إنها فتاة سوازيلاندية جميلة وذكية وجذابة. وبينما كانت البسمة تضيء وجهها وهي تتلقى عبارات التشجيع،إلا أنها اجتهدت أيما اجتهاد للسيطرة على انفعالات كانت تغلي في دواخلها كبركان يوشك على الانفجار وهي تسرد حكايتها المؤلمة بعبارات لا تخلو من حزن دفين. فقد تعرضت هذه الفتاة المسكينة إلى أسوأ أنواع خيانة الثقة يمكن أن تتعرض لها فتاة في مثل سنها: الاغتصاب من قبل والدها والحمل منه. الشرطة تلزم النساء بالاحتشام .. وتبيح لهن الرقص بأقل قدر من الملابس وتعيش ثيمبي ( ليس اسمها الحقيقي) حاليا في دار لإيواء ضحايا العنف في مدينة ممبابين بسوازيلاند حيث تشرف على رعاية فتيات أصابهن ما أصابها من رزايا ومحن، وجمعت بينهن جرائم مرعبة ارتكبت في حقهن. وتحكي ثيمبي مأساتها بقولها،" كنت في سن 14 عاما عندما اعتدى علي والدي. كنت أعيش معه لوحدنا بعد وفاة أمي. وفي ذات يوم سألني فجأة ما إذا كنت قد عاشرت أي شخص من قبل. لقد كان غاضبا اشد الغضب، و نفيت التهمة عني بكل صدق ، وكان هو الآخر يعلم أنني صادقة لأنني كنت دائما ما أتواجد بالبيت." كنت ابتسم وأنا أجيب عن أسئلته ولعل ذلك ما زاد غضبه تفجرا، ثم شرع في ضربي ضربا مبرحا وهو يصيح: لا بد من أن أتأكد. لابد من أن أتأكد. " لم افهم قصده. كنت مشوشة وابكي. سحبني سحبا إلى غرفته ورماني على السرير. كنت أقاوم بشدة. كان غاضبا إلى حد أنني اعتقدت انه سيقتلني وصفعني على وجهي بقوة ووضع يده على فمي ليكبت صراخي ثم اعتدى علي."وهددني والدي بالقتل إذا فضحت أمره. كان غاضبا وكأن ما حدث نتاج لخطئي. كتمت ما حدث لي ودفنته في أعماقي قناعة مني بأن محنتي لن تتكرر وسعيت بكل جهد لمحوها من ذاكرتي. " ولكن بعد مضي سنة تكرر اعتداء والدي علي. عدت من المدرسة في احد الأيام ووجدت والدي غاضبا اشد الغضب. كانت الحمير التي يمتلكها قد توغلت في المزرعة وأتلفت المزروعات وأنبني على ذلك رغم أنني كنت ساعتها بالمدرسة ولكنه قال انه لابد من أن يعاقبني ، ثم كرر ما حدث معي في المرة الأولى بكامل تفاصيله. "في هذه المرة حبلت ولاحظت ممرضة تسكن بالجوار التغيرات التي طرأت على شكل جسمي وعندما صارحتها بالحقيقة أخذتني إلى قسم الشرطة. وتم حبس والدي لفترة قصيرة بينما قمت بإيداع ثمرة فعلته بأحد الملاجئ."هذه واحدة من جرائم الاغتصاب المتكررة في سوازيلاند إن لم يكن من أبشعها، والتي أثارت نقاشا على مستوى الدولة حول العقوبة المناسبة التي ينبغي توقيعها على المغتصبين. والأسوأ من ذلك أن بعض ضحايا الاغتصاب تتحول مآسيهم إلى جحيم وحكم بالموت بعد اكتشاف إصابتهم بالايدز في دولة تعتبر الأعلى إصابة بهذا الداء على مستوى العالم.وتشير صحيفة "اندبندت اون لاين" الجنوب افريقية إلى أن ثلثي الفتيات المراهقات في سوازيلاند يتعرضن إلى الاعتداء الجنسي. وكانت السلطات قد عرضت على البرلمان مؤخرا مشروع " قانون الجرائم الجنسية والعنف الجنسي" لإجازته ، غير انه مازال يخضع للنقاش وسط خلاف حول العقوبة المناسبة التي ينبغي أن تطبق على المغتصب خاصة إذا كان مصابا بالايدز: الإعدام أم السجن. كما أن القانون المقترح يضع عبء إثبات الاعتداء على المدعيين. وفي انتظار إجازة القانون، أصدرت الشرطة أوامر مشددة إلى النساء بعدم ارتداء التتنانير القصيرة" ميني سكيرت" والبلوزات التي تكشف عن جزء من الصدر أو البطن باعتبار أن هذه الأزياء تشجع على الاغتصاب ، وكل من تخالف هذه الأوامر ستتلقى حكما بالسجن لمدة ستة أشهر. وقالت المتحدثة باسم الشرطة ويندي هليتا محذرة، " سيكون من السهل على المغتصب ارتكاب جريمته لأنه سيسهل عليه خلع ملابس الضحية. ويشمل الحظر أيضا بناطيل الجينز التي تكشف عن جزء من أسفل الظهر. واقترحت الشرطة على النساء طريقة التقاط الأشياء التي تسقط منهن على الأرض بحيث لا يلتقطنها بطريقة تثير الرجال. وفي هذا الصدد تقول هليتا،"على المرأة عندما يسقط منها شيء على الأرض أن تجلس القرفصاء مع الإبقاء على القسم العلوي من جسمها مستقيما ومن ثم تلتقط ما سقط منها دون أن تحني نصف جسمها بمقدمة رأسها لالتقاطه." ولم تذكر الشرطة ما إذا كانت هناك عقوبات ستطبق على النساء اللواتي لا يلتزمن بالتوجيهات الخاصة بالتقاط الأشياء من الأرض. ومن المفارقات أن السلطات أباحت ارتداء زي يسمى "اندلامو" وهو عبارة عن حزام من خرز، يكاد يغطي جسم الفتاة من الخصر إلى أعلى الساقين، وترتديه الفتيات الشابات عندما يرقصن أمام الملك مسواتي الثالث. وفي حفل اندلامو السنوي، تكشف آلاف الفتيات عن صدورهن ويرقصن أمام الملك في حفل عام وكل منهن تأمل أن يقع عليها اختياره لتنضم إلى قطيع زوجاته. ويختار الملك الشاب عروسا جديدة كل عام في إطار طقس ملكي تقليدي يدافع عنه أنصار حماية التقاليد باعتباره جزءا من النسيج الثقافي للأمة يحتفى به منذ القدم. وقالت هيلتا إن ارتداء هذا الزي مسموح لان الشرطة لم تسجل أي حادثة اغتصاب لفتاة أثناء ارتدائها له.وللملك مسواتي، الذي يتعرض لانتقادات حادة بسبب حياته المترفة في هذه الدولة الفقيرة، 13 زوجة. وكانت صحف محلية قد ذكرت أن الملك مسواتي الثالث مصمم على منافسة والده في عدد الزوجات وتحطيم الرقم القياسي الذي وصل إلى سبعين زوجة.