تعتبر صناعة الدواء من أضخم الصناعات العالمية حيث يبلغ حجم استهلاك العالم من الدواء على ما يزيد عن 300 مليار دولار سنوياً حيث تستهلك الدول الصناعية حوالي 240 مليار دولار بينما تستهلك الدول العربية حوالي 5,4 مليارات دولار سنوياً. كما حققت المبيعات العالمية ارتفاعاً في الأدوية المرخصة بنسبة 7٪ خلال عام 2004 لتصل إلى 500 مليار دولار لأول مرة. ومن المعروف ان الشركات الدوائية العالمية كانت محركاً رئيسياً لتطبيق اتفاقية التجارة العالمية وبالأخص اتفاقية حقوق الملكية الفكرية والتي تقضي بتطبيق نظام براءة الاختراع ليس فقط على عملية التوصل إلى دواء جديد بل أيضاً على المنتج الدوائي نفسه وذلك على مدى فترة حماية للبراءة لا تقل عن عشرين عاماً وهذه الاتفاقية معروفة باتفاقية (تريبس) وتثير الاتفاقية قلقاً وردود أفعال على المدى الطويل بسبب الشرط الجديد والذي من المتوقع ان يؤدي إلى زيادة كبيرة في أسعار الأدوية بنسبة تتراوح بين 50 و70٪ قياساً بالأسعار الحالية. ونجد ان اتفاقية تريبس تتجاهل الفارق العميق بين الامكانيات الاقتصادية والتكنولوجية بين دول الشمال المتقدم ودول الجنوب الأقل تقدماً وحسب احصائي للجنة الدولية لحماية حقوق الملكية الفكرية فإن عدد براءات الاختراع في الدول النامية لا يتجاوز 1,5٪ وهذا يعني ان 98,5٪ من براءات الاختراع في يد الدول الكبرى والصناعية نستنتج من ذلك ان الاتفاقية لا تعطي الجانب الإنساني البعد المطلوب وهنا تحدث المشكلة وتتحول براءة الاختراع إلى احتكار غير مبرر وبالذات إذا تعلق الأمر ببراءة اختراع دواء فعال يحتاجه ملايين الفقراء وهنا برزت مقولة (الأرباح أم الأرواح). وإذا تحدثنا عن صناعة الدواء في دول مجلس التعاون يمكن القول انه في سبيل الحد من النتائج السلبية لاتفاقية التريبس على الصناعة الدوائية الخليجية يجب الأخذ بالآتي: 1- توحيد الجهة المختصة بمنح براءات الاختراع الخاصة بالأدوية في دول مجلس التعاون. 2- توحيد الأنظمة الخاصة بحماية حقوق الملكية الفكرية للدول الخليجية. 3- توسيع قاعدة صناعة المواد الخام ودعمها مادياً وتأمين براءات اختراع لها لتصنيع المواد الخام الحديثة. 4- وضع الأنظمة والآليات التي تساعد على نقل تقنية الصناعات الدوائية إلى المصانع الخليجية مع وضع الخطط اللازمة لمواجهة زيادة الأسعار المتوقعة. 5- إنشاء مركز متخصص في مجال البحوث والتطوير للصناعات الدوائية والمنتجات المكملة لها. ويرى البعض ان اتفاقية التريبس ربما أتت بفائدة كبرى بشكل غير مباشر للدول النامية وهو الاتجاه والعودة إلى التداوي بالأعشاب والأدوية كما تفعل العديد من الدول الآن ومن بينها الهند والصين ودول الخليج العربي وذلك كرد فعل تلقائي لتجنب الأسعار المرتفعة للأدوية المستوردة. وقد ارتفعت عدد مصانع الأدوية في دول مجلس التعاون الخليجي من 18 مصنعاً عام 1995 باستثمارات بلغت 174,4 مليون دولار إلى 55 مصنعاً عام 2004 باستثمارات بلغت حوالي 793,2 مليون دولار وقد جاءت السعودية في مقدمة دول المجلس من حيث عدد مصانع الأدوية بنحو 27 مصنعاً باستثمارات بلغت 619 مليون دولار ثم تأتي الامارات في المرتبة الثانية بعدد 8 مصانع باستثمارات بلغت 600 مليون دولار ثم الكويت وقطر وعمان والبحرين. وقد بلغ معدل استهلاك الفرد من الدواء في دول مجلس التعاون الخليجي نحو 52 دولاراً وفي الدول العربية 20,3 دولاراً حيث يقدر استهلاك الدول العربية بما فيها دول مجلس التعاون بنحو 1,5٪ من الاستهلاك العالمي. وتسير صناعة الدواء في دول مجلس التعاون بصورة جيدة حيث نجد ان سوق السعودية يعتبر من أكبر الأسواق استهلاكاً للدواء بقيمة استهلاك تقدر بنحو 8 مليارات دولار سنوياً وتسجل صناعة الأدوية في الامارات مستمراً وسوف تتسارع بخطى أكبر مع افتتاح (ديبوتك) ويوجد في الكويت شركة (كبيسكو) وفي عام (الدولية للصناعات الدوائية) غير ان قطر والبحرين حتى الآن لا يوجد بهما شركات لتصنيع الأدوية. وينتقد الخبراء قطاع الصناعات الدوائية في دول الخليج لتركيزه على تحقيق الأرباح وزيادة المبيعات وتجاهل الأبحاث والتطوير المكلف إلا ان توجه دبي إلى انشاء مدينة للتقنية الحيوية والأبحاث (ديبوتيك) اعطى لصناعة العقاقير الدوائية والتقنية الحيوية في المنطقة دفعة قوية. ٭ الرئيس التنفيذي لمجموعة العثيم التجارية