هدفان يفصلان المهاجم الالماني ميروسلاف كلوزه عن الدخول إلى تاريخ كرة القدم من أوسع الأبواب، إذ سيصبح كلوزه الهداف الأول في تاريخ كأس العالم متجاوزاً المهاجم البرازيلي رونالدو الذي لا يزال هو الهداف بتسجيله 15 هدفاً مقابل 14 هدفاً للمهاجم الالماني الذي تعتبر مشاركته الحالية في المونديال هي الرابعة في تاريخه. كلوزه الذي ولد في بولندا عام 1978م من أم بولندية لاعبة كرة يد ووالد ألماني لاعب كرة قدم أزاح قبل أيام زميله مولر وأصبح أفضل هداف في تاريخ منتخب المانيا بتسجيله 69 هدفاً في 132 مباراة لعبها مع منتخب بلاده عندما سجل هدفاً في شباك أرمينيا ودياً، ولم يكتف كلوزه بهذه الأرقام التي تؤكد تفوقه على زملائه الألمان وأنه المهاجم الأول في تاريخ "المانشافت" إذ يعتبر هو المهاجم الالماني الوحيد الذي توج بجائزة هداف كأس العالم 2006م الذي أقيم في بلاده بتسجيله خمسة أهداف. يقول مدرب منتخب المانيا لوف: "كلوزه علامة مميزة في تاريخ كرة القدم الالمانية، أنا معجب للغاية باجتهاده في التدريبات والمباريات، هو يستحق ذلك بكل تأكيد"، هكذا إشادة عندما تحضر قبل انطلاقة المونديال في البرازيل فإنها ستمنح كلوزه دفعة كبيرة نحو الوصول إلى الإنجاز الذي يبحث عنه وتعطيه أريحية كبيرة من خلال ثقة مدربه في إمكانياته. حياة كلوزه الكروية بدأت في هومبورج الالماني إلا أنه لم يستمر طويلاً معه وقرر الانتقال إلى كايزرسلاوتيرن عام 1999م، ولعب بشعاره خمسة مواسم خاض خلالها 147 مباراة سجل فيها 52 هدفاً، وفي عام 2004م كانت المحطة الثالثة في انتظار كلوزه إذ وقع مع فيردر بريمن مقابل خمسة ملايين يورو إذ لعب معه ثلاثة مواسم سجل خلالها 63 هدفاً وتوج معه بكأس الدوري الالماني 2006م. بايرن ميونخ كانت الوجهة الرابعة للمهاجم الالماني الذي فضل التوقيع مع البايرن بالرغم من تلقيه عرضاً برشلونياً عقب مستوياته الكبيرة التي ظهر بها في مونديال 2006م، وقضى كلوزه مع البايرن أربعة مواسم سجل فيها 52 هدفاً وساهم مع الفريق في تتويجه بستة ألقاب، الدوري الالماني مرتان (2008-2010م)، وكأس الدوري الالماني (2007م)، وكأس المانيا (2008-2010م)، وبطولة السوبر الالماني (2010م). لم يتوصل كلوزه إلى اتفاق مع مسؤولي بايرن ميونيخ على تجديد عقده بعد بلوغه ال32 ربيعاً وهو مادفعه إلى الموافقة على عرض لاتسيو الإيطالي إذ وقع معه ثلاثة أعوام وشارك في 99 مباراة سجل خلالها 40 هدفاً، وتوج مع الطليان بكأس ايطاليا (2012م). بالرغم من تسجيله 69 هدفاً للمنتخب الالماني معظمها من الكرات الرأسية التي يتميز بها إلا أن كلوزه لم يتمكن من تحقيق أي إنجاز مع منتخب بلاده إذ يعتبر وصيف بطل كأس العالم 2002م هو الأفضل له مع "الماكينات الالمانية"، ولا يلام كلوزه في ذلك كونه ماكينة تهديف تسجل باستمرار للالمان ولم يغب عن التسجيل في المباريات المهمة للمنتخب خصوصاً في المونديال الذي سجل فيه 14 هدفاً خلال النسخ الثلاث الماضية، وبدأت قصة كلوزه مع التهديف في المونديال عام 2002م عبر شباك منتخبنا السعودي إذ سجل ثلاثة أهداف بالرأس، كما سجل برأسه هدفا في كل من الكاميرون وايرلندا، وفي 2006م سجل كلوزة خمسة أهداف بدأها بهدفين في مرمى كوستاريكا وهدفين في الاكواداور وهدف في شباك الارجنتين في الدور ربع النهائي، وفي مونديال 2010م كان كلوزه يسابق الزمن لتسجيل خمسة أهداف يعادل بها رقم البرازيلي رونالدو لأنه كان يظن بأن تلك النسخة هي الأخيرة له كونه بلغ ال32 عاماً إلا أنه لم يفلح سوى في تسجيل أربعة أهداف في استراليا وانجلترا (هدفين) والارجنتين. يقول المهاجم البرازيلي رونالدو: "لماذا أحزن لكسر رقمي؟ يتم إنشاء السجلات من أجل أن تُحطم وتضاف إليها أرقام جديدة، وكلوزه حقًا على مقربة مني بما فيه الكفاية ليتجاوزني، وقد أبلى حسنًا في بطولات كأس العالم الثلاث التي لعبها حتى الآن، وإذا استطاع أن يفعلها فيجب أن أهنئه بكل تأكيد، إذا لم أكن مُخطئًا الالماني جيرد مولر احتاج لبطولتي كأس عالم للوصول إلى 14 هدفًا، وأنا احتجت ثلاث بطولات للوصول إلى 15 هدفًا، بينما كلوزه سيخوض المونديال الرابع له هذا العام ولم يصل بعد للرقم، لذلك فلن يكون هناك مشكلة". تاريخ كلوزه لم يكن مليئاً بالأرقام والإنجازات فقط، بل ان تاريخ كرة القدم لا يمكن أن يتجاهل أخلاقه الكبيرة ومواقفه المميزة التي تدل على بحثه عن اللعب النظيف، ففي عام 2005م رفض كلوزه عندما كان مهاجماً لفيردر بريمن قرار حكم المباراة باحتساب ركلة جزاء له بسبب عدم صحتها أمام فريق ارمينيا بيليفيليد ونال في ذلك الموسم جائزة اللعب النظيف، وفي عام 2012م اعترف كلوزه للحكم الإيطالي بتسجيله هدفاً بيده لفريق لاتسيو في الدوري الايطالي وبالتحديد في شباك نابولي بالرغم من أن اللقطة مرت على حكام المباراة واحتسب هدف، في موقف لا يصدر إلا من لاعب كبير لا يرضى بتسجيل أهداف غير شرعية. المانيا كلها تعول على كلوزه الذي سيلعب في هذا المونديال من اجل تحقيق إنجاز لمنتخبه أولاً ومن أجل الوصول إلى رقم البرازيلي رونالدو وتحطيمه ثانياً، هذا الطموح المشترك لكلوزه سيصب في مصلحة الالمان دون أدنى شك، صحيح أن كلوزا في آخر عامين لم يسجل لمنتخب بلاده سوى هدفين فقط خلال الخمس مباريات التي لعبها إلا أنه يدرك جيداً بأن المسؤولية على عاتقه كبيرة في البرازيل خصوصاً وأن المدرب الالماني لوف لم يختر سواه في مركز رأس الحربة لثقته الكبيرة بإمكانياته في قرار أثار حفيظة القيصر بيكنباور الذي انتقده بشدة.