هذه القصة لمريض يبلغ من العمر ستة عشر عاماً أتى إلى العيادة وهو يشتكي من آلام شديدة في منطقة الركبة وصعوبة في تحريكها ولايستطيع الوقوف أو القيام وقد ذكر أنه تعرض لحادث سقوط من علو يبلغ حوالي المتر والنصف والتوت رجله وخبطت مقدمة الركبة بالجدار. وعند فحص المريض تبين أنه يعاني من كدمات وخدوش حول منطقة الركبة وأيضاً كانت الركبة في وضع منثنٍ وصابونة الركبة قد تحركت من مكانها الطبيعي في وسط الركبة إلى وضع جانبي في جانب الركبة نتيجة لخلع في صابونة الركبة. وبعد إعطاء المريض بعض المسكنات تم إعادة الصابونة إلى وضعها الطبيعي وتم فرد الساق. وهذه الحالة شائعة جداً عند المراهقين وعند الرياضيين وخصوصاً الرياضات التي تتطلب القفز من علو مثل رياضات الكراتيه أو الجمباز أو ألعاب القوى. من الناحية التشريحية يتكون مفصل الركبة من التقاء الجزء السفلي لعظمة الفخذ بالجزء العلوي بعظمة الساق. وفي المنطقة الأمامية من مفصل الركبة توجد عظمة دائرية تسمى صابونة الركبة ((patella. صابونة الركبة هذه ترتبط بالمفصل و تأخذ موقعها من خلال العضلات و الأوتار المحيطة بها ففي الجزء الأعلى من صابونة الركبة تتصل على العضلة التي تقع في المنطقة الأمامية من الفخذ والمعروفة بالعضلة رباعية الرؤوس (quadriceps) هذه العضلة تتصل بصابونة الركبة من الأعلى ثم تغلفها وبعد ذلك يظهر وتر قوي معروف باسم وتر صابونة الركبة ليوصل الجزء الأسفل من صابونة الركبة بالجزء الأعلى من عظمة الساق (patellar bendon) أما على الجانبين الأيمن والأيسر من صابونة الركبة فهناك أربطة تتصل بجانبي صابونة الركبة وتربطانها بالعظام التي تكون مفصل الركبة والأوتار والأربطة المحيطة بها. هذان الرابطان الداخلي والخارجي معروفة علمياً باسم ( retinaculum) هذه الأربطة مسؤولة عن تثبيت صابونة الركبة في وسط الجزء الأمامي من مفصل الركبة وهذا التثبيت مهم جداً بحيث يبقي صابونة الركبة في مكانها عند ثني الركبة وفردها وخصوصاً عند القيام بالأنشطة الرياضية. ولكن عندما تحدث إصابة شديدة تؤدي إلى تمزق في أحد هذين الرباطين الجانبيين سواء من الناحية الدخلية أو من الناحية الخارجية للركبة فإن ذلك يؤدي إلى فقدان في التوازن بين هذه الأربطة ويؤدي إلى أن تنحرف صابونة الركبة عن مسارها الطبيعي لتتجه ناحية الرباط السليم عند القيام بثني الركبة وذلك لأن الرباط المتمزق لايستطيع أن يبقيها في مكانها الطبيعي. هذا الانحراف يؤدي إلى الحالة المعروفة بخلع صابونة الركبة (dislocated patella) الأسباب والتشخيص تحدث حالات خلع صابونة الركبة نتيجة إصابات مباشرة أو غير مباشرة لمنطقة الركبة. ففي الإصابات المباشرة يكون هناك إصابة مباشرة لصابونة الركبة من إحدى الناحيتين الداخلية أو الخارجية تؤدي إلى تمزق الأربطة وبالتالي إلى خروج صابونة الركبة من مسارها الطبيعي وأن تتجه إلى الجزء الآخر من الركبة. هذه الحالات المباشرة تحدث عند الحوادث المرورية كفانا الله وإياكم شرها وأيضاً أثناء الاحتكاك المباشر أثناء ممارسة الرياضة. أما الإصابات غير المباشرة فإنها تحدث نتيجة التواء أو سقوط على الساق مما يؤدي إلى انثناء الركبة بشكل مفاجئ وإلتواء صابونة الركبة وبالتالي تمزق الأربطة الداخلية أو الخارجية نتيجة هذا الالتواء المفاجئ. وفي بعض الأشخاص تكون هناك حالات مرضية تؤدي إلى زيادة المرونة والليونة في الأربطة مما يؤدي إلى سهولة حدوث خلع صابونة الركبة بأقل قدر من القوة نتيجة إلتواء بسيط أو أثناء النزول من الدرج. وعادةً مايشتكي المريض أو المريضة من آلام شديدة ومبرحة في منطقة الركبة تحدث بعد الإصابة مباشرةً وتؤدي إلى عدم القدرة على الوقوف أوعلى المشي أو حتى على تحريك مفصل الركبة. وعندما يتم نقل المريض أو المريضة إلى الإسعاف فإن الركبة متورمة وقد تكون هناك خدوش وكدمات حول منطقة الركبة بالإضافة إلى ظهور تشوه واضح في شكل مفصل الركبة نتيجة انحراف صابونة الركبة إلى الناحية الداخلية أو الخارجية من الركبة. ويتم التشخيص الدقيق عن طريق الأشعة السينية التي تبين بوضوح وجود خلع صابونة الركبة وإذا ماكانت هناك أية كسور مصاحبة لهذا الخلع ففي كثير من الحالات قد يحدث بالإضافة إلى خلع صابونة الركبة كسر في هذه الصابونة أو في العظام الأخرى التي يتكون منها مفصل الركبة. وبعد التشخيص يتم البدء بالخطة العلاجية. الخطة العلاجية في مرحلة مابعد التشخيص فإنه يجب إعطاء المريض أو المريضة مسكنا قويا وإعادة صابونة الركبة إلى وضعها الطبيعي وذلك بمحاولة الضغط عليها بلطف لإعادتها إلى مكانها. وبعد هذه الحركة يتم فرك ركبة المريض أو المريضة وتتم إعادة الأشعة السينية للتأكد من أن الصابونة عادت إلى وضعها الطبيعي وأنه لاتوجد هناك كسور مصاحبة في صابونة الركبة أو العظام المحيطة بها. بعد ذلك يتم وضع جبيرة نصفية مؤقتة لمنع الحركة في مفصل الركبة حتى لا يعود الخلع في صابونة الركبة. وبعد ذلك يتم إجراء أشعة سينية أو أشعة رنين مقطعي أو أشعة رنين مغناطيسي لتقييم وضع الأربطة الجانبية حول صابونة الركبة وفي الغالبية العظمى في الحالات يكون العلاج عن طريق استخدام جبيرة طبية لكامل الفخذ والساق وتكون الركبة فيها في وضعية الفرد وتستمر هذه الجبيرة الطبية لمدة لاتقل عن ستة أسابيع يتم خلالها التئام الأربطة الجانبية بإذن الله. بعد هذه الستة أسابيع تتم إزلة هذه الجبيرة وإعادة تقييم وفحص لمنطقة صابونة الركبة وإذا ما التأمت الأربطة وكانت صابونة الركبة ثابتة فإنه يتم البدء بعمل جلسات علاج طبيعي بهدف إعادة الحركة والثني لمفصل الركبة وأيضاً بهدف إعادة تقوية لعضلات الفخذ المحيطة بالركبة والتي تساعد على الحفاظ على ثبات صابونة الركبة.والغالبية العظمى من هذه الإصابات تستجيب للخطة العلاجية التي ذكرناها سابقاً ويتمكن المريض أو المريضة من العودة لحياتهم بشكل طبيعي ومن ممارسة الرياضة بعد ثلاثة أشهر من الإصابة. وفي المراحل الأولية في مرحلة مابعد الإصابة وعند العودة لممارسة الرياضة تكون هذه العودة بالتدريج وتصاحبها عملية تأهيل وتقوية للعضلات وأيضاً يمكن الاستعانة بربطات طبية متخصصة تساعد على مساندة صابونة الركبة أثناء فترة التأهيل. التدخل الجراحي في بعض الحالات التي يكون التمزق فيها شديداً جداً أو التي تصاحبها كسور في صابونة الركبة أو منطقة ماحول الركبة أو في الحالات التي يتم علاجها تحفزياً عن طريق الجبيرة كما ذكرنا سابقاً ولكن لا تستجيب للعلاج ويستمر القطع في الأربطة الجانبية المحيطة بصابونة الركبة فإنه يتم اللجوء إلى التدخل الجراحي. والتدخل الجراحي يكون لتثبيت الكسور المصاحبة حسب نوعية الكسور. أما في الحالات التي لا تصاحبها كسور فإن التدخل الجراحي يكون الهدف منه هو خياطة وترميم الأربطة الجانبية المتمزقة بحيث تتم إعادة التواصل بين الأجزاء المقطوعة من الأربطة عن طريق خياطتها بغرز طبية قوية. وبعد الجراحة يتم وضع الساق في جبيرة طبية مماثلة تماماً للتي يتم استخدامها في العلاج التحفزي غير الجراحي وأيضاً يتم استخدام الجبيرة الطبية لمدة ستة أسابيع لكي تعطي فرصة للالتئام لهذه الأربطة التي تمت خياطتها. وبعد ستة أسابيع يتم إزالة الجبيرة الطبية والبدء بالعلاج الطبيعي والتأهيلي تماما كما ذكرنا في الخطة العلاجية غير الجراحية. وتبلغ نسبة نجاح علاج هذه الحالات فوق التسعين بالمئة بإذن الله تعالى. وفي حالات قليلة قد يستمر حدوث خلع صابونة الركبة نتيجة أية حركة مفاجئة أو نتيجة أي إصابة بسيطة وذلك يكون إما نتيجة الاهمال في علاج هذه الحالات مبدئياً أو نتيجة عدم التئام تام في الأربطة المحيطة بها. النصائح والتوصيات في الواقع أن الوقاية خير من العلاج في مثل هذه الحالات وذلك عن طريق المحافظة على قوة عضلات الركبتين عند الأشخاص الذين تتطلب رياضاتهم القفز المتكرر. أيضاً يمكن إستخدام الأربطة الساندة لمفصل الركبة عند ممارسة هذه الرياضات. وفي حال حدوث هذه الإصابات لاسمح الله فإنه يجب تشخيصها بدقة وعلاجها بدقة متناهية حتى لا تصبح الإصابة مزمنة فتمنع لشاب أوالشابة من العودة لممارسة الرياضة بشكل كامل. الأربطة الساندة ضرورية قد تتطلب الجراحة تزداد أثناء القفز