اصبحت كلبة، اوتيت من الوفاء ما الله به عليم، عيناً مبصرة وخليلاً محبوباً لكلب آخر،والاعجب من ذلك ان تلك الكلبة النادرة التي تسمى «حبة الفستق» لم يتم تدريبها على مهام قيادة المكفوفين ولاكيفية مساعدة صديقها الاعمى الكلب اوريو. تقول صاحبتهما بيفرلي نيل، من مدينة ماريفيل بولاية تينيسي الامريكية: «انها علاقة متميزة. فهما يتحدثان «لغة نباح» اختلقاها من وحي افكارهما. ف«اوريو» يذهب فقط في الاتجاه الذي تحدده له «حبة الفستق» لا يأكل الا ما تقدمه اليه صديقته من طعام. وهي تحذره عند صعود الدرج او هبوطه، او عند ظهور اية عوائق في طريقهما». وكانت قصة هذين الكلبين الغريبين قد بدأت قبل اسبوع من ليلة ذكرى الميلاد الفائتة، عندما شعرت بيفرلي وجودهما امام باب منزلها بحثاً عن طعام. وقد صادفت تلك الليلة الذكرى العاشرة لميلاد اختها جيسيكا. وكانت جيسيكا، التي اشتهرت بين افراد عائلتها وصديقاتها بحبها للحيوانات الاليفة هي اول من ابصر الضيفين العزيزين تقول بيفرلي «جيسيكا هي التي اعطتها اسميهما، وكان كل منهما يناسبه اسمه، وكانت «حبة الفستق» اول من الفت صحبتنا عندما قدمنا لها طعام الذي التهمته بسرعة من شدة جوعها». ثم قالت جيسيكا لأمها «راقبي هذه الكلبة جيداً، انها لن تأكل ولن تهنأ بالوجبة الا بوجود صاحبها، وانها سوف تذهب لتجيء به.وبالفعل، اختفت «حبة الفستق» ولم تحضر الا برفقة صديقها «اوريو» واستمتعا معاً بالوجبة الدسمة». وبعد ان انهيا وجبتهما وكزت «حبة الفستق» «اوريو» بكل رفق ودفعته امامها بحثاً عن ملاذ آمن لهما». تقول بيفرلي «تعلق قلبي بهما اعجاباً من شدة اخلاصهما لبعضهما، وكم سألت نفسي «ايوجد مثل هذا الوفاء الغريب بيننا نحن بني البشر؟!!!». وكانت درجة الحرارة بالخارج 17درجة فهرنهايت. ولاشك انهما لن يقدرا على العيش ولو لبضعة ايام في مثل هذا الجو القاسي». «لذا جهزت لهما سريرين في مرآب السيارة الذي بات مأوى لهما منذ ذلك الوقت. واللافت انهما استطاعا تطوير لغة التواصل الخاصة بهما». وتضيف بيفرلي «بل الاغرب من هذا كله انهما لاينبحان ولا يتسببان في وجود قاذورات او حفر في البيت او المنطقة المحيطة به أبداً. وذلك بفضل الارشادات التي يتلقاها «اوريو» من صاحبته، حيث انه يتصرف كما يجب بمجرد سماعه«كلمات» بسيطة ومحددة من «حبة الفستق». يشار الى ان هذين الكلبين المتحابين عاشا فترة من الزمن كمشردين قبل ان توفر لهما بيفرلي ملجأً. وكانا يعانيان من التهاب في الاذن وزكام ونزلة برد بسبب شدة برودة الجو، وقد نهشت لحومهما البراغيث والقراد،ولايعلم احد حتى الآن من اين جاء هذان المخلوقان. ولسوء الحظ، لاتملك عائلة نيل حديقة او مساحة مسورة تصلح لاقامة «حبة الفستق» و «اوريو» لذا فهم الآن بصدد العثور على مكان مناسب لاقامتهما الدائمة. وفي الوقت الذي يظن فيه معظم البياطرة ان استعادة «اوريو» لبصره مسألة «ميئوس منها»، الا ان آخرين يرون امكانية ذلك اذا تمت ازالة المياه الزرقاء من عينيه لأن الشبكية في كلتا العينين لاتزال سليمة». تعلق بيفرلي على ذلك بقولها «يكون جميلاً لو منح «اوريو» هذه الفرصة حتى يسعد برؤية صاحبته التي اوفت له كل هذا العمر». وقد قامت بيفرلي بفتح حساب خيري في احد المصارف المحلية لصالح الكلبين حتى يتسنى توفير مسكن لهما وعلاج ل«اوريو». تقول سو سولتر مديرة جمعية حقوق الحيوان في ماريفيل «ان قصة هذين الكلبين من اعجب ما سمعت عن قصص الوفاء والاخلاص في حياتي وهما يستحقان المساعدة فعلاً». اما ويل ستمبف مدير جمعية مخصصة لمساعدة الكلاب الضالة في ولاية تينسي «اشتهرت قصة «حبة الفستق» و «اوريو» وذاع صيتهما بين الناس من فرط الوفاء الذي اظهرته «حبة الفستق» لصاحبها. وقد حظيا باهتمام بالغ بين القائمين على امر العناية بالحيوانات الاليفة. وقد اشتهرت كلاب الرعي بوجه عام بالذكاء والحساسية المرهفة ازاء تلبية احتياجات بعضهما كما عرفت كذلك بالقدرة على حل مشاكل الآخرين. ولم تبالغ «حبة الفستق» عندما مارست هوايتها النابعة من الفطرة التي فطرت عليها. ولكنها وجهتها خير توجيه لمخلوق يستحقها فعلاً».