تُعدُّ فكرة "سحور العمل" في شهر رمضان من الظواهر الجميلة التي فرضت وجودها الحاجة، خاصَّة لمن يقضون هذه الفترة في أماكن عملهم، إلى جانب ما فيها من تعميق وتوثيق الروابط والتواصل وتبادل الخبرات والأفكار بين أصحاب الأعمال في مختلف القطاعات، وكذلك ما يتم عبره من توجيه الدعوة للعديد من أفراد المُجتمع عبر دعوات مُسبقة الدفع يعود ريعها لصالح احدى الجمعيَّات المُنظِّمة له، كما يتم خلاله توجيه الدعوة إلى عددٍ كبير من سيدات الأعمال، حيث تتم استضافتهنَّ وسط أجواء رمضانيَّة مُميَّزة على مائدة مفتوحة، يتبادلن الخبرات و يتجاذبن أطراف الحديث حول العديد من قضايا الساعة في المُجتمع، حيث من المُمكن جداً خروجهنَّ بنتائج أو قرارات خاصَّة أو عامَّة يُباشرن تطبيقها فوراً أو بعد انتهاء الشهر الفضيل. سحور عمل وقالت "عالية الشلهوب" -كاتبة اقتصاديَّة-:"دُعيت إلى سحور عمل نظَّمه مجلس الغرف السعودية، وهو أمرٌ جيِّد من شأنه تقوية الأواصر الأخويَّة بين سيدات المجتمع وبناء علاقات جديدة فيما بينهن، إلى جانب إتاحة الفرصة للمدعوَّات للاطلاع على العديد من النشاطات النسائيَّة التي ينظمها مجلس الغرف ومشروعاته المقبلة"، مُشيرةً إلى أنَّ من الأمور الجيدة التي لاحظتها في هذا المحفل استعانة مجلس الغرف بفرق من الفتيات السعوديات لتنظيم وتصوير الحدث، كذلك دعوة عدد من شابات الأعمال لعرض مشروعاتهن الطموحة على سيدات الأعمال للحصول على دعمهن في هذا الجانب. وأضافت أنَّ "سحور العمل" يُعدُّ فُرصةً سانحةً لاستثمار الوقت في رمضان لمناقشة العديد من الموضوعات والقضايا المطروحة، لافتةً إلى أنَّ أهم مُقوِّمات نجاح "سحور العمل" هو وجود جدول زمني مُحدَّد يتم من خلاله استغلال الوقت؛ وذلك لتلافي الإطالة غير المُبرَّرة، إلى جانب اختيار الشخصيَّات المدعوة التي تناسب مجال الموضوع، وكذلك تنوُّع مجالاتها؛ من أجل بناء علاقات جديدة وجيِّدة مع الآخرين، مُبيِّنةً أنَّ اختيار هذا الوقت لتنظيم هذه اللقاءات يكون -عادةً- نتيجة ضيق الوقت أثناء فترة الإفطار، إلى جانب حرص العديد من السيدات على قضاء هذه الفترة وسط أفراد الأسرة. سحور أفراد ومن بين أنواع "سحور العمل" ما يحرص على تنفيذه بعض الأفراد وليس الجهات أو المُؤسسات في المُجتمع، وفي هذا الشأن بيَّنت "علويَّة عبدالفتاح منقل" -سيدة أعمال، وصاحبة أول مخبز نسائي في المملكة- أنَّ الوقت المُناسب لاجتماع سيدات الأعمال يمتد ما بين ال(10) إلى الثانية صباحاً، مشيرة إلى أنَّ بركة شهر رمضان تكون على مستوى الزمان والمكان، كما تكون الأنفس في أعلى درجات رقيِّها، وقابليَّة التسامح والعطاء والتغاضي وحماسة الإنتاج كما يكون العمل في أوَّجه". وقالت إنَّ شهر رمضان هو شهر الخيرات والبركات، لافتةً إلى أنَّها لبَّت الدعوة لحضور العديد من دعوات السحور، كما نظَّمت بنفسها لقاءات أخرى في هذا الجانب، مُبيِّنةً أنَّها حقَّقت من وراء ذلك العديد من المكاسب الدينيَّة والدنيويَّة، وأبرمت العديد من الصفقات التجاريَّة على موائد السحور، مُؤكِّدةً أنَّ التوفيق في ذلك يرجع إلى الله -سبحانه وتعالى- قبل كُلَّ شيء وأيَّدتها في ذلك "أمل محمد زاهد" سيِّدة أعمال، وصاحبة احدى المؤسسات الكبرى-، حيث قالت: "شاركت في العديد من مناسبات سحور العمل، وإن كنت لا أرى أنَّ فيه جوانب عمل محضة، بل إنَّ ما يتم خلاله هو تبادل الأفكار والخبرات"، مُضيفةً أنَّه يعمل على توسيع دائرة المعارف ومصادر المعلومات والأخبار، أكثر من كونه وقت يتم خلاله إبرام العديد من الصفقات. سحور خيري ويوجد من بين أنواع "سحور العمل" ما يُصطلح على تسميته ب"السحور الخيري"، وهو سحور يتم عبره توجيه الدعوة للعديد من أفراد المُجتمع عبر دعوات مُسبقة الدفع يعود ريعها لصالح الجمعية المُنظِّمة للسحور، ويقام هذا النوع في أحد الفنادق أو القاعات الكُبرى، ويعتمد نجاح هذا النوع على عدد الحضور، ومن أمثلته: السحور الذي نظَّمته "الجمعيَّة السعوديَّة لمرض الزهايمر" في ال(10) من رمضان الحالي، بقاعة "المُلتقى" بالرياض، وعنه قالت "رنا المرعي" -مديرة الشركات الإستراتيجيَّة والشؤون الإعلامية بالجمعية-:"كان السحور تحت رعاية صاحبة السمو الملكي الأميرة جواهر بنت نايف بن عبدالعزيز آل سعود -رئيسة مركز الأميرة جواهر لمشاعل الخير-، مُضيفةً أنَّه من بين الفعاليَّات التي اشتمل عليها هذا المُلتقى، العرض المرئي عن مرض "الزهايمر"، إلى جانب تقديم مجموعة من الأطفال لعمل فنيّ قصير عبارة عن وقفة حول بر الوالدين، مُوضحةً أنَّ ريع السحور عاد لدعم مشروع "وقف الوالدين"، الذي أنشأته الجمعيَّة مُؤخراً. سحور بروتوكولي وأخيراً فإنَّ النوع الأخير من "سحور العمل" هو ما يُمكن تسميته اصطلاحاً ب"السحور البروتوكولي"، ويتم عبره توجيه الدعوة لعدد من أعضاء السفارات والقُنصُليَّات والمُمثليَّات الأجنبية، ويهدف هذا النوع في المقام الأول بحسب "فاتن عبدالبديع اليافي" -سيدة أعمال، وصاحبة مكتب استشاري للمسؤوليَّة الاجتماعيَّة وحوكمة الشركات- إلى تدعيم العلاقة بين الدولة الخارجيَّة وبين أبناء الوطن، مُضيفةً أنَّه يتضمَّن -أحياناً- مناقشات خاصَّة بتيسير المُعاملات التجاريَّة والاقتصاديَّة بين البلدين، مثلما حدث حين دعا القُنصُل الأمريكي بعض أبناء المملكة مؤخراً للتعارف وبناء علاقات عمل جيِّدة.