تنفرد الأرض من بين كواكب المجموعة الشمسية باحتوائها على كميات كبيرة من الماء في الحالة السائلة. ولكن كيف تنفرد الأرض من بين جميع الكواكب بقدرتها على الاحتفاظ بكميات كبيرة من الماء في جميع حالاته الأساسية الثلاث وهي الحالة البخارية والسائلة والصلبة؟ إن هذا السؤال الذي تصعب الإجابة عنه بسهولة هو أن الله قد أراد لهذا الكوكب الأزرق أن يحتضن الحياة بجميع أشكالها، وهو الذي وضع في هذا الكوكب أسرار قدرته لاستمرار الحياة على هذا الكوكب إلى أجل لا يعرفه إلا الله جلت قدرته. ويوجد في المحيطات كل الماء الموجود في الأرض تقريباً، حوالي 97.2 %، أما الثلاجات والقارتان المتجمدتان ففيهما حوالي 2.15%، ومن ثم فإن حوالي 99.35% من كل الماء مقيد إما بالمحيطات وإما بأجزاء الأرض المتجمدة. أما النسبة المتبقية وهي 0.65% فإنها موزعة على جميع المظاهر المائية الأخرى. وتشمل هذه النسبة مياه جميع بحيرات العالم وأنهاره الكبرى والجداول والمجاري المائية والمستنقعات والبرك المائية والطينية والثلج والبخار الموجود في الجو، والرطوبة الموجودة في اليابسة، والمياه الجوفية التي تزود آبارنا وتساعد في تغذية المجاري المائية. وتسهم المياه الجوفية بنسبة 97% من هذه الكمية المتبقية بعد طرح مياه المحيطات والقلنسوتين الجليديتين والثلاجات من المجموع الكلي للمياه في العالم. ويسير الماء وفق نظام دقيق يسمى الدورة الهيدرولوجية، حيث يعقب فيها البخر من السطح سقوط المطر. والماء المتصاعد من سطح الأرض لابد أن يعود بكمية متساوية. إنها دورة مائية دائمة ليست لها بداية أو وسط أو نهاية... ولابد للمحافظة على هذه الدورة أن يوجد في أية لحظة متوسط قدره (3100) ميل مكعب من الماء موزع في جميع أرجاء الغلاف الجوي للكرة الأرضية. وهذا الماء يكون في صورة بخار أو قطرات صغيرة. وعلى الرغم من أن هذه الكمية تبدو هائلة، فإنها لا تتجاوز جزءاً من ألف جزء من 1% من مياه العالم، وهي نسبة صغيرة بالمقارنة بحجم الغلاف الجوي. ولو أن كل البخار الموجود في الغلاف الجوي وقطرات الماء في السحب سقطا فجأة على هيئة مطر مستمر لغطّت الأرض كمية الماء المحمولة وقدرها 3100 ميل مكعب بوصة واحدة فقط أي حوالي (2.5سم). ومع ذلك فإن دورة الماء الجوي سريعة، إذ إن كل الماء يسقط من السماء في اثني عشر يوماً (12 يوماً) في المتوسط، ويعوضه البخار من سطح البحار والمحيطات باستمرار، فسبحان الله العظيم!.