لا تستغرب عزيزي القارئ عزيزتي القارئة حين أبتدأ معك المقال بإخبارك بأني (صُعقت) حقيقةً قبل عدة أيام حين تلقيت في يومٍ واحد ثلاث رسائل طبية عبر الواتس أب تحمل اثنتان منها خرافات ومعلومات مغلوطه بالإضافة إلى ثالثتهما التي تناولت دعايةً طبيةً مخجلةً سأتطرق إليها لاحقاً في جنبات هذا المقال!! السبب الذي جعلني (أُصعق) وأتحسر هو أنني استقبلت الرسائل الثلاث من أشخاص متعلمين تعليماً عالياً ومثقفين بدرجةٍ جيدة كما عهدتهم!! في السابق كان الاعتقاد السائد لدي هو أن هذه الرسائل الطبية الخرافية بمافيها من معلومات مغلوطة لا تكاد تنطلي إلا على بعض الجهلة (المساكين) من عامة الناس.. ولم أدرك إلا قبل عدة أيام أن الأمر يتجاوز ذلك إلى أغلب شرائح المجتمع للأسف!! ففي الوقت الذي انتشرت فيه خلال فترة السنوات القليلة الماضية وبشكلٍ واسع جداً وسائل التواصل الاجتماعي بما فيها من الإيجابيات وغزارة المعلومات؛ لا يخفى على الجميع ما نجد فيها على الجانب الآخر من سلبيات وأمور قد تصل إلى الضرر والخطورة!! هنا - ومن هذا المقام - أحببت التطرق فقط إلى رسائل الواتس أب الطبية التي لم تدع مجالاً طبياً ولا تخصصاً دقيقاً إلا وتناولته؛ بل حتى تجاوزت ذلك إلى أساليب العلاج والنصح بأدويةٍ معينةٍ للمرض الفلاني وأعشاب وخلطات لأمراضٍ أخرى؛ حتى أصبح الناس يتداولون وصفات العلاج ب (لمسة زر) للأسف الشديد!! غير مدركين نهائياً ماقد يترتب على تناول دواء غير مناسب أو اتباع حميةٍ مميتةٍ أو (تعاطي) أعشاب نهايتها فشل كبدي أو تعطل للكلى أو حتى توقف لعمل القلب!! نقلوا لنا معلومات عن مستشفى صيني يزعم علاج السرطان بشكل نهائي ومالبث أن ظهرت على السطح مشاكله وشكاوى من عولجوا هناك وأثبتوا الغش والخداع وسرقة المال التي تعرضوا لها والمضاعفات التي حصلت للمرضى حتى الوفاة؛ ثم ابتلينا بجهاز فاشل ادعوا أنه سحري لعلاج مشاكل العمود الفقري لايملك الطبيب المسوّق له بشكلٍ فاضح ومخجل أي شهادات طبية؛ أما الخلطات والأعشاب التي يدّعي أصحابها أنها تعالج مرض السكر وأمراض القلب والقولون وبعض الأورام وغيرها من قائمة الأمراض التي يزعمونها؛ فحدّث ولا حرج!! دون أدنى حياء أو رحمةٍ بالمرضى ... والعذر القبيح دائماً هو العبارة المتداولة(إن لم تنفع فلن تضر) بل ستضر وستؤدي إلى مضاعفات ومشاكل في الأعضاء لن تدركها في حينها بل ستراها لا قدر الله على أرض الواقع لاحقاً إن لم تتدارك نفسك وتحذر منها؛ والأمثلة على طاولتنا نحن الأطباء لا تعد ولاتحصى. خلاصة الكلام - يا سادة يا كرام - والهدف من المقال عزيزتي القارئة عزيزي القارئ هي أن تدرك خطورة مثل هذه الرسائل الطبية وكذا تناقلها دون إدراكٍ منك عن مدى صحتها؛ ففي الوقت الذي تتيقن أنت في قرارة نفسك بأن إعادة إرسالها هو من عمل الخير؛ لا تدرك كم من (شخصٍ ضعيف أو جاهل) سيعمل بها أو يطبقها وستعود عليه بما لا تحمد عقباه؛ وستكون أنت المتسبب في ذلك. تأكد تماماً وثق ثقةً تامةً أن الرسائل التي تحمل في ظاهرها العلاج وفي باطنها الدعاية الطبية وأرقام هواتف وعناوين لمركز أو مستشفى أو شخص بعينه أو معالج هي من تأليفه ونسجه وحده!! ولا ينطلي عليك خرافات قصة فلانة التي تعالجت تماماً عنده وفلان الذي يقسم بالله بأنه عالج هناك وثالثهم الذي عانى سنوات حتى وجد العلاج عند من يدّعون!! فالدعاية الطبية لها طرق خبيثة لاستعطافك واقناعك فيها. أسأل الله للجميع دوام الصحة وموفور العافية... والله يحفظكم ويرعاكم.