قدر اقتصاديون الاستثمارات المطلوبة في قطاعات الطاقة في منطقة الخليج حتى عام 2009م بنحو 180 مليار دولار توجه 25 في المائة منها لقطاعات التنقيب والإنتاج وأغلبها سيمول ذاتياً، ونحو 50 في المائة ستوجه إلى قطاعات تكرير وتوزيع النفط والغاز. وفي السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم تعتزم شركة أرامكو الحكومية النفطية استثمار مليارات الدولارات لزيادة الطاقة الإنتاجية إلى 5,12 ملايين برميل يومياً من 11 مليوناً حالياً. ويقول المحللون ان دول الخليج العربية تتوسع وهي على ثقة من استمرار ارتفاع أسعار النفط لفترة طويلة في الانفاق على تحديث قطاعات الطاقة وغيرها من قطاعات البنية الأساسية المهمة بعد الحرص في الانفاق الذي اتسمت به على مدى سنوات. ويعمل منتجو النفط في الخليج الذين تدعموا بارتفاع الأسعار بنحو 50 في المائة هذا العام إلى 66 دولاراً للبرميل على زيادة الطاقة الإنتاجية لملاحقة الطلب العالمي والاستثمار في مشروعات التكرير والتوزيع لتنويع النشاط وتوفير فرص عمل.. وقال دانيال حنا الاقتصادي المختص بالشرق الأوسط في بنك ستاندرد تشارترد على مدى العامين الماضيين كانت هناك شكوك حول ما إذا كان ارتفاع أسعار النفط حقيقياً ومستمراً. والتحول يبدأ هذا العام وهناك اعتراف بأن أسعار النفط تتجه للارتفاع بدرجة أكبر وأننا نحتاج لزيادة في الإنتاج. وأضاف نحن على وشك أن نشهد انفاقاً كبيراً من جانب الدول على مدى الأعوام القليلة المقبلة حتى إذا انخفضت أسعار النفط بحدة فالإيرادات مرتفعة بدرجة تسمح باستمرار الانفاق. وتتسم مراحل ما بعد ارتفاع أسعار النفط بتقلبات حادة في الأسعار لكن المحللين يتوقعون أن تظل الأسعار مرتفعة في الوقت الراهن بسبب الضغوط على الإنتاج والمصافي والنمو المتسارع للطلب في آسيا.. ويرى اقتصاديون ان أي سعر أعلى من 30 دولاراً للبرميل سيسمح لحكومات الخليج بتحقيق التوازن في ميزانياتها وتوقعوا أن تحقق فوائض حتى نهاية هذا العقد. وعلى مدى الأعوام الخمسة الماضية تجاوز صافي إيرادات منتجي الشرق الأوسط ومنهم إيران والعراق تريليون دولار.. ووفقاً لمسؤول من الشركة العربية للاستثمارات البترولية التي تملكها عشر من الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك فإن الارتفاع الراهن في أسعار النفط سيستمر على مدى الأعوام الخمسة المقبلة ليس عند مستوى 67 دولاراً للبرميل بل حول ما بين 45 و50 دولاراً. وأشارت مجموعة سامبا المالية في تقرير لها إلى أن أكبر تدفق نقدي في الاقتصاد السعودي هذا العام جاء من جانب أرامكو.. وأضافت ان أثر ارتفاع عائدات النفط سيبدأ في الظهور العام المقبل.. وتوقع أن يكون هذا العام قياسياً في التاريخ الاقتصادي للمملكة العربية السعودية فأسعار النفط ستظل مرتفعة والازدهار الاقتصادي القائم سيبقى لفترة للعقد المقبل.. وان الحكومة تستخدم ايرادات النفط الإضافية لتسديد الديون وزيادة الاحتياطيات بالعملة الأجنبية.. وتعتزم الإمارات زيادة طاقتها الإنتاجية إلى ثلاثة ملايين برميل يومياً في الأعوام الثلاثة أو الخمسة المقبلة ومن المتوقع أن تنفق الكويت نحو 40 مليار دولار على قطاع الطاقة على مدى 15 عاماً. واضاف الاستشاريون الاقتصاديون ان المنطقة ستشهد استثمارات في الطاقة الإنتاجية والصيانة في قطاعات التنقيب والإنتاج واستثمارات كبيرة كذلك في البتروكيماويات والمصافي لكن المحللين حذروا من أنه رغم تزايد الأموال في خزائن دول الخليج إلا أنها يجب ألا تتراخى فيما يتعلق بالإصلاح الاقتصادي. وقالوا إن بعض الدول مثل الإمارات والكويت زادت الدعم والأجور وتوجهت اغلب الإيرادات من الارتفاعات السابقة في أسعار النفط الى تمويل نظام للرعاية الاجتماعية في أغلب دول الخليج بدعم سخي وجلب عمالة من الخارج مما صعب على اقتصاد هذه الدول التأقلم مع فترات انخفاض الأسعار. وتضررت دول الخليج بشدة من انخفاض أسعار النفط في عامي 1997 و1998 مما اضطرها لاتخاذ خطوات نحو الاصلاح وبدأت في الادخار واستخدام ايرادات النفط في سداد ديونها. وقال جاسم السعدون الاقتصادي الكويتي البارز ان دول الخليج ظلت في الفترة من 2000 الى 2002 تتعامل بشيء من الحذر بسبب ما حدث في أواخر التسعينات.