بالموازاة مع قرب إعطاء إشارة انطلاق الحملة الوطنية الدعائية للمصالحة الوطنية تحضيرا للاستفتاء المزمع تنظيمه في 29 سبتمبر المقبل حول ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، لا تزال الحرب على الإرهاب متواصلة في العديد من مناطق الجزائر. فقد تمكنت القوات المشتركة للجيش الجزائري ، نهاية الأسبوع الماضي، بمساعدة وحدات من المظليين، طائرات ميغ 29 والمروحيات المقاتلة، و البحرية الوطنية من استرجاع قريتي عين بربار و رمانة الواقعتين على الشريط الساحلي الشمالي لمدينة عنابة ( 600 كلم شرق العاصمة)، وعلى بعد حوالي 20 كلم من القرية السياحية سرايدي التي توجد على ارتفاع 900 م على سطح البحر، بعد أكثر من عشرية من وقوعهما تحت سيطرة جماعات الموت. وتحت تهديد الجماعات الإرهابية اضطرت 160 عائلة تقطن برمانة وعين بربار إلى النزوح وترك منازلها وممتلكاتها بتاريخ 17 سبتمبر/أيلول 2003، واحتلت منازل قيد الانجاز في إطار السكن التساهمي ببلدية سرايدي، ورفضت العودة إلى مساكنها ،مما حدا بقوات الجيش إلى إقامة معسكر بالمنطقة قصد تشجيع السكان النازحين من العودة إلى مساكنهم الأصلية . وحسب الأنباء الواردة من مسرح العمليات، لم تواجه قوات الجيش أي مقاومة عنيفة من الإرهابيين، حيث شرعت في نزع الألغام التي زرعتها ألوية الموت لمنع أي توغل لقوات الأمن،كما اكتشفت وحدات الجيش قنبلتين شديدتي المفعول في محيط عين بربار ورمانة، ودمرت خمسة مخابئ عن طريق القصف الصاروخي. وخلال عملية المداهمة التي قامت بها قوات الجيش لعدة مواقع داخل جبال الايدوغ على مقبرة جماعية يعتقد أن تكون قبورا تابعة لبعض عناصر هذه الجماعة التي تعرّضت للتصفية من طرف جماعة أبو خبيب معاذ القسنطيني، كما عثر داخل هذه المخابئ التي دمرت بكاملها بعد أن تم تفتيشها من طرف قوات الأمن على حوالي 35 سريرا موزعة على مخبئين، أفرشة، مؤونة، وأدوية طبية. أما في الجهة الجنوبية والجنوبية الغربية من جبال الايدوغ بولاية عنابة فان الأمور هناك أكثر تعقيدا، وقد اضطرت قوات الأمن إلى الاستعانة بالمظليين من بسكرة وبقوات مكافحة الإرهاب من المناطق المجاورة، في انتظار إعطاء إشارة شن الهجوم النهائي على قلاع الإرهابيين. وحسب خبراء الشأن الأمني، فقد أعلنت هذه المواقع مناطق محررة منذ أكثر من عشرية، وتمكن الإرهابيون طيلة هذه المدة من السيطرة على عديد المناطق من الغابات الكثيفة في جبال الايدوغ، وكانت هوايتهم الوحيدة زرع الرعب القتل وابتزاز المواطنين وزراعة القنابل على كامل محيط منطقة نفوذهم لثني قوات الأمن على التوغل نحو قيادة قواعدهم. كما واجهت قوات الأمن المشتركة صعوبات كبيرة في التوغل داخل هذه الجبال المعروفة بغاباتها الكثيفة وصعوبة مسالكها نظرا لتعمد الجماعات الإرهابية زرع الألغام والقنابل التقليدية لشل حركات قوات الأمن، بدليل تعرض نهاية الأسبوع الماضي ستة عناصر من الدفاع الذاتي لجروح متفاوتة الخطورة بعد انفجار قنبلة كانت مزروعة على المسلك المؤدي إلى أعالي جبل عين بربر، نقلوا إلى المستشفى للعلاج. وسمحت عمليات اقتحام المواقع الإرهابية،بعد القصف الكثيف، من الوصول إلى مواقع لم يسبق وأن وصلت إليها قوات الأمن، كما سمع صراخ النساء وبكاء الأطفال بالغرب من المواقع التي مشطت من طرف القوات المشتركة، وهو ما يؤكد فرضية وجود إرهابيين كانوا يعيشون مع عائلاتهم في هذه المواقع. ومن جهة أخرى، اكد أبو جرة سلطاني رئيس حركة مجتمع السلم، أمس، أن مشروع ميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذي يرفع لواءه الرئيس بوتفليقة، من شأنه استقطاب العشرين بالمائة من الإرهابيين الذين مايزالون ينشطون في الجبال، على أن الثمانين بالمائة تكفل بها قانون الوئام المدني سلفا، وقد أعطى خلال لقاء تحسيسي بإطارات حركته نهاية الأسبوع المنصرم ، توجيهات لإطارات الحركة في العاصمة من أجل الشرح الموحد لمشروع الميثاق وإضفاء فهم واحد أو مقارب له وتوحيد مفردات الخطاب السياسي أثناء الحملة الدعائية للمصالحة التي ستنطلق في 29 أغسطس الجاري.