يعرف البلوغ بأنة الفترة الانتقالية من مرحلة الطفولة إلى مرحلة النضوج حيث تحدث تغيرات في الجسم ونمو سريع للعظام والعضلات ويتغير شكل وحجم الجسم وكذلك نمو قدرة الجسم على التكاثر. ويحدث البلوغ بشكل طبيعي مابين عُمر 8 سنوات و16 عاماً للبنات ومابين 9 أعوام و14 عاما للأولاد. ولكن تشير الدراسات الحديثة ان علامات البلوغ الطبيعي مابين سن السادسة والثامنة من العمر خصوصاً في الفتيات ذوات البشرة السمراء. ويعرف البلوغ المبكر بحدوث تغيرات البلوغ الجسمية قبل سن الثامنة للبنات وقبل سن التاسعة للأولاد. ويحدث البلوغ المبكر في البنات بنسبة أعلى من الأولاد. وفي معظم الحالات للبلوغ المبكر يكون السبب غير معروف وفي النادر يكون السبب وجود علة صحية مثل حدوث أمراض العدوى واضطرابات الهرمونات أو وجود أورام في الغدد التناسلية، وكذلك حدوث أورام أو إصابات بالدماغ. وفي حالة حدوث البلوغ المبكر يجب الإسراع في إجراء التقييم الطبي الشامل للبحث عن الأسباب والبدء بالعلاج والذي في الغالب يشمل المستحضرات العلاجية لتأخير النمو المتسارع بالإضافة للدعم النفسي للتعامل مع التغيرات الجنسية التي تحدث في هذة الفئة من الأطفال بالمقارنة مع اقرانهم الطبيعيين. وعلامات البلوغ المبكر في الفتيات تشمل نمو الثديين وحدوث أول دورة شهرية. أما بالنسبة للأولاد فيحدث تضخم في الخصيتين والعضو الذكري ونمو شعر الوجه خصوصاً فوق الشفة العليا بالإضافة لخشونة الصوت. والتغيرات التي تظهر في البنات والأولاد معاً فتشمل نمو شعر العانة والإبط وتسارع نمو الجسم وحدوث حب الشباب وتغير رائحة الجسم. البلوغ الطبيعي: ولمعرفة أسباب البلوغ المبكر فإنه من المفيد معرفة كيف يحدث البلوغ بشكل طبيعي حيث تحدث عملية فسيولوجية معقدة في محور مابين منطقة في وسط الدماغ تعرف بتحت المهاد (Hypothalamus) والغدة النخامية ( Pituitary glands) والغدد التناسلية ( Gonads). يبدأ الدماغ بإفراز الهرمونات المحفزة (GNRH) والتي تنشط الغدة النخامية لإفراز هرموني (LH وFSH) المحفزان للغدد التناسلية حيث يقوم المبيض بإفراز هرمون الاستروجين الذي يؤدي إلى نمو وتطور الخصائص الجنسية للفتيات وتقوم الخصية بإفراز التستسترون الذي يؤدي إلى نمو وتطور الخصائص الجنسية للأولاد، كذلك تقوم الغدة الكظرية والتي توجد فوق الكلية بإفراز هرموني الاستروجين والتستسترون. ونظراً لإنتاج هرموني الاستروجين والتستسترون في الجسم تحدث تغيرات النمو الجسمانية. والسبب في حدوث هذة العملية مبكرا لدى بعض الأطفال يعتمد على نوع البلوغ المبكر، حيث يوجد بلوغ مبكر مركزي وبلوغ مبكر طرفي. ففي البلوغ المبكر المركزي يبدأ كامل المحور الدماغ (تحت المهاد) الغدة النخامية الغدد التناسلية بالنشاط والعمل مبكراً معاً. وفي معظم هذه الحالات لا يوجد هناك علل مرضية ولا يعرف سبب لماذا بدأ هذا المحور بالنشاط والعمل مبكرا. ولكن في حالات نادرة يكون سبب البلوغ المبكر المركزي حدوث أورام في الدماغ أو الحبل الشوكي أو بسبب حدوث التهاب في الدماغ أو حدوث الحمى الشوكية. بإلاضافة لوجود عيوب في الدماغ مند الولادة مثل حالات استسقاء الدماغ أو وجود أورام حميدة أو في حال تعرض الدماغ والحبل الشوكي للإشعاع وكذلك في حالة تعرض الدماغ والحبل الشوكي لإصابة أو حدوث انسداد للدم المغذي للجهاز العصبي. وتحدث أيضا في متلازمة ( ماكين البريت) وهي مرض خلقي يؤثر على العظام والجلد بإلاضافة إلى حدوث اضطرابات في الهرمونات. كما قد يكون السبب فرط تنسج الغدة الكظرية أو خمول الغدة الدرقية. البلوغ المبكر الطرفي يحدث بنسبة اقل من البلوغ المبكر المركزي وفي هذة الحالة لا يكون السبب من الدماغ وإنما تكون العلة في الغدد النخامية أو الكظرية أو التناسلية والتي تفرز هرموني الاستروجين والتستسترون. حيث قد تحدث أورام في هذة الغدد أو قد يكون السبب متلازمة (ماكين البريت) وفي بعض الحالات قد يكون السبب التناول العفوي لمستحضرات طبية تحتوي على الاستروجين والتستسترون مثل بعض الكريمات والمراهم. في بعض الفتيات يكون سبب البلوغ المبكر الطرفي حدوث أورام أو أكياس على المبيضين. أما بالنسبة للأولاد فقد يحدث بسبب وجود أورام في الخصية. إن عوامل خطورة حدوث البلوغ المبكر في البنات تكون أكثر من الأولاد وكذلك في الفتيات ذوات العروق الإفريقية والأطفال الذين يعانون من سمنة مفرطة. كما أن الاستعمال الخاطئ أوالعفوي لبعض المستحضرات الطبية التي تحتوي على هرمونات النمو أو حبوب منع الحمل يؤدي إلى حدوث البلوغ المبكر، لذا يجب على الأمهات الحرص ومراجعة الطبيب المختص في حالة ظهور أي من علامات البلوغ المبكر في سن مبكرة. ويتم تشخيص المبكر بأخذ التاريخ المرضي بشكل مفصل وإجراء الفحص السريري الشامل بالإضافة لقياس مستوى الهرمونات في الدم وعمل أشعة لليد والرسغ التي تساعد في تحديد العمر الحقيقي للطفل وتبين فيما إذا كان نمو العظام سريعاً. وبعد ذلك يقوم الطبيب المختص بإجراء اختبار لمعرفة نوع البلوغ المبكر وذلك بحقن هرمون (GNRH) حيث يسبب ارتفاعا لهرموني (LH وFSH ) في حالة البلوغ المبكر المركزي أما في حالة البلوغ المبكر الطرفي فلا يحدث أي تغير. كذلك يتم عمل أشعة الرنين المغناطيسي للدماغ وللرأس للكشف عن أي عيوب في الدماغ مثل الأورام أو العيوب الولادية. كما يعمل تحليل للغدة الدرقية. وتفيد الاشعة الصوتية للكشف عن وجود أكياس أو أورام في المبيضين. يعتبر قصر القامة من أهم مضاعفات البلوغ المبكر حيث يكون نمو الأطفال في هذة الحالات سريعاً في البداية بالمقارنة مع اقرانهم ولكن بسبب النمو السريع للعظام يتوقف نمو العظام مبكراولدلك يصبح الأطفال قصار القامة. والعلاج السريع للبلوغ المبكر يساعد في المحافظة على النمو الطبيعي والقامة الطبيعية. ومن المضاعفات الأخرى التي قد تحدث للفتيات هو حدوث تكيس المبيضين. يعتمد العلاج على نوع البلوغ المبكر والأسباب التي تؤدي لحدوثه ففي معظم الأطفال الذين يعانون من البلوغ المبكر المركزي قد لا يوجد سبب معروف لحدوثه لذلك يمكن معالجتهم بفعالية وذلك باستخدام حقن ( GNRH) مثل الليبرون شهرياً وذلك لإيقاف نشاط محور الدماغ الغدة النخامية الغدد التناسلية وبالتالي يتوقف النمو المبكر ويستمر هذا العلاج حتى وصول الطفل لعمر البلوغ الطبيعي حيث يتم إيقاف العلاج وبالتالي يبدأ النمو بشكل طبيعي. أما في حال وجود أسباب مرضية لهذه المشكلة فيتم معالجتها بناءً على السبب ففي حال وجود أورام في الدماغ أو الغدة النخامية أو الغدد التناسلية فيتم إزالة هذة الأورام جراحياً وبالتالي يتوقف النمو غير الطبيعي بإذن الله تعالى أما في حالة اضطرابات الهرمونات فيتم استخدام العقاقير الطبية لتنظيم نشاط الهرمونات.