريبة الدخل وبين أن تلك السياسات مدعومة بمرونة السياسة الضريبية، وقد أسهمت في احتلال المملكة مركزاً متقدماً في جاذبية الاستثمار الأجنبي، مشيراً الى أن نظام ضريبة الدخل في المملكة خضع مؤخراً لمراجعة شاملة، وصدر النظام في صيغته الجديدة عاكساً المستجدات الاقتصادية ومواكبا أفضل الممارسات العالمية من حيث الشمولية والشفافية والوضوح مع مراعاة سهولة التطبيق واعتدال نسب الضريبة. وذكر وزير المالية، أنّ استضافة المملكة لهذا المؤتمر فرصة لاطلاع العالم عن النظام الضريبي وجباية الزكاة، موضحاً انّ المملكة تعد هي الدولة الوحيدة في دول العالم التي تهتم بتحصيل الزكاة رسمياً، وتعد تجربة وحيدة في هذا المجال، مشيراً إلى أن عقد مثل هذا المؤتمر يأتي لمناقشة الأنظمة والتشريعات والموضوعات التي ستطرح فيه، وتعد في غاية الأهمية لمعرفة أفضل السبل والإجراءات لإدارة الأنظمة الضريبية في الدول المختلفة. وأشار العساف الى التحديات التي المتمثلة بتآكل الأوعية الضريبية وترحيل الأرباح والتي تهدد وبشكل كبير الإيرادات والعدالة الضريبية في الدول كافة سواء المتقدمة أو النامية، لأنها تواكب الأنظمة والإجراءات الضريبية. التطوير المستمر للإدارة الضريبية وشدد الوزير على حرص المملكة على التطوير المستمر للإدارة الضريبية، حيث أجرت مصلحة الزكاة والدخل مراجعة لآلياتها وإجراءاتها، وتم تنفيذ خطة تحديث شاملة لهيكلها التنظيمي وأتمتة أعمالها وتطوير تقنية المعلومات، وقد نَتج عن ذلك توفير خدمات شاملة وميسرة للمكلفين مثل "التسجيل، وتقديم الإقرارات، والتسديد إلكترونيا، وتبادل المعلومات مع الأجهزة الحكومية المعنية". وتطرق إلى حرص المملكة أيضاً على تعزيز التعاون في المجال الضريبي مع الدول الأخرى، حيث تم عقد العديد من اتفاقيات تفادي الازدواج الضريبي، والتعاون في مجال تبادل المعلومات والخبرات، كاشفاً انه في هذا الإطار هناك 56 اتفاقية ضريبية للمملكة مع الدول الأخرى، 36 منها موقعة، و20 بانتظار التوقيع، إضافة الى أن هناك عدداً آخر يجري التفاوض بشأنها. واستطرد بقوله "صادقت المملكة على اتفاقية المساعدة الإدارية المتبادلة في المسائل الضريبية المتعددة الأطراف، ولا يقتصر التعاون الدولي على التعاون الثنائي، إذ أن المملكة عضو في العديد من المحافل الدولية وتشارك بفاعلية في اجتماعاتها وأعمالها، ومن ذلك المشاركة في أعمال مجموعة ال20 المتعلقة بالضرائب". وبيّن العساف، أن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومجموعة ال20، أعَدت خطة عمل لمواجهة هذه التحديات، وشكلت فرق عمل ولجاناً فنية تعمل على هذه الخطة تشارك المملكة في عدد منها، وتؤكد في مشاركاتها على ضرورة أن تأخذ أي معالجات مقترحة ظروف الدول وإمكانياتها الفنية والبشرية، وألا يترتب عليها أو على المستثمرين تكاليف وأعباء إضافية وغير مبررة. احتياج العالم إلى الضرائب بدوره اشار مارك مودي الرئيس الفخري المشارك للمركز الدولي للضريبة والاستثمار الى احتياج العالم إلى الضرائب، سواء فيما يتعلق بالأفراد أو الشركات، وقال "يجب علينا أن ندفع الضرائب لتمويل الخدمات الاجتماعية العامة فهذا يعد التزاماً أخلاقياً متأصلاً في الأشخاص تحت مسمى الزكاة وفق تعليمات الشريعة الإسلامية وعشر الدخل في المسيحية". واستدل مارك في المؤتمر السنوي للمنتدي الضريبي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا المنعقد سابقاً في مسقط، حينما ذكر وزير المالية الفرنسي جيان بابتيستي كولبيرت بأن العملية الضريبية تشبه نزع ريش الأوزه، مبيناَ ان الهدف من هذا التشبيه هو استخراج أقصى حد ممكن من الريش بدون إحداث أي ضجيج. وأوضح مارك أنّ دول الشرق الأوسط ودول شمال أفريقيا تمر بمرحلة مهمة فيما يتعلق بالميزانية القومية، وفي بعض الدول من خارج منطقة الخليج العربي، أفسدت بعض الثورات والتغييرات الأنماط والأنظمة الاقتصادية، وهناك توقعات كبيرة والأن نكتشف تآكل الوعاء الزكوي وأشاد مارك في دول الخليج العربي، بأن هناك جهودا حثيثة للتشجيع على نمو الاقتصاد غير النفطي، وفي نفس الوقت، تأثر الدخل الذي يعتمد على النفط بانخفاض الأسعار وهو الأمر الذي يعني أن الكثير من الدول ستضطر إلى أن تسحب من الاحتياطي النقدي لتغطية العجز في الميزانية. وأفاد مارك أنه في جميع دول العالم حاجة ملحة لزيادة التوظيف لا سيما للعدد المتزايد من الشباب وارتفاع نسبة الأشخاص ذوي التعليم الجيد، سواء كانت الدولة لديها هبات في الموارد الطبيعية (النفط) أم لا، مشيراً الى أنه يجب توسيع الوعاء الزكوي وتقويته مع عدم تثبيط ريادة الأعمال والاستثمار، سواء كانت أجنبية أم محلية ضرورية لزيادة التوظيف. ولفت مارك الى أنه ليس الهدف من هذا المنتدى هو تقديم صيغ جاهزة محددة لإنجاز هذه المهمة. إنما يتمثل الهدف في أن تتخذ كل حكومة وجهة ضريبية قرارها في ضوء الظروف المحلية ولكن هذا المنتدى يقدم فرصة لا مثيل لها للحكومات وكيانات الأعمال والشركات للعمل معا وتبادل الخبرات ودراسة نتائج ذلك كله، مضيفاً بأنه يتيح فرصة البحث عن الأدوات اللازمة لتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي مثل قروض الاستثمار والإعفاءات الضريبية. وتوقع مارك أنّ يؤدي التخلي عن الضريبة على المدى القصير إلى بعث الأمل أو إحياء التوقعات لبناء قاعدة ضريبية أعرض وأوسع وأكثر قوة في المستقبل، مشيراً الى أنّ القرارات سوف تعتمد على الدورة الاستثمارية في مجالات وصناعات خاصة، مما قد يؤدي إلى وجود حزم متقنة بعناية. وأوضح مارك أنّ التوازن بين تشجيع النمو والاستثمار وضمان إيرادات ضريبية جيد هو أمر قاسٍ في قطاع الموارد الطبيعية، عند التعامل مع الربط الضريبي على الهيدروكربون أو قطاع التعدين. العساف يلقي كلمته أمام المؤتمر مارك مودي