لا مجال فيها للجشع والطمع أو للنطيح والمتردي ! ينتاب عدد غير قليل من المستثمرين مشاعر القلق والخوف من الطفرة الفندقية الضخمة التي تشهدها المملكة حاليا والمزيد الأكبر خلال المرحلة القادمة والمتمثلة في أكثر من 80 فندقا بالرياض تحت الإنشاء و230 فندقا على مستوى المملكة ودخول أكثر من 30 شركة عالمية متخصصة في تشغيل وإدارة الفنادق إلا أن الخبراء في هذه الصناعة يؤكدون انعكاس هذه الطفرة على القطاع إيجاباً من حيث الارتقاء والحد من الاحتكار وخلق روح المنافسة الحقيقية التي هي كفيلة بتصحيح لائحة الأسعار التي شهدت مؤخرا ارتفاعا غير منطقي بسبب الحاجة وزيارة الطلب وفي المقابل قلة العرض كما رأى الخبراء بأن المرحلة القادمة سوف تحدث تغييرا جذريا من حيث الرقي وجودة الخدمات الأمر الذي قد يؤدي الى تصفية بعض المنشآت المتهالكة وخصوصا التي اعتاد أصحابها على الاحتجاج وطول اللسان للتغطية على مخالفاتهم المتراكمة والإصرار على تسخير أنفسهم لمحاربة كل قرار ايجابي يهدف الى الارتقاء بالنشاط سواء كان هذا القرار صادرا من هيئة السياحة أو وزارة العمل أو البلديات بل وحتى الدفاع المدني الذي لم يسلم هو الآخر بالرغم أن دوره الهام يقتصر على مراقبة وتطبيق وسائل السلامة في الفنادق ذلك حرصا على سلامة العاملين والنزلاء ومن بين تلك القرارات السابقة قرار تطبيق أجهزة الإطفاء الاوتوماتيكية في الغرف وقد لقي هذا القرار تفاعلا وترحيبا واسعا من الفنادق الراقية إلا انه في الوقت نفسه واجهة محاربه مستميتة من بعض الفنادق المخالفة الأمر الذي يجسد ضعف الضمير والعقلية وعدم الشعور بالمسؤولية! أقول بأن المرحلة القادمة مرحلة تصحيح وتصفية كل نطيح ومترد وبالتالي البقاء للأفضل والأصلح هذا الأمر يتحقق بإذن الله بمتابعة الأجهزة المسؤولة وتشديدها في تطبيق أنظمتها ومعاييرها وعدم فتح أي مجال للتجاوزات والمحسوبيات في جميع مناطق المملكة بدون استثناء وذلك للحد من المخاطر التي مع شديد الأسف قد لا يحسب لها أي حساب إلا بعد وقوع المصائب والكوارث لا قدر الله. إن المتابع لحركة التنمية السياحية والفندقية التي تشهدها المملكة خلال السنوات الأخيرة يلاحظ وثبات غير مسبوقة تؤكد أن قطار صناعة السياحة الداخلية انطلق بقوة وتوازن بعد توفير بيئة ذهنية وإجرائية مواتية.شواهد عديدة تعكس حجم الجدية التي تتعامل بها الهيئة العامة للسياحة والآثار مع هذه الصناعة الحيوية كخيار استراتيجي للتنمية وتوجهها الصادق وفق مبدأ التنمية المستدامة والشراكة الفاعلة وبناء القدرات البشرية الوطنية.ولعل من أبرزها قطاع الفنادق والإيواء الذي استلمت هيئة السياحة ملفه من وزارة الصناعة والتجارة وكان حينها يغلب علية طابع العشوائية ولكن وخلال سنوات قلائل لم تتجاوز 3 أعوام استطاعت هيئة السياحة إعادة تنظيمه وفقا للأحدث المعايير الدولية مما انعكست على القطاع بالرقي والتطور وكانت بحق دافعا ومحفزا لدخول وبقوة العديد من شركات الفنادق العالمية الى السوق السعودي ولازالت الأرقام تتضاعف يوما بعد يوم لتؤكد تلك المؤشرات بأن قطاع الإيواء مقبل على نقلة نوعية غير مسبوقة تلبي تطلعات المواطنين والزائرين وتواكب الازدهار الاقتصادي والحضاري التي تعيشه المملكة. وبلا شك بأن هذا التوسع الكبير بحاجة الى تفاعل وتعاون مع هيئة السياحة بدءا من المستثمرين ومرورا بالأجهزة ذات العلاقة بقطاع السياحة وانتهاء بدور وسائل الإعلام وذلك نظرا لطبيعة هذه المنظومة المتعددة الأدوار والمتداخلة مع العديد من الأجهزة الحكومية والخاصة. ولكي نستثمر الطفرة الفندقية والسياحية القادمة بالشكل الأمثل والصحيح ونعيد الثقة والتوازن الى السياحة الداخلية يجب التأكيد على ابرز المعوقات ألا وهي: ظاهرة ارتفاع الأسعار التي شكلت خلال السنوات الماضية معضلة حقيقية أمام المواطن أو الزائر نظرا لمحدودية المنافسة الحقيقة الى جانب تضاعف الطلب بسب الإحداث الراهنة في بعض الدول العربية وكانت تلك الزيادات بمثابة استغلال الحاجة الملحة دون وجود أي مبررات أخرى !تلك الحقيقة يجب أن تؤخذ في اعتبار تجار السياحة والمخططين لها والمسؤولين عنها بهيئة السياحة خاصة لكبح جماح الأسعار المبالغ فيها سنويا من قبل الفنادق ومراكز الترفيه والخدمات السياحية في كافة مناطق ومدن المملكة مقارنه بما يشهد السوق العالمي من منافسة متصاعد وعروض وبدائل تسحب البساط تدريجيا من السوق السعودي. وقفة: نقول لمن يصر على ضرب رأسه في الحائط بأن السائح اليوم أصبح أكثر وعيا وإدراكاً وحرصا على البحث والتخطيط لاتجاه رحلته وإقامته وتكاليفها والمقارنة بين العروض والخيارات المطروحة إضافة الى جودة الخدمات وفن التعامل! أخيرا: هل يستيقظ من بأيديهم القرار في قطاع الفنادق والمنشآت السياحية لكي يتداركوا الوضع قبل فوات الأوان ويبادروا بتطوير أنفسهم ومستوى منشآتهم الى جانب تحسين جودة خدماتهم وأسلوب تعاملهم مع النزلاء الذين هم مصدر رزقهم وضمان استمراريتهم. * كاتب صحفي