يتجول السائح الامريكي ديفيد كومر وسط الشوارع الضيقة في واحدة من اقدم المدن المأهولة في العالم ويقول إن شعوره بالامان وسط اسواقها القديمة أكبر مما يستشعره في نيويورك. ويقول كومر (55 عاما) المدرس بإحدى كليات فالهالا في ولاية نيويورك وهو يجلس في فناء منزل قديم في دمشق «إنها اكثر امنا من نيويورك ولكن الامريكيين يخشون العرب. إنهم يعتقدون انهم جميعا ارهابيون. معظم هذه الدعاوى إجحاف وأنا لست خائفا.» وكومر واحد من الاف الغربيين الذين يتوافدون بأعداد متزايدة إلى سوريا رغم صورتها كدولة محاطة بصراعات اقليمية. كما تتوافد اعداد كبيرة من العرب والايرانيين ويمثلون أكبر عدد من السائحين القادمين إلى سوريا. وتصف الولاياتالمتحدة سوريا بأنها دولة راعية للارهاب وتحثها على اغلاق حدودها مع العراق بدعوى ان مسلحين إسلاميين يعبرون الحدود لمقاتلة القوات الامريكية. ورغم ذلك يسافر سائحون غربيون إلى الدولة التي تفاخر بوجود واحدة من اقدم عواصم العالم فيها ومزارات مسيحية وإسلامية واثار حضارة ترجع إلى 12 الف عام. ويقول شريف الفرم من شركة فجر للسياحة «التأثير الأكبر يتمثل فيما ينقله اوروبيون يأتون هنا ويذهلهم ما يشاهدونه. هذا ما يأتي بهم إلى سوريا وليس الانباء السيئة.» وتقول وزارة السياحة السورية إن ارقامها تشير إلى زيادة الرحلات السياحية للقادمين من القارة الاوروبية بنسبة 55 بالمئة في أول خمسة اشهر من العام الجاري مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. ويحصل الغربيون ومن بينهم الامريكيون على تأشيرة الدخول عند الوصول وهي خطوة يقول وكلاء السفر والمسؤولون التنفيذيون في شركات الطيران انها ادت إلى زيادة اعداد السائحين. وتقول السلطات السورية إن التوقعات المستقبلية مشرقة وانها نجحت أخيراً في الترويج للبلاد كمزار سياحي آمن رغم ما تصفه بأنه دعاية موجهة سياسيا تخيف الاجانب دون الاستناد للواقع الفعلي. وقال وزير السياحة سعد الله اغا القلعة ان سوريا تريد ان تنقل عبر الاسواق رسالة مفادها انها مكان آمن وان صناعة السياحة متطورة وجذابة. ويعتبر مبنى فندق فور سيزونز المكون من 24 طابقا في وسط دمشق اكبر استثمار في تحديث فنادق الخمس نجوم في المدينة التي لا زالت تعاني من نقص حاد في الفنادق الفخمة. ويتوقع ان ترتفع عائدات السياحة إلى 2,8 مليار دولار في عام 2005 من 2,2 مليار في العام لماضي. وزار سوريا اكثر من ثلاثة ملايين سائح في عام 2004 ويتوقع ان يرتفع هذا الرقم بما لا يقل عن 600 الف هذا العام. وقال اغا القلعة ان الاستثمارات السياحية في الاونة الاخيرة اتاحت زيادة عدد السائحين في عام 2004. وتأمل سوريا في تطوير السياحة لتصبح احد دعائم اقتصادها وهي تجتذب عددا أكبر من السائحين من الدول المجاورة المطلة على البحر المتوسط مثل قبرص واليونان وتركيا التي يأتي مواطنوها لشراء سلع رخيصة بينما يتوافد الايرانيون على المزارات الشيعية. كما يأتي سائحون من دول الخليج العربية إلى دمشق المستقرة نسبيا متجنبين بيروت التي منيت بسلسلة من التفجيرات. ويقول مسؤولون انه يوجد ما بين 35 و40 الف غرفة فندقية في جميع انحاء البلاد ويبني مستثمرون عشرة آلاف غرفة أخرى من بينها سلاسل فنادق عالمية مثل شيراتون. واضافوا انه يجري التخطيط لتوفير ستة آلاف سرير فندقي باستثمارات اجمالية قدرها 500 مليون دولار. وفيما يبدي وكلاء السفر الاجانب اهتماما اكبر وتتزايد طلبات الحجز في الفنادق يقول نظراؤهم المحليون ان المناخ السياسي العقبة الرئيسية امام فوز البلاد بحصة اكبر في السوق الاقليمية. وقالت يولاند شمس الشريكة في شركة اريج الشرق للسياحة «نواجه مشقة كبيرة في اقناعهم بان سوريا مكان آمن وان يضعوها في برامجهم بينما تحصل دول اخرى على سائحين دون اي ترويج.» ويقول مسؤولون تنفيذيون في صناعة السياحة ان عدد الزائرين الغربيين ومعظمهم من الالمان والفرنسيين واعداد متزايدة من الاسبان والاسكندنافيين ليس سوى نسبة ضئيلة من العدد الذي تستطيع سوريا ان تجتذبه في حالة احلال السلام الاقليمي. وقالوا ان امكانية استئناف عملية السلام في الشرق الاوسط يمكن ان تغير مستقبل صناعة السياحة. وقال يوسف قسيس الذي يبيع منتجات حرف يدوية للسائحين «اذا شاع السلام بيننا وبين جيراننا في المنطقة ستنمو السياحة لان المنطقة باسرها متحف قديم وسوريا هي الجوهرة.» وتابع «دمشق اقدم مدينة مأهولة. يرغب الجميع في زيارة هذا الملتقى بين الحضارات. ولكن السياسة تفسد دائما موسم العطلات.»