لم يعد التسابق نحو الالتحاق بالكليات النظرية والعلمية هو الغاية التي يسعى لها الشباب من خريجي الثانوية العامة إذ أصبحت الغاية هي الالتحاق بكلية أو معهد تتوفر فيه وظيفة عقب التخرج وهو ما أدى الى حدوث طفرة في بعض التخصصات وغياب أيدٍ عاملة وطنية في تخصصات أخرى. وشكل الالتحاق بأقسام الحاسب الآلي والهندسة بقسميها الكهربائي والميكانيكي غاية كل شاب. ورغم تنوع الأقسام والتخصصات داخل الكليات والمعاهد الفنية ومراكز التدريب المهني التابعة للمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني إلا أن المؤسسة اعتمدت على مناهج علمية ودورات تدريبية أوجدت غياباً للتخصصات الحرفية المتمثلة في الصناعات التقليدية التي تمتاز بها كل دولة. وارتبط تحديد الأقسام باحتياجات السوق المحلية من الأيدي العاملة الوطنية دون النظر الى الاحتياجات المهنية وهو ما أثر على سوق الحرفيين فلم نعد نرى خياطاً سعودياً أو بناء سعودي أو حداد أو حتى صانعي الحلوى والمأكولات الشعبية. فالأبناء اتجهوا الى تخصصات علمية أفضل من انتسابهم لمهن آبائهم والآباء لم يعودوا قادرين على العمل أما لكبر السن أو لمرضهم. وفي كل الحالات فإن ما تركه الآباء من صناعات تقليدية قد يكون من الممكن المحافظة عليها وايجاد كوادر شابة قادرة العمل بها خاصة وان مهرجان التراث والثقافة بالجنادرية قد أوجد القاعدة الصلبة ووجه دعوة للمحافظة على الصناعات التقليدية. فكيف يمكننا إيجاد القناعة لدى الشباب السعودي بالمحافظة على الصناعات التقليدية؟ وهل نحمّل المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني وحدها مسؤولية توفير الكوادر السعودية الشابة في هذا المجال؟ ولماذا يحجم الأبناء عن حرف آبائهم؟ بداية يشير عادل عباس جادالله مدير مدرسة الى ان الصناعات التقليدية تشكل ميزة للدولة تمتاز بها عن غيرها من الدول الأخرى، والمملكة كدولة تشكل بمساحتها الشاسعة قارة تضم العديد من الصناعات التقليدية التي ان لم نسع الى المحافظة عليها من خلال ايجاد جيل ثان يتحمل المسؤولية فإننا سنفاجأ يوما ما بانقراض صناعاتنا التقليدية أو قيام مجموعة من العمالة الوافدة بالعمل بها كما هو الحال في المطابخ الشعبية إذ تحولت عملية إعداد وتجهيز المأكولات السعودية من الأيدي الوطنية إلى الأيدي الأجنبية. وقال: ليس صعباً أن نقنع الشباب بالعمل في الصناعات التقليدية فهناك رغبة لدى البعض منهم إن هم وجدوا الفرصة المناسبة في ظل شح الوظائف بالقطاعين الحكومي والخاص كما لا يمكننا أن نحمل المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني وحدها مسؤولية إعداد الكوادر السعودية إذ لابد أن تكون هناك جهات داعمة كوزارة التجارة والصناعة التي تعمل على تدعيم المنشآت الصغيرة والمتوسطة من خلال مجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية. واضاف: يتمثل دعم الوزارة المقترح انشاء مركز خاص لدعم الصناعات التقليدية واقامة معارض سنوية بكل مدينة أو منطقة على أن تتولى المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني من جانبها تنظيم دورات تدريبية للراغبين في الالتحاق بالصناعات التقليدية والا يرتبط القبول بشروط يصعب توفرها لدى الراغبين. ويرى وجدي محمد مجلد خريج جامعي ان الشباب السعودي لم يعد باحثاً عن مكتب أنيق ومكيف بقدر ما هو باحث عن فرصة عمل ولا يعني هذا أن جميع الشباب سيقبلون على العمل بالصناعات التقليدية لكن هناك نسبة عالية لن تتردد في الالتحاق متى ما وجدت الفرصة. ويؤكد وجدي على ذلك بما أصبحنا نراه بالعديد من المطاعم والفنادق من وجود نسبة من السعوديين يعملون بوظائف دنيا بهدف العمل والحصول على مرتب شهري وليس الجلوس داخل منازل أسرهم في انتظار الوظيفة التي قد تأتي بعد شهر أو عام. وما يذهب اليه كل من عادل جاد الله ووجدي مجلد يؤكده صديق بن حسن أزبك مدير مدرسة متقاعد إذ يرى من ناحيته أن العمل للشاب بأي حرفة لم يعد عيباً مهما كانت نوعية العمل. لكن العيب في أن يظل الشاب معتمداً على اسرته في توفير متطلباته على أمل أن تأتيه الوظيفة التي ينتظرها. وبين ان تأهيل وتدريب الشباب السعودي للعمل بالصناعات التقليدية لا يمكن أن نحمل مسؤوليته للمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني وحدها فهي وان نحمل مسؤوليته للمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني وحدها فهي وان كانت كجهة مسؤولة عن تدريب الأيدي العاملة الوطنية فإن هناك جهات أخرى مسؤولة معها ومنها وزارة التجارة والصناعة التي ينبغي أن تقوم من جانبها بدعم مثل هذه الصناعات للمحافظة عليها من خلال تنظيم معارض سنوية وحملات دعائية تزيد من رغبة الشباب للعمل بها.