في كثير من أمراض المفاصل وخصوصاً التي تصيب العامود الفقري سواءً في الفقرات العنقية أو الفقرات القطنية يكون هناك ضغط على الأعصاب الطرفية ممايؤدي إلى ظهور آلام في الطرف العلوي واليدين في حالات الضغط على الأعصاب في الفقرات العنقية وفي الطرف السفلي والساقين والقدمين في حال الضغط على الأعصاب في الفقرات القطنية. وهناك العديد من الأمراض التي تؤدي إلى مثل هذا الضغط على الأعصاب مثل مرض الانزلاق الغضروفي أو الدسك والمعروف عند العامة بمرض عرق النسا. كذلك مرض ضيق القناة الشوكية في الفقرات العنقية أو في الفقرات القطنية. كذلك مرض تزحزح وخلخلة الفقرات سواءً في الفقرات العنقية أو الفقرات الصدرية أو الفقرات القطنية. هذه الأمراض تؤدي إلى ضغط على أجزاء من الأعصاب التي تغذي اليدين أو الساقين وبالتالي إلى ظهور هذه الأعراض فيها. وعادة مايشتكي المرضى أو المريضات الذين يعانون من آلام نتيجة إنزلاق غضروفي أو ضيق في القناة الشوكية في الفقرات العنقية من آلام تمتد من قاعدة العنق وتمر بالكتف ثم الذراع والساعد وتنتهي بالأصابع. هذه الآلام تزداد في وضعيات معينة من حركة الرقبة وقد يصاحبها شعور بتنمل وخدر في اليد. أما بالنسبة للضغط الناتج عن أمراض الفقرات القطنية وأسفل الظهر فإن المريض يشتكي من آلام في الجزء الخلفي من أسفل الظهر أو مايعرف باسم زر الورك تمتد خلف الفخذ ثم تمتد إلى الساق ثم إلى القدم والأصابع وأيضاً قد يصاحبها بشعور بخدور وتنمل وتزداد حدتها مع الوقوف والمشي. وفي الحالات الشديدة فإن المريض لايستطيع المشي ولو لخطوات بسيطة قبل أن يشعر بهذه الآلام في الساقين. ومع مرور الوقت تزداد شدة المرض وتزداد حدة الآلام عند الغالبية العظمى من المرضى. الخطة العلاجية عادةً مايبدأ علاج المرضى بالعلاج التحفظي غير الجراحي الذي هو عبارة عن تناول أدوية مسكنة وأدوية مرخية للعضلات وأدوية مضادة لالتهابات العضلات والمفاصل بالإضافة إلى الكمادات واللزقات والمراهم الموضعية والجلسات العلاج الطبيعي والأحزمة الطبية بجميع أنواعها. إلا أن كل هذه الطرق لاتؤدي إلى إزالة الضغط عن العصب ولا تؤدي إلى تثبيت الفقرة وإنما تؤدي إلى إزالة الألم. وفي الحالات البسيطة فإن الإلتهاب الناتج عن ضغط العصب قد يزول وقد يتحسن المريض لفترات تمتد إلى شهور أو سنوات ولكن مع مرور الوقت سوف تعود هذه الأعراض وعند الغالبية العظمى من المرضى فإنها تعود بمجرد التوقف عن تناول العلاج. وكما هو معروف أن الأدوية المسكنة بغض النظر عن نوعيتها قد تكون لها آثار سلبية وجانبية عند تعاطيها لفترات طويلة وبكميات كبيرة وخصوصاً عند المرضى الذين لديهم مشاكل في القلب أو في الكلى أو في الكبد أو في الرئتين. بالإضافة إلى ذلك فإنه حتى في المرضى الذين ليست لديهم أية مشاكل صحية فإن حالات الضغط على العصب المتقدمة لن تستجيب لهذه الأدوية وسوف يقوم المريض بتناول الأدوية بكميات كبيرة دون فائدة وبدون أن يشعر بتحسن ملحوظ في صحته. وهنا نستطيع أن نقول إن العلاج التحفظي بالطرق السابقة قد فشل ويجب اللجوء إلى الخطوة التالية من العلاج. التدخل الجراحي بالطبع فإن التدخل الجراحي قد يكون ضرورياً جداً في الحالات المزمنة أوالمستعصية والتي لاتستجيب للطرق التحفظية والتي يصبح الألم فيها شديداً بحيث يؤثر على حياة المريض أو يتسبب في شلل جزئي أو كامل في أحد الأطراف. وعلى الرغم من التقدم الكبير في هذه العمليات إلا أنه في بعض الأحيان قد يكون المريض متردداً ولا يرغب في إجراء العملية الجراحية أو قد تكون هناك عوامل تؤدي إلى عدم استطاعة المريض تحمل الجراحة مثل أمراض القلب الشديدة المزمنة أو أمراض الكلى الشديدة المزمنة وغير ذلك من الأمراض التي تعوق عملية التخدير وإجراء الجراحة. وفي هذه الحالات يصبح هناك خيار وحيد غير التدخل الجراحي وغير تناول الأدوية ألا وهو تحويل مريض إلى عيادة الألم. عيادة الألم وتسمى عيادة الألم ولكنها في الحقيقة تكون عيادة تحت إشراف استشاري تخدير أو تأهيل طبي متمكن ومتمرس ويكون قد تدرب تدرباً دقيقاً وشاملاً على إعطاء الحقن الموضعية التي يتم استخدامها للتحكم بالألم في العديد من المشاكل الصحية والأمراض. وهنا سوف نركز على الجزء الخاص بمشاكل العظام والعامود الفقري. ففي الحالات التي ذكرنا سابقاً التي لاتستجيب للعلاج التحفظي ولانستطيع إجراء جراحة فيها لسبب ما فإن استشاري الألم يستطيع بإذن الله تعالى أن يساعد المريض أو المريضة على التحسن فترات طويلة قد تمتد إلى أشهر أو سنين حسب شدة المرض. ويكون التدخل عن طرق إعطاء حقن موضعية في المنطقة المريضة وحول المنطقة العصبية الملتهبة والتي يكون فيها ضغط. هذه الأدوية هي عبارة عن أدوية مضادة لالتهابات الأعصاب والمفاصل والعضلات تعطى بكمية صغيرة هو بشكل دقيق جداً في المنطقة المريضة الملتهبة ممايؤدي إلى مفعول قوي وسريع وطويل الأمد بإذن الله في أن يخف الالتهاب والتهيج والتورم حول العصب المريض وبالتالي يؤدي إلى تحسن في الأعراض التي يشعر بها المريض بإذن الله. وهذه الإبرة يمكن إعطاؤها في منطقة الفقرات العنقية ومنطقة الفقرات القطنية عن طريق استشاري الألم. بالإضافة إلى ذلك فإنه يمكن إعطاؤها في كثير من الأجزاء الأخرى في الجسم مثل مفصل الورك أو المفصل العجزي الحرقفي. وهذه الإبرة ذات نسبة أمان عالية بإذن الله لأنه يتم إعطاؤها من قبل استشاري متمرس ولأنها تحمل كمية بسيطة جداً من العقاقير وبالتالي فإن مفعولها سريع وقوي وطويل بإذن الله. وعند مقارنتها بالأدوية التي يتم إعطاؤها عن طريق الفم وتذهب إلى المعدة والأمعاء والإثنى عشر والكلى والكبد وغير ذلك من أجزاء الجسم وقد تسبب آثاراً جانبية لهذه الأجزاء قبل أن تذهب مكان المرض وتعمل عليه فإن الإبرة هي ذات مفعول أقوى ونسبة أمان أفضل ومضاعفات أقل من تناول الحبوب لفترات طويلة. وعادةً مايضع الطبيب خطة علاجية لهذه الحقن فهو قد يقوم بحقنها ثلاث مرات على مدى ثلاثة أشهر أو لفترات أقرب أو أبعد حسب حالة المريض. وعادةً مايتم إعطاء هذه الإبرة تحت تخديرموضعي بسيط ولا تصاحبها آلام شديدة ويستطيع المريض الذهاب إلى البيت في نفس اليوم. وفي الواقع أن عيادة الألم تساعد بعد الله تعالى في تخفيف الأعراض عن كثير من المرضى الذين يعانون من مثل هذه المشاكل والذين لايستطيعون تحمل العمليات الجراحية. وبالإضافة إلى إعطاء الإبر الموضعية التي ضربنا عليها أمثلة فيما سبق فإن إستشاري الألم يستطيع استخدام أدوية قوية ومسكنة للآلام لا يمكن لغيره من الأطباء إستخدامها نظراً لأن مفعولها قوي ويجب إعطاؤها تحت إشراف إستشاري مختص وبمراقبة دقيقة. هذه العقاقير القوية إذا ماتم إستخدامها تلقائياً فإنها قد تؤدي إلى مشاكل بل إلى إدمان لاسمح الله. ولكن عندما يتم صرفها للمريض المحتاج وبكميات معينة ودقيقة وبإشراف تام ومتابعة دائمة من قبل استشاري الألم فإنها تكون مفيدة وفعالة في تخفيف الأعراض وعلاج الكثير من المرضى بإذن الله. النصائح والتوصيات في الواقع أن عيادة الألم هي أحد أهم الأسلحة الموجودة في المجال الطبي لمقاومة الكثير من الأمراض التي تصيب العظام والعامود الفقري. وعلى عكس مايتصوره الناس من أن هذه العيادة والإبر التي يتم استخدامها فيها هي ذات خطورة عالية وقد تسبب الشلل لاسمح الله فإنه بعكس ذلك تماماً فهي ذات نسبة نجاح كبيرة وذات نسبة أمان كبيرة بإذن الله ويتم إعطاؤها عن طريق زملاء متمكنين ومتمرسين في مثل هذه الإجراءات. وفي كثير من المرضى فإن عيادة الألم هي الحل الوحيد بإذن الله تعالى لمساعدة المريض والمريضة اللذين لايستجيبان للأدوية ولايستطيعان تحمل العملية الجراحية.