بقلب المؤمن بالحق، وبصوت العقل المتيقن من النهوض بمسؤوليات أمته العربية والإسلامية، وببلاغ القائد العالمي الصادق، وبعزيمة القوي الأمين، وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – أيده الله بنصره وتوفيقة - خطابه التاريخي، وكلمته التي ستظل شاهدا على مرحلة تعيشها أمتنا العربية والإسلامية، مما أثاره ويثيره المغرضون والحاقدون، من ثلة وجدت من صمت العالم وتخاذله بيئة خصبة للإرهاب والإفساد والإبادة، ظنا منها بأن ذلك الخذلان العالمي "المقصود" دليل على قوة الشوكة، وتحقيقا لانتصاراتهم الواهية المزعومة. رايات عار أصبحت تموج بها مآسي أمتنا العربية، اتخذت من الدين شعارات زائفة، تخفي خلفها الكثير من الإيديولوجيات التي تتصارع وتتناحر أجندتها في أبشع صور الفوضى واللا إنسانية، منطلقها الحقد والكراهية وإثارة الفتن التي "تؤججها" بمثابة بدائل للقتل، ولما هو أشد منه فتكا، الأمر الذي جعل من نداء خادم الحرمين وبلاغه أبلغ النذر، وصادق الدعوة لقادة وعلماء الأمة الإسلامية، بالوقوف الجاد في وجه ثلل الإرهاب، وفيالق خوارج العصر، بكل حزم وعزم، " للوقوف في وجه من يحاولون اختطاف الإسلام، وتقديمه للعالم بأنه دين التطرف والكراهية والإرهاب، وأن يقولوا كلمة الحق، وألا يخشوا في الحق لومة لائم". إن ما نشهده من سفك لدماء الأشقاء الأبرياء في فلسطين ما هو إلا شاهد على أبشع الجرائم الإنسانية والمجازر الجماعية، وأشد صور الإرهاب إبادة وحرقا وتدميرا، في مسرح يديره أصحاب المصالح الآنية، والمكاسب الوقتية، والجماعات "المأجورة" وزمر الإرهاب على حساب كل شيء، كل هذا يحدث أمام حالة من "التعامي" المقصود، وحالة من "الصمم" و "الصمت" من منظمات ومؤسسات المجتمع الدولي المختلفة، غير المكترثة بكل هذه الجرائم الإنسانية، فأين هو الضمير العالمي من كل ما يحدث في غزة، وسورية، والعراق؟! نعم، كل هذا يحدث أمام بصر وعلى مسمع المجتمع الدولي "غير مدركين أن ذلك سيؤدي إلى خروج جيل، لا يؤمن بغير العنف، رافضا السلام، ومؤمنا بصراع الحضارات لا بحوارها" وإذا كانت المملكة قبل عشر سنوات، سعت إلى مكافحة الإرهاب بكافة الوسائل، وعلى مختلف المستويات، التي توجها الدعوة "الجادة" و"العملية" من لدن خادم الحرمين الشريفين، وذلك بإنشاء "المركز الدولي لمكافحة الإرهاب" الذي حظي بتأييد العالم أجمع في حينه، للتنسيق العملي المتكامل الأمثل بين الدول لمكافحة الإرهاب، (إلا أننا أصبنا بخيبة أمل). إن نداء الملك عبدالله – حفظه الله – ما هو إلا الشهادة على مأساة العالم التي يتجرع نيرانها أجيال اليوم، ليحمل "سعيرها" إلى عالم الغد أجيال خرجت من تحت أنقاض القصف، إذ لم تسمع لغة غير دوي المدافع، ولم يجول في سمائها غير قصف الطائرات، ولم تر حلما إلا للضحايا، ولا أنشودة فرح إلا لأصوات الثكالى! فأطفال اليوم الذين لم يخالط ألعابهم سوى القنابل وجثث الضحايا وأنقاض المباني، لن يحملوا لغدهم أنشودة سلام، ولا للعالم من حولهم مفردة حوار، ولا للمشتركات الإنسانية بين البشر مسلكا للتعايش. لقد جاء بلاغ خادم الحرمين الشريفين للعالم، نذيرا على مرحلة من "البؤس العالمي" الذي لن تكون مؤسساته ومنظماته المختلفة بما فيها منظمات حقوق الإنسان إلا أوائل البؤساء، إذ لا يمكن لمنظمة دولية تخلت اليوم عن مكافحة الإرهاب، وبارك صمتها وشجع تعاميها أبشع جرائم الحرب ضد الإنسانية، أن يبقى لها على خارطة المجتمع الدولي، ما تتغنى به ولو على سبيل الاستهلاك المنبري المبتذل. وفي الوقت الذي تخاذلت فيه منظمات ومؤسسات المجتمع الدولي، وتخلت عن كل شيء إلا مصالحها الآنية، فقد جاء بلاغ الملك التاريخي الشهادة "الحق" والشاهد "الصدوق" والنذير "العظيم" للأمتين الإسلامية والعربية، قادة وعلماء ومفكرين وشعوبا، بأن يقفوا جميعا في وجه ثلل الفساد، وزمر الإرهاب، وحفنات الحقد، وفلول الكراهية، وكل من يحاول اختطاف الإسلام، في أسوأ ممارسات العار، وأبشع صور الطغيان، لتشويه صورة ديننا الإسلامي الحنيف، وتقديمه للعالم بأنه دين كراهية وإرهاب وتطرف، وبأن خوارج العصر، وأول أدوات أعداء الأمتين الإسلامية والعربية، الذين يتوارون خلف شعارات لا تتجاوز حناجرهم، على أنهم صورة من صور المجتمع المسلم، مجتمع الجسد الواحد، والغاية المثلى الواحدة! فمن مهبط الوحي، ومهد الرسالة المحمدية، وموطن الحرمين الشريفين، بلع قائد الأمتين العربية والإسلامية، ورائد حوار الحضارات، وراعي مسيرة الإصلاح العالمي، وربان مشاريع سلامه، وصدع بكلمة الحق.. وأشهد العالم أجمع. هذا كتابي إليكم والنذير معا لمن رأى رأيه منكم ومن سمعا!