قد يعجب البعض أن تطرح عليه هذه النصيحة معالجة نفسية وسلوكية أمضت قرابة العقدين من عمرها وهي تراقب مرضاها وتسمع منهم وتتبصر وتختبر مايقولون ويشتكون!!.. حتى رأيت أن مصائب الناس النفسية في الوقت الحاضر مأتاها من الاهتمام بما يقوله الناس عنهم مدحاً أو ذماً، وبماذا ينظر إليهم الناس، وماذا يعجب الناس منهم، ومالا يعجب الناس منهم، تفكيرهم دائماً أن كيف يحسب الناس لهم حساباً، وكيف يرفعون قيمتهم عند الناس، وكيف يعلو ويفخر بعضنا على بعض، وربما كيف يقهر بعضنا بعضاً، وكأننا في حلبة للتنافس لا تنتهي جولاتها ولا صولاتها إلا لتبدأ من جديد، ويبقى دائماً سوط اسمه (الناس) يجري خلفنا، يضربنا على ظهورنا كلما هممنا بالراحة أو التوقف لحاجات النفس أو الروح أو قبل ذلك لأداء حق الله ومراقبته سبحانه في أفعالنا ونياتنا، بدلاً من التطلع إلى الناس أو السمعة والرياء لإرضاء الناس... لقد تعبنا، وتعبت نفوسنا، وتبدلت نوايانا الحسنة ودواخلنا السهلة البسيطة، لأننا صرنا نحسب للناس حساباً أكثر مما نحسب لربنا أو حتى لنفوسنا أو من هم في طرفنا من الأحباب والأهل والأصدقاء، هذا التبدل في الموازين أو الانقلاب في المعايير عاد على نفوسنا بالألم والضغط، وتطورت الأمور حتى أصبحت عقداً نفسية وتشوهات في الأخلاق والتعاملات، وكل هذا بسبب الحسابات المضروبة للناس..!! وهل يكذب الناس ويغتاب بعضهم بعضاً وينم بعضهم على بعض إلا تحت ذريعة هذا الباب الذي يحسب الناس حسابه، أتذكر هنا كيف عاتب ربنا سبحانه وتعالى أفضل خلقه نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله (وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه) ، فكم أسرفنا وبذرنا وعصينا خشية الناس قبل الخشية من الله، لذلك جرب أن تسقط من حساباتك شيئاً اسمه خشية الناس، لأننا بالغنا في فهم العيب والتجمل حتى قتلنا البراءة والطهارة في نفوسنا، وعلى دروب الخير نلتقي ...