افتتح رئيس الجمعية السعودية للفنون التشكيلية بعسير الدكتور علي مرزوق المعرض التشكيلي النحتي للنحات سلطان العسري الذي حمل عنوان (تجربتي)، وذلك يوم الاثنين الماضي بمركز الملك فهد الثقافي/ قرية المفتاحة التشكيلية بأبها، وقد احتوى المعرض أكثر من 50 عملاً نحتياً خشبياً، تنوعت بين الأعمال النحتية المجسمة، وأعمال المعلقات (الريليف) الغائرة والبارزة. وقد خصص النحات في بداية المعرض ركناً خاصاً من مقتنياته الخشبية المزينة بالزخارف الشعبية، ومن ثم عرض أعماله المستوحاة من هذه المجموعة في محاولة منه لجعل المتلقي يدرك امتداد التجربة وأنها تجمع بين الماضي والحاضر. هذه المجموعة الخشبية التي عرضها كان النجار يستعمل في انتاجها جملة من الأدوات التقليدية لصنعها وتزيينها بالزخارف، مثل: الفؤوس، والمناشير، والمساحل، والمسامير، إضافة إلى بعض الأدوات المستخدمة في أعمال الزخرفة على الخشب، مثل: المناقش، والمناقر. كما تتعدد طرائق زخرفة هذه المنتجات في عسير ومن أشهرها الحفر باستخدام أزاميل خاصة، فتظهر الزخرفة التي تجمع بين الزخارف الهندسية والنباتية غائرة. وذكر مرزوق في كلمته خلال افتتاحه للمعرض أن ما قدمه العسيري يعد تجربة فريدة من نوعها لأنه جمع فيها بين الأصالة والمعاصرة، أصالة الماضي المتمثل في فنيات الزخرفة الخشبية، وعصرانية الحاضر المتمثلة في طريقة المعالجة (التقنية) المستخدمة في التنفيذ والإخراج الفني. وأضاف مرزوق بأن العسيري استخدم خامة تعد من خامات السهل الممتنع التي تقوم على الهدم وليس البناء، فما نقوم بنحته بالأزميل الخشبي لا نستطيع إعادته مرة أخرى؛ الأمر الذي يحتاج إلى المهارة والخبرة لتنفيذ هذه المنحوتات الخشبية، مقدماً شكره للنحات العسيري الذي جعل المتلقي يغرق في التسبيح والتهليل والتكبير وهو يطوف في المعرض على منحوتات تجسد ذكر الله عز وجل. العسيري يقتني التراث الشعبي في متحفه، الذي يجمع النوادر والغرائب من القطع الأثرية والعملات القديمة والطوابع، وتمتاز أعماله بالبساطة وتلامس الجانب الديني والموروث الشعبي، يحب الإبداع ولا يتقيد بالمدارس والاتجاهات الفنية، ويؤكد بأننا نمتلك مخزوناً فنياً متسائلا لماذا لا نظهره للعالم ونبرزه. وعقب افتتاح المعرض استمع الحضور إلى محاضرة للباحث معيض الهاجري الذي تحدث عن قرية المفتاحة وأثرها على الفن التشكيلي، وهي دراسة أكاديمية قدمها الباحث إلى قسم التربية الفنية في جامعة أم القرى للحصول على درجة الماجستير، سلط الضوء من خلالها على أنشطة وبرامج القرية التي لها أثر مباشر أو غير مباشر على الفن التشكيلي والمتذوقين والفنانين من داخل وخارج منطقة عسير الذين تم استضافتهم بالقرية طوال السنوات الماضية. وقد تعرض الباحث في محاضرته إلى القرية وفكرة إنشائها، ومراسمها، ودور صاحب السمو الملكي الأمير الفنان خالد الفيصل الكبير في تفعيلها على أرض الواقع حتى أصبحت مركزاً ثقافياً يشع بالثقافة والفن الجميل، ورافداً قوياً للسياحة الداخلية بما تحمله من روعة في التصميم وموقع متميز. الهاجري خلال إلقائه المحاضرة وفي نهاية محاضرته عرض الهاجري عددا من التوصيات، منها: ضرورة تفعيل دور القرية الريادي كما كانت في عهد الأستاذ إبراهيم السيد (مديرها السابق) إذ أوضحت الدراسة نشاطاً قوياً خلال فترة إدارته لها. وضرورة الاجتماع بالمثقفين والفنانين للنهوض بالقرية وتحقيق أهدافها التي وضعت من أجلها، كما عرض هيكلاً تنظيمياً لإدارتها. وقد أوصى مقدم المحاضرة الدكتور علي مرزوق على ضرورة الاستفادة من هذه الدراسة قدر الإمكان لإعادة الروح إلى القرية مرة أخرى وتحقيق أهدافها. وأتيحت الفرصة للمداخلات من قبل الحضور فعلق الفنان محمد الشراحيلي بأن مراسم القرية تحولت إلى أماكن إدارية، فالإدارة أخذت مرسمين، واحتل المكتب الإعلامي مرسم رقم 5 ، بينما احتلت شركة تجارية المرسم رقم 4، ولم يتبق سوى أربعة مراسم خُصصت للفنانين من أصل 13 مرسماً. أما الفنان علي سلمان فذكر في مداخلته ضرورة إيجاد حل سريع لمشاكل مراسم القرية حتى لا يتحفظ الكثير من فناني عسير عن الحضور والتفاعل كما فعل الرواد، بدوره شدد الحسن السيد على ضرورة فتح المراسم لفناني المنطقة وعدم جعل أكثر من فنان في مرسم واحد لمواصلة إبداعاتهم.