"اعلمه الرماية كل يوم فلما اشتد ساعده رماني" هكذا كان لسان حال الجماهير الإنجليزية وهي تشاهد مهاجم ليفربول الارجوياني سواريز يسجل في مرمى منتخب بلادهم هدفين حاسمين كتب بهما نهاية طموحات الانجليز في الوصول للدور الثاني من مونديال كأس العالم 2014م، وأنعش سواريز الذي كان مُهدداً بالغياب عن المونديال بسبب الإصابة آمال الارجواي في التأهل عن المجموعة بعد الخسارة في الجولة الأولى من كوستاريكا، المهاجم الارجواني فعل كل شيء في تلك المباراة وأجبر الجميع على الإشادة به وبمستواه مع انجلترا حتى أن مهاجم البرازيل الهداف "الأسطورة" رونالدو قال عنه عقب المباراة: "سواريز أفضل مهاجم في العالم حالياً"، واختير سواريز في ذات المباراة كأفضل لاعب، سواريز الذي يُنتظر ان يحظى بردة فعل قاسية من الجماهير الانجليزية في الموسم المقبل بسبب هدفيه كانت سعادته مضاعفة وهو يقصي الانجليز من البطولة لأنه اعاد منتخب بلاده للمنافسة من ناحية ولانه انتقم من الاتحاد الانجليزي الذي اصدر بحقه ايقافات عدة خلال لعبه لليفربول من ناحية اخرى. سواريز الذي عُرف بأنه "مشاغب" ولد في سالتو الأرجويانية عام 1987م، وكانت بدايته الكروية الفعلية مع ناسيونال الارجوياني عام 2005م، كان عمر سواريز في ذلك الوقت لم يتجاوز ال 18 عاماً وبالرغم من ذلك أسهم في تتويج فريقه بلقب الدوري إذ سجل له عشرة أهداف، وكانت تلك البطولة هي الأولى في حياته الرياضية، كشافو جرونينجن الهولندي كانوا متواجدين في الارجواي، شاهدوا احدى المباريات التي تألق فيها سواريز وسجل هدفاً جميلاً، اذهلتهم امكانياته فقرروا أن يظفروا بخدماته، تحدثوا إلى المهاجم الشاب وعرضوا عليه 800 ألف يورو مقابل أن ينتقل للعب في هولندا، وافق سواريز وحزم حقائبه مغادراً إلى هنالك، في رحلته الاحترافية الأولى مع جرونينجن الهولندي تعرض سواريز لمشاكل عدة ولم يتأقلم سريعاً مع الفريق بيد أن ذلك لم يمنعه من تسجيل 15 هدفاً خلال المباريات ال 37 التي لعبها. مسؤولو أياكس وضعوا سواريز تحت مجهرهم، وبعد نهاية الموسم دخلوا مع فريقه في مفاوضات للظفر بخدماته وهو ما حدث فعلاً مقابل أكثر من سبعة ملايين يورو، بدأ سواريز مشواره مع اياكس بشكل جيد فسجل في أول مواسمه 22 هدفاً لكنه لم يتوج بأي بطولة، وفي الموسم الثاني (2008-2009م) أصبحت الجماهير الهولندية تقدر سواريز كثيراً عطفاً على إمكاناته، حتى أن مدرب الفريق في ذلك الوقت فان باستن أشاد بقدرات سواريز لكنه في الوقت ذاته انتقد علاقته القوية بالبطاقات الملونة وبخروجه عن النص حتى مع زملائه، وتفوق سواريز عن الموسم السابق رقمياً إذ سجل لاياكس 28 هدفاً، اما الموسم الثالث فكان مغايراً عن سابقيه ففيه بات سواريز هو قائد الفريق وتسلم شارة الكابتنية، كما أنه وصل إلى ذروة مستواه وحضوره التهديفي محلياً وعلى صعيد دوري أوروبا، وتوج سواريز مع اياكس في ذلك الموسم بكأس الاتحاد الهولندي، وشخصياً نال لقب هداف الدوري ب 35 هدفاً. عام 2010م شهد تألقاً لافتاً لسواريز في كأس العالم بجنوب افريقيا، مسيرته مع اياكس واهدافه التي سجلها في ملاعب هولندا وأوروبا وما سطره في ملاعب جنوب افريقيا مع منتخبه جميعها جعلت سواريز هدفاً لأكبر الاندية الأوروبية التي دخلت في مفاوضات مع الهولنديين للتوقيع معه، وفي ذات العام ايضاً أطلق الهولنديون على سواريز لقب" آكل لحوم البشر" بعد أن قام بعضّ لاعب اندهوفن عثمان بقال وأوقف بسبب ذلك سبع مباريات، وخلال ايقافه وافق اياكس على عرض من ليفربول الانجليزي لشراء عقد سواريز مقابل 26.5 مليون يورو، وفي ذلك الموسم توج اياكس بلقب الدوري الهولندي وسجل سواريز في ذلك العام 12 هدفاً، بسبب أنه لم يكمل معهم الموسم وانتقل إلى ليفربول، بيد أن الهولنديين منحوه احدى الميداليات الذهبية تقديراً لأهدافه ال 12 التي سجلها. حضر سواريز لأول مرة بشعار ليفربول أمام ستوك سيتي وتمكن في أول ظهور له من تسجيل هدفه الأول، سواريز قدم مستويات جيدة اثمرت عن تسجيله أربعة أهداف وساهم في تقدم ليفربول في سلم الترتيب من المركز ال 12 للمركز السادس، وفي موسمه الثاني مع "الريدز" توج سواريز بكأس الاتحاد الانجليزي، يوم ال 15 من شهر اكتوبر 2011م شهد حادثة لا تزال أصداؤها حتى اللحظة وهي حادثة سواريز ومدافع مانشستر يونايتد الفرنسي ايفرا إذ اتهم الأخير سواريز بالعنصرية والتلفظ عليه بعبارات عنصرية، وبعد التحقيقات واللجوء للقطات الفيديو والاستعانة بخبراء "قراءة الشفاه" ادين سواريز واوقفه الاتحاد الانجليزي ثماني مباريات، وتسبب ذلك في توتر العلاقة بين اللاعبين وهو مادفع سواريز إلى تجاهل ايفرا وعدم مصافحته قبل المباراة التي جمعت الفريقين في اولد ترافولد. سواريز الذي تلتصق به تهمة "التمثيل" داخل منطقة الجزاء لكسب ركلات جزائية لم ينكر بأنه يخرج عن النص أحياناً داخل الملعب وعلق قبل فترة بسيطة عن ذلك بقوله: "أشعر بالإحراج حينما أشاهد ما أفعله في المباريات فتلك ليست شخصيتي حيث تتسم شخصيتي بالهدوء ولكن الملعب يشهد وجهاً آخر لي"، لكنه في الوقت ذاته لا يزال ينكر تهمة العنصرية وقال عنها: "كانت جميع الأشياء الأخرى صحيحة لكن قضيتي مع باتريس إيفرا كانت كلها كاذبة وغير صحيحة، أُتهمت من دون دليل، لكن هذا في الماضي، كنت حزيناً في تلك اللحظة، لكن أنا اليوم سعيد، اسمحوا لي أن أخبركم بشيء، سقطت في خطئين فقط خلال حياتي المهنية، الخطأ الأول مع أياكس أمستردام، والخطأ الثاني كان مع إيفانوفيتش، واعتذرت في المرتين عن كل شيء، كانت هاتان الهفوتان كلاعب كرة القدم فقط، لكن أي شيء آخر فهو غير صحيح". بالرغم من مشاغبته وإحراجه لفريقه في مواقف عدة إلا أن إدارة ليفربول حرصت على تمديد عقده وهو ما حدث فعلاً، تجلى سواريز مع الفريق الانجليزي في موسم (2012-2013م) وسجل له 30 هدفاً واختارته جماهير النادي كأفضل لاعب في الموسم، واختير كثاني أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي. صحيفة ابولا البرتغالية صنفت سواريز على أنه أكثر لاعب مكروه في العالم عاد لممارسة هوايته ومشاغبته إذ قام في مباراة فريقه مع تشيلسي التي انتهت 2-2 بعضّ المدافع ايفانوفيتش بعيداً عن أنظار حكام المباراة، لكن نادي ليفربول تصدى لذلك التصرف وأصدر قراراً بتغريمه مادياً فيما اوقفه الاتحاد الانجليزي عشر مباريات، ورفض اللاعب استئناف القرار وتقبله، وبعد نهاية الموسم توترت العلاقة بين سواريز وإدارة ليفربول بعد أن أعلن عن رغبته في الرحيل والانتقال إلى ناد آخر مشيراً إلى أنه تلقى وعودا بالسماح له بذلك إذا ما فشل ليفربول في التأهل لدوري أبطال أوروبا وهو ما حدث فعلاً، لكن مدرب الفريق رودريجز نفى ذلك وأكد تمسكه بسواريز الذي لم يحترم ناديه على حد قوله، مالك نادي ليفربول هنري قطع كل الطرق عندما اعلن بأنه لن يتم السماح لسواريز بالانتقال، اللاعب رضخ لذلك وعاد ثانية وأعلن عن رغبته في البقاء واعتذر للنادي وجماهيره. بسبب إيقافه بعد حادثة العضّ تخلف سواريز عن بداية موسم (2013-2014م) للإيقاف وشارك لأول مرة في كأس رابطة دوري المحترفين مع مانشستر يونايتد، وفي ظهوره الأول في الدوري الممتاز سجل سواريز هدفين في مرمى سندرلاند، قدم سواريز موسماً خرافياً مع "الردز" وكان قريباً معهم من تحقيق لقب الدوري، صنع وسجل وأمتع النجم الأرجوياني وحطم أرقاماً عدة ونال ألقابا شخصية استحقها بامتياز، سجل في الدوري الإنجليزي 31 هدفاً فأصبح من بين سبعة لاعبين في تاريخ الدوري كسروا حاجز ال 30 هدفاً في موسم واحد وتوج بلقب الهداف، ونال في الموسم الماضي جائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي، كما تقاسم مع كريستيانو رونالدو الحذاء الذهبي الأوروبي ب 31 هدفاً لكنه يتفوق على النجم البرتغالي بأن ليس من بين أهدافه ركلات جزاء فيما سجل رونالدو أكثر من أربعة أهداف من نقطة الجزاء، وبالرغم من تمديد عقده حتى نهاية عام 2018م إلا أن أنباء عدة تتحدث حول إمكانية توقيع سواريز لريال مدريد أو برشلونة خلال الصيف الحالي في صفقة قد تكون الأغلى في تاريخ كرة القدم. قال سواريز عن نفسه: "أود أن أتغير، لانه شيء فظيع أن أسمع وأقرأ ما يقال عني، ولكن على ارض الملعب تسيطر عليك العاطفة أحياناً وتجعلك تفعل أشياء تندم عليها بعد ذلك، يجب أن أكون قدوة للرياضيين وسيأتي ذلك من خلال أدائي داخل الملعب، ولقد فعلت بعض الأشياء داخل الملعب لا تعبر عني فأنا خارج الملعب خجول جداً، مع ذلك أدركت أنه يتعين علي ضبط موقفي في هذا المجال ومواصلة اللعب بشكل جيد ولكن من دون فعل أي شيء سيئ"، في إشارة إلى أنه غير راض عن تصرفاته البعيدة عن الروح الرياضية يدين بالفضل في مشاركته المونديالية الحالية لطبيب المنتخب الارجوياني البيرتو وهو الشخص الذي ذهب للاحتفال معه بعد هدفه الأول في شباك انجلترا تعبيراً عن الشكر والعرفان لأنه بذل مجهودات كبيرة ومضاعفة في سبيل تجهيزه للمونديال بعد العملية الجراحية التي أجراها، مشاركة سواريز في مونديال جنوب افريقيا 2010م كانت مُشرفة فالجميع يتذكر تضحيته في تلك الكرة التي قفز لها وخلصها من وسط مرمى الارجواي بيده في آخر دقائق مباراة ربع النهائي مع غانا حتى لا يخسر المباراة، عندها طرده الحكم واحتسب ركلة جزائية اهدرت وتأهلت الارجواي بركلات الترجيح للدور نصف النهائي لكنها غادرته على يد هولندا، وسجل سواريز في تلك النسخة هدفين، وعلى صعيد الألقاب الدولية فساهم سواريز في تتويج الارجواي بلقب كوباامريكا 2011م ونال في تلك البطولة جائزة أفضل لاعب فيها، كما كان له دور كبير في وصول الارجواي إلى مونديال البرازيل إذ سجل 11 هدفاً في التصفيات ونال لقب هدافها. الأورجواي عودتنا على أنها تسير بعيداً في مشاركاتها الدولية، وفي مونديال البرازيل صحيح أنها وقعت في المجموعة الحديدية مع ايطالياوانجلترا إلا ان فوزها على الأخير سيمنحها فرصة كبيرة في التأهل والوصول للدور الثاني، سواريز كان يحلم بأن يتوج مع ليفربول بلقب الدوري وبالتأكيد أن حلمه اليوم هو أن يقود الاورجواي للتتويج بكأس العالم، فالمستوى الذي ظهر به المنتخب في ثاني مبارياته يعطي دلالة على أنه لن يكون صيداً سهلاً للطليان وبإمكانه أن يصنع المفاجأة ويخطف اللقب الأغلى.