أكد رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة هنا أمس التزام حكومته وحرصها على إقامة علاقات صحية وجدية ومميزة وراسخة مع سوريا مرتكزة في ذلك على روابط الأخوة والتاريخ والجغرافيا والمصالح المشتركة انطلاقاً مما نص عليه اتفاق الطائف. وقال السنيورة في مستهل تلاوته للبيان الوزاري في جلسة مجلس النواب الذي ستنال على أساسه الحكومة اللبنانية ثقة المجلس إن الحكومة تؤكد التزامها بأن لبنان لن يكون ممراً ولا مستقراً لأي تنظيم أو قوة أو دولة تستهدف المساس بأمنه أو أمن سوريا تأكيداً لمبدأ أن أمن لبنان من أمن سوريا وبالعكس. وأضاف انها تجدد تأكيدها على التضامن والتعاون مع الشقيقة سوريا وعلى أهمية تنسيق المواقف من الصراع العربي - الإسرائيلي. وذكر السنيورة أن الحكومة ستبادر فور نيلها الثقة إلى معالجة أزمة الحدود الطارئة بما يعيد الأوضاع إلى مسارها الطبيعي وتعمد إلى معالجة السلبيات الأخرى التي تضر بمصالح البلدين الشقيقين والتطلع إلى مستقبل مشرق وتعاون كامل في مختلف المجالات وذلك في إطار السيادة والاستقلال لكل منهما وذلك لدرء المخاطر والتحديات الناجمة عن الضغوطات والتحولات الإقليمية والدولية. وقال إن الحكومة تؤكد التزامها بمتابعة قضية المفقودين والمعتقلين في السجون السورية وذلك من خلال اللجنة المشتركة اللبنانية السورية التي تم الاتفاق عليها سابقاً بين البلدين. وعن القرار 1559 الذي لم ترد أي إشارة إليه في البيان الوزاري فاكد السنيورة حرص الحكومة اللبنانية على التمسك باحترام القانون الدولي وحسن العلاقة مع الشرعية الدولية واحترام قراراتها وذلك في إطار السيادة والتضامن والوحدة الوطنية وكذلك في إطار اطلاق حوار داخلي لبناني بهدف الوصول إلى توافق وطني عام يقوم على حفظ الوحدة الوطنية والتأكيد على مصالح البلاد العليا والعمل على تعزيز موقع لبنان وصدقيته ضمن الأسرة الدولية. وجدد التزام الحكومة بتطبيق اتفاق الطائف وبمقررات القمة العربية للسلام التي عقدت في بيروت في ال 28 من شهر مارس عام 2002. وحول موضوع المقاومة أكد السنيورة أن الحكومة تعتبر أن المقاومة اللبنانية هي تعبير صادق وطبيعي عن الحق الوطني للشعب اللبناني في الدفاع عن أرضه وكرامته في مواجهة الاعتداءات والتهديدات والأطماع الإسرائيلية والعمل على استكمال تحرير الأرض اللبنانية والاستمرار في رفض التوطين الذي يخل بالحق العربي - الفلسطيني ويتناقض مع وثيقة الوفاق الوطني. وتضمنت مقدمة البيان السياسية إشارة إلى وجوب حماية المقاومة وإطلاق الحوار حول الخيارات المتاحة والدعوة إلى بناء علاقات مميزة وندية بين لبنان وسوريا وتغليب المصلحة المشتركة وتطبيق الاتفاقات بين البلدين والمؤسسات المشتركة. وتؤكد المقدمة السياسية على التزام الحكومة بالعمل الجاد من أجل جلاء الحقيقة في قضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق الشهيد رفيق الحريري وضرورة كشف المرتكبين ومحاكمتهم. وأكد السنيورة اهتمام الحكومة بمتابعة قضية الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية ومطالبة المجتمع الدولي بالضغط على (إسرائيل) للإفراج عنهم. وتحت بند العلاقات العربية والدولية قال السنيورة إنه انطلاقاً من انتماء لبنان العربي ودوره الفاعل في الدفاع عن القضايا العربية تؤكد الحكومة اللبنانية إيمانها بأهمية العمل العربي المشترك والتزامها بأعلى درجات التضامن العربي في إطار الجامعة العربية وسعيها لأن يساهم لبنان في تعزيز أُطر التعاون بين البلدان العربية في مختلف المجالات وعلى المستويات الرسمية والأهلية على حد سواء. وأضاف السنيورة أن الحكومة اللبنانية تعتبر أن أساس عدم الاستقرار في المنطقة يعود إلى استمرار الاحتلال الإسرائيلي للاراضي العربية واغتصاب حقوق الشعب الفلسطيني ومنعه من إقامة دولته المستقلة على أرضه. وأعرب عن اعتقاده أن السلام لا يمكن أن يتحقق مع استمرار احتلال الأرض وعدم إعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية الكاملة والمشروعة بما فيها حق العودة المنصوص عليه في القرار 194 مؤكداً رفض لبنان توطين اللاجئين الفلسطينيين على أرضه. وقال السنيورة إن الحكومة ستعمل في السياسة الدولية على توفير أفضل علاقات التعاون مع جميع الدول الصديقة ومع المؤسسات الدولية وذلك في إطار ميثاق الأممالمتحدة واتفاق الشراكة الأوروبية وتفعيل دور المؤسسات الدولية بما يخدم قضية السلم والأمن الدوليين ويسهم في حل النزاعات في المنطقة. وأشار السنيورة في كلمته إلى مضامين البيان الوزاري الأخرى تخص إعادة بناء الدولة والإصلاحات الاقتصادية والمالية مشيراً في هذا المجال إلى إغلاق عدد من الصناديق في إطار ضبط الإنفاق وكذلك إلى وجوب التخصيص في قطاعات الاتصالات والكهرباء والطاقة واستيراد الفيول من دولة إلى دولة وضرورة وضع ميثاق اقتصادي جديد وإطلاق اوسع حوار حوله بالنظر إلى الترابط القائم بين القضيتين الاقتصادية والاجتماعية. وفي شأن الوضع الديموقراطي في لبنان أكد السنيورة أن الحكومة ستنكب على وضع قانون انتخابي جديد يعتمد أسس اتفاق الطائف وتاليف هيئة وطنية تتولى هذه المهمة والعمل على خفض سن الاقتراع وجعله 18 سنة بدلاً من 21 سنة. وأشار البيان إلى أهمية احترام القانون وتطبيق كل ما ينص عليه اتفاق الطائف وخصوصاً بما يعيد بناء المؤسسات والأجهزة الأمنية وتحديد مهامها وصلاحياتها ووقف التنصت الخارج عن القانون (إعادة النظر بقانون التنصت). وأكد السنيورة أهمية دعم الجيش وتعزيز قوى الأمن الداخلي وتوفير الإمكانات التي تمكنها من القيام بمهامها الوطنية مشدداً بصورة خاصة على احترام الأمن العسكري لما ينص عليه قانون عملها داخل المؤسسة العسكرية وأن لا يكون لها أي علاقة بالحياة السياسية والمدنية للمواطنين. وفي الموضوع القضائي أكد السنيورة على استقلالية القضاء وضرورة إجراء الإصلاحات المطلوبة وإعادة النظر بقانون أصول المحاكمات الجزائية وإجراء التعيينات المطلوبة في الجسم القضائي واستكمال هيئة المجلس الدستوري وإعادة تفعيل دوره. وبعد ذلك بدأت مناقشة البيان الوزاري حيث أعطيت الكلمة للنائب ميشال عون في أول إطلالة له داخل مجلس النواب.