هل هناك علاقة بين النوم والذاكرة؟! لقد قابلت كثيراً من الطلاب الذين كانوا يشتكون من ضعف الذاكرة، وعندما نصحتهم بأخذ كفايتهم من النوم لمدة لا تقل عن سبع إلى ثماني ساعات تحسنت ذاكرتهم كثيراً. والنوم مهم وضروري لصحة الإنسان وقدرته على مزاولة نشاطه الذهني ولياقته الفكرية. والذاكرة هي إحدى قدرات الدماغ، والتي لها القدرة على تخزين المعلومات واسترجاعها بشكل عفوي. ويعمل المخ أثناء النوم بنشاط وحيوية، فهو لا ينام كما تنام بقية أجزاء الجسم. ويقول أحد الباحثين وهو الدكتور يان بورن من جامعة لوبيك بألمانيا: "يقوم المخ بحفظ المعلومات خلال النهار في مستوى موقت ثم يقوم بتجهيزها والتعرف على تفاصيلها خلال النوم، ويحولها من الذاكرة الموقتة إلى الذاكرة طويلة المدى، وهي الذاكرة التي تنسق المعلومات وتربطها مع معلومات سابقة. ويمكن للمخ من خلال معلوماته في الذاكرة أن يظهر بعض الحلول خلال النوم مثل حل المسائل الرياضية التي لم يستطع الشخص أن يحلها أثناء يقظته. ويشير بعض الباحثين إلى أن التنبيه أثناء النوم يمكن أن يقوي ويعزز ما تعلمه الإنسان أثناء اليقظة، وربما يساعد هذا في عملية التعليم. ومع ذلك فإن النوم لا يساعد الذاكرة على اكتساب مهارات جديدة. ويمكن تقوية الذاكرة بالنسبة للأشياء التي تعلمها الإنسان أثناء اليقظة وليس تعلم أشياء جديدة خلال النوم. وقد قام بعض الباحثين بتعليم مجموعة من المشاركين كيفية عزف نغمتين موسيقيتين عن طريق الضغط على مفاتيح معينة في أوقات محددة. وبعد أن تعلموا كيفية العزف على الأنغام المحدثة اصطناعيا، أخذ المشاركون قيلولة لمدة 90 دقيقة. وجرى خلال القيلولة تشغيل نغمة واحدة فقط، كما جرى تشغيل الإشارات الموسيقية الناعمة في مرحلة الموجة البطيئة من النوم، وهي مرحلة لها علاقة بتخزين الذكريات. وقام الباحثون بتسجيل النشاط الكهربائي للدماغ للمشاركين أثناء النوم. وعند استيقاظهم أبدى المشاركون عدداً أقل من الأخطاء عند عزف النغمة التي استمع المشاركون إلى عزفها أثناء النوم مقارنة مع تلك التي لم يتم تشغيلها. ويقول الباحثون إن الإشارات الكهربائية أثناء النوم ترتبط بالتحسن الذي طرأ على الذاكرة. ويشير الباحثون إلى أن الأبحاث في هذا المجال يمكن أن تؤدي إلى تطبيق عملي في تدريس اللغات الأجنبية، كما أنها تشير إلى أن هناك علاقة قوية بين الذاكرة والنوم. إن النوم مهم وضروري للإنسان من أجل تنشيط خلايا المخ وتقوية الذاكرة بشكل جيد.