دعا الدكتور عبدالعزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة - ايسيسكو - المجتمع الدولي الى ادماج مفاهيم التحالف بين الحضارات وقيم التعايش وثقافة الحوار، ضمن البرامج الدراسية، حتى تكون العملية التعليمية في جميع انحاء العالم، جزءاً من عملية التحالف بين الحضارات. وقال في كلمة له القاها امس امام المؤتمر العام الثالث والثلاثين لليونسكو في باريس، ان الحضارة الجديدة تنشأ في المدارس، وتنبثق من عقول اطفالنا. وأعلن ان جهود المجتمع الدولي في بلورة الحوار بين الحضارات والثقافات وفي تعزيز مبادئه ونشر ثقافته، اثمرت تطوراً ايجابياً يتمثل في فكرة التحالف بين الحضارات. ووجه التحية بالمناسبة، الى رئيس الوزراء الاسباني السيد خوسي لويس رودريغس ساباتيرو، الذي كان له فضل السبق في طرح هذه الفكرة، من على منبر الجمعية العامة للامم المتحدة، في شهر سبتمبر من السنة الماضية. وقال ان التحالف بين الحضارات ينطلق من التربية والتعليم اساساً، لأن التحالف، وهو مرحلة متقدمة من التعايش الحضاري الذي ساهمنا جميعاً في ترسيخ مبادئه، انما يبدأ من بناء الانسان تربوياً وتعليمياً. وهذه هي مهمتنا الرئيسة، بل هي الوظيفة الاساس لليونسكو التي جاءت لتحارب فكرة الحرب التي تنشأ في العقول، من خلال التربية والعلم والثقافة، كذلك هي رسالتنا في هذه المرحلة من التاريخ، تعزيز التحالف بين الحضارات، من منطلق اختصاصاتنا التي تجمعنا في هذا المحفل الدولي الكبير. واستطرد قائلاً امام وزراء التربية والتعليم من جميع دول العالم الذين يتشكل منهم المؤتمر العام لليونسكو الذي ينعقد مرة كل سنتين: «ان العالم الذي يعج اليوم بالمتغيرات ويضطرب فيه حبل الامن ويتهدد فيه السلام مخاطر جمة، لن ينقذه من الازمات التي يعاني منها، سوى مبادرة من النخب الفكرية والقيادات الثقافية الى اقامة جسور التحالف بين الحضارات، من منطلق الاسس التي ساهمنا جميعاً في ترسيخها للحوار بين الحضارات. وهذا ما يتطلب منا ان نعيد النظر في برامج التعليم ومقرراته». وأعلن أن الايسيسكو التي وصفها بأنها الضمير الثقافي للعالم الاسلامي، على أتم الاستعداد للعمل مع المنظمات الدولية، وفي المقدمة منها، اليونيسكو، ومع حكومات دول العالم، لتعزيز التحالف بين الحضارات، من خلال تنظيم المؤتمرات والندوات، واعداد الدراسات ونشر الكتب، وتشجيع حكومات الدول الاعضاء وتقديم الدعم لها، للشروع في ادماج مفاهيم التحالف بين الحضارات ضمن البرامج التعليمية. وأكد الدكتور عبدالعزيز التويجري ان العالم الاسلامي الذي ينتمي الى حضارة انسانية ذات تاريخ حافل بالابداع في مختلف المجالات، يتطلع اليوم، وبإرادة قوية، للاسهام في مد جسور التلاقي والتحالف بين الحضارات والثقافات الانسانية كافة. وقال: «ان (تعهدات الرباط: خلاصات ونتائج) الصادرة عن (المؤتمر الدولي حول تعزيز الحوار بين الثقافات والحضارات من خلال مبادرات ملموسة ومستدامة)، الذي اشتركنا في تنظيمه في الرباط، تحت الرعاية السامية لجلالة العاهل المغربي، قد عبرت عن حاجة المجتمع الدولي الى ادراج مبادرات ثقافية وحضارية في عملية التنمية المستدامة. كما دعت هذه الوثيقة، التي هي ثمرة التعاون بين منظمة المؤتمر الاسلامي واليونسكو والايسيسكو والاليكسو ومؤسسة اناليند الاورو - متوسطية للحوار بين الثقافات والمركز الدانماركي للثقافة والتنمية، دعت الى مراجعة المناهج الدراسية لتفادي الافراط في التبسيط وتنمية الوعي بالاختلاف الثقافي. وهذا كما لا يخفى، مدخل لنشر ثقافة التحالف بين الحضارات، في هذه المرحلة الجديدة من التعايش الثقافي بين شعوب العالم». واختتم المدير العام للايسيسكو كلمته امام المؤتمر العام لليونسكو بقوله: «اذا تضافرت جهودنا وقمنا في إطار التعاون الدولي، بتنفيذ تعهدات الرباط، وربطها بمبادرة التحالف بين الحضارات، سنكون قد قطعنا خطوات واسعة على طريق ازدهار العالم باشاعة انوار ثقافة انسانية جديدة، هي ثقافة التحالف الحضاري التي تنطلق من المدارس، والتي تتشبع بها عقول اطفال العالم، لنواجه بها ثقافة الكراهية والتطرف والارهاب والعنصرية والاعتداء على سيادة الشعوب وحقوقها الشرعية وخصوصياتها الثقافية».