لا نزاع على المقاومة الفلسطينية، وبأنها ذروة العطاء في ليل العرب الطويل حيث اكتسبت زخماً عربياً، وعالمياً أقرت حتى إسرائيل بأنها (الفالج) الأخطر الذي لا يداوَى إلا بالسلام، غير أن البثور الجديدة في الجسد الفلسطيني بدأت تعيدنا إلى التساؤل الحرج، وفيما إذا كان الخلاف ضرورياً لأي حركة أو نضال طويل تفترق حولهما الأفكار، والتطبيقات، والحلول مع الخصم، لكن ما هو مثير وصعب أن تُحلّ هذه التناقضات بالسلاح، وبالأصوات المتنافرة المنثورة على القنوات الفضائية، وحتى لا ندخل مرحلة اليأس، أو تفجير الأزمات بين من يحملون البندقية الواحدة، والمصير الواحد، علينا أن نُدرك أن إسرائيل سوف تستخدم جميع وسائلها في الضغط على الفلسطينيين، وكان من المفترض أن يكون الوعي بالمفاجآت التي تقدم عليها أحد التوقعات بين مختلف القيادات، لا أن تستغل أي حالة، أو ظرف لتغتال، وتقتحم، وتحاصر، لأن هذه الأدوات تدخل في صلب المعارك السياسية والعسكرية، لكن أن ينعكس ذلك سلباً على الفلسطينيين أنفسهم، فهو أحد أهم مكاسب إسرائيل، التي طالما استغلت مثل هذه المواقف بإظهار الفلسطينيين وكأنهم، شعباً وقيادة، لا يمكنهم الاتفاق على وضع داخلي، وأن ما يجمعهم فقط، هوعداء إسرائيل، لأن بنيتهم الداخلية تحمل كماً هائلاً من التناقضات، ولعل المصادمات التي جرت بين حماس والسلطة تعطي مثل هذه الدلالات للرأي العام العالمي، وكأن الفلسطينيين هم من قاموا بخدمة إسرائيل عن طواعية.. الحدث حين تنقله وسائل الإعلام العالمية لا يقل تأثيره عن أي اكتشاف عظيم لأحد الإنجازات العلمية، أو حروب وكوارث مدمرة، والفلسطينيون الذين عملوا على خلق رأي يتعاطف مع قضيتهم، هم من يُدرك حساسية المواقف السلبية، إذا ما عرفنا أن خصمهم لاعبٌ أساسي في تشكيل الرأي المضاد وإقناعه بوسائل تقلب الجرائم إلى حسنات، ولعل الاعتبار الأهم في عدم تفجير الواقع الفلسطيني، هو أن تتساوى المصالح وتفرض موقفاً واحداً لأن الهدف ليس بمن يحمل رأياً مضاداً للآخر، ولكن بالقدرة على تجاوز هذه الأمور والوصول إلى الهدف الأهم بطرق لا تخترع الأزمات أو تعطيها مدلولاً يجعل السلاح بدلاً من الحوار أداة الحسم.. هناك قضية وقيادة، وشعب، وهم جميعاً يحملون مسؤولية المرحلة الحرجة والصعبة، وأن تضامنهم هو السبيل الوحيد في الدخول إلى الممكن ثم الهدف الأهم والأكبر..