هو الرحالة الايطالي كارلو جورماني (CARLO GURMANI) كان مشغوفاً بالخيول العربية الأصيلة ويتاجر فيها أرسله نابليون الثالث ملك فرنسا لشراء مجموعة من هذه الأنواع وكان معه مرافقون من بلاد الشام. وصل إلى عنيزة ولم يبق فيها أكثر من يوم وليلة وكان في ضيافة الأمير زامل بن سليم الذي سمح له بالذهاب إلى سوق الخيل في البلد ولكن جورماني وجد معظم الخيول الأصيلة قد أُرسلت قبل وصوله بأيام إلى الهند التي تتاجر مع الجزيرة العربية فيها حيث يحرص الانجليز في الهند أيام الاستعمار على هذا النوع من الخيول بالذات. وقد ألف جورماني كتاباً عن رحتله حمل اسم (رحلة من القدس إلى عنيزة في القصيم) ويعتبر ما كتبه جورماني عن عنيزة قليلا جداً لأنه لم يبق فيها أكثر من يوم ونصف يوم، ثم إن غرضه محدود وهو البحث عن خيول للشراء من السوق. وصل جورماني عنيزة في شهر مارس (آذار) 1864م الموافق شوال 1280ه والأمير زامل هو الذي استضاف جورماني وهيأ له فرصة الذهاب إلى سوق بيع الخيول. وزامل رحمه الله هو الذي تحدث عنه بلجريف قبل جورماني بأقل من سنتين فقط بإعجاب مع أنه لم يره ولم يدخل بلجريف عنيزة، وزامل أخيراً هو الذي التقى به وصادقه داوتي الذي بقي في عنيزة أطول من غيره بعد ذلك بأربعة عشر عاماً. يقول الرحالة الايطالي جورماني عن عنيزة (إنها من مدن نجد الكبيرة، وإن تجارتها الأساسية تقوم على تربية الخيول التي يشتريها التجار من البدو وهي صغار (مهر أو مهرة) ويصدرونها للكويت أو خرم شهر على الخليج العربي، ومن هناك تُرسل إلى داخل فارس أو الهند. .. والمتتبع لمسيرة رحلة جورماني يلحظ أنه كان متشوقاً للوصول إلى عنيزة وحريصاً على زيارتها لكثرة ما سمعه عنها وعن الأمير زامل، كما أنه نظر إلى سوق تجارتها من واقع ما يهتم به وهو الخيول والمتاجرة بها، وإلا فإن سوق عنيزة كانت في تلك الأوقات غنية ببضائع كثيرة وأشياء أخرى إضافة إلى سوق الخيول كما ذكر ذلك رحالة آخرون بعده. ثم يقول جورماني: «بعد دخول البلدة اختار لنا عنيبر (مرافق جورماني) مناخاً في حوش بيت الأمير زامل..» ثم يقول عن الأمير زامل رحمه الله: «نظراً لذكاء زامل وحسن سياسته في التعامل مع الناس فإن تأثيره في عنيزة جلى». ويضيف جورماني: «ناقش معي زامل لبعض الوقت خططه لإصلاح الأوضاع في المنطقة وأخذ يشرح لي عن حرصه على مصالح البلاد وأمله في تحسين أوضاع أهل نجد وأن يتمسكوا جميعاً بالدين الصحيح. ثم يقول: «وقد لاحظت من المناقشة السياسية والجغرافية مع الأمير زامل أن منطقة القصيم فاصل طبيعي وحضاري بين الشمال والجنوب» وبعد أن يتحدث جورماني عن النواحي الجغرافية في نجد عموماً بعض الشيء يعود إلى الحديث عن القصيم، ثم يقول عن الهدف من زيارته: «استفدت من حسن تعامل كل من الأمير زامل وعنيبر بحيث جعلتهما يأخذاني إلى دلاليل الخيول. رأيت في سوق عنيزة فقط صغار الخيول (المهر)، كانت جميع الخيول قد بيعت وتم إرسالها قبل أيام قليلة إلى الكويت». ثم يعود للحديث في عبارات قصيرة عن عنيزة فيقول: تتكون عنيزة من سبع حارات منها المسوكف والقاع ويبلغ عدد سكانها جميعاً خمسة عشر ألف نسمة. وتتميز عنيزة عن بلدة الجبل (حائل) بضخامة أسوارها وبكثرة بساتين النخيل التي تحيط بها مثل إكليل من الزهر ولقد تمت حماية عنيزة بحوالي خمسين برجاً محصناً.