منذ الأوّل من كانون الثاني (يناير) الجاري دخل لبنان مرحلة تطبيق اتفاقية «التيسير العربي» ممّا أثار سخط المزارعين وأشعل ثورتهم في العديد من المناطق احتجاجا على «اغراق السوق اللبنانية بالمنتجات الزراعية العربية المستوردة، والقضاء على القطاع الزراعي في شكل كامل» حسب قولهم. ويتساءل أحد المزارعين الذين اعتصموا بالأمس في سوق الخضار «نهر ابراهيم» (قضاء جبيل) » متى كان لبنان في حاجة الى خضار حتى يتمّ استيرادها من الدّول العربية وتوعّد المزارعون بتصعيد تحرّكاتهم في المناطق اللبنانية كافّة. وتنصّ اتّفاقية «التيسير العربي» على الغاء الحواجز الجمركية تدريجيا بين البلدان الموقّعة لها تنفيذا لقرار القمّة العربية المنعقد في عمان عام 2001. هذه الاتفاقية تطال القطاع التجاري بأكمله الذي تشكّل نسبته البينيّة في الدّول العربية الموقّعة على الاتفاقية 94 في المئة، أما هذه الدّول فهي: المغرب، تونس، ليبيا، مصر، لبنان، سوريا، فلسطين، الأردن، العراق، الكويت، المملكة العربيّة السّعوديّة، الامارات العربيّة المتّحدة، عمّان، قطر، البحرين واليمن. صرخة المزارعين في شكل خاص تكمن في كون الغاء الرسوم الجمركيّة يلغي الروزنامات الزراعية المتّبعة مع بعض البلدان، ما يؤثر سلبا على منتجاتهم لا سيما في ظل منافسة حادّة من سوريا، مصر والأردن خصوصا في ثلاثة من منتجاتهم وهي البندورة، الخيار والبطاطا. هذه البلدان الثلاثة تربطها بلبنان اتفاقات ثنائيّة للتبادل الحرّ ألغت الرسوم لكنّ تبعاتها خفّضت نظرا الى اعتماد الروزنامات الزراعية. هذا الواقع المتأزم دفع بوزير الزراعة الياس سكاف الى زيارة مصر أخيرا وأشار الى «الاستعداد الذي ابداه الطرف المصري لاستيراد كمية ضخمة من التفاح اللبناني تصل الى 100 الف طن سنويا». ولفت الى انه «تم الاتفاق على تأليف لجنة مشتركة من القطاعين العام والخاص، هدفها متابعة الشكاوى وتنسيق عملية التعاون الزراعي وحل المشكلات التي تطرأ». واشار الى «ان تخوف المزارعين والتجار في لبنان من الانعكاسات السلبية لاتفاق التيسير، نتيجة اغراق الاسواق اللبنانية بالمنتجات العربية، هو تخوف في غير محله، لان الوزارة جادة في ايجاد روزنامة زراعية لا تضر بمصالح مزارعي لبنان. وتم الاتفاق في وقت سابق على هذا الموضوع مع سوريا، ثم مع مصر خلال الزيارة الاخيرة». وسيزور سكاف في 18 الجاري الاردن على رأس وفد من القطاع الخاص، لعرض التعاون والاتفاقات الزراعية، وتحديد روزنامة لتبادل المنتجات الزراعية. يساهم القطاع الزراعي اللبناني ب11 في المئة من اجمالي الناتج المحلّي، وتراوح نسبة اليد العاملة بين 10 و15 في المئة، و30 في المئة من السكّان يعتاشون من هذا القطاع.