يلعب صندوق التنمية الصناعية السعودي دورا هاما وحيويا في تحقيق أهداف برامج التنمية الصناعية في المملكة، هل لنا بفكرة شاملة عن الصندوق من حيث النشأة والأهداف.؟ أنشئ صندوق التنمية الصناعية السعودي بموجب المرسوم الملكي الكريم رقم م/3 وتاريخ 26/2/1394ه كجهاز تمويلي وتنموي حكومي مرتبط بوزارة المالية برأس مال مبدئي قدره (500) مليون ريال. ونظراً إلى نجاح الصندوق في القيام بمهامه وزيادة إقبال القطاع الخاص على قروضه قامت حكومتنا الرشيدة بزيادة رأس مال الصندوق عدة مرات ليصل إلى (40) مليار ريال في عام 1433ه. ويقوم الصندوق بدور رئيسي في دعم وتحقيق أهداف خطط التنمية الخمسية المتعاقبة في مجال التنمية الصناعية وذلك من خلال دعم مشاريع القطاع الصناعي، وخلق الوعي الاستثماري الصناعي بالمملكة. وتتلخص مهام الصندوق في تقديم القروض التمويلية متوسطة وطويلة الأجل للقطاع الصناعي الخاص بالإضافة إلى تقديم خدماته الاستشارية في المجالات الفنية والإدارية والمالية والتسويقية للمصانع المقترضة. وعبرَ هذه المهام فإن الصندوق يعمل على تحقيق أهداف المملكة الاستراتيجية من خلال: تعزيز القدرة التنافسية للقطاع الصناعي بالمملكة، توسيع وتعزيز القاعدة الصناعية، إحلال المنتجات الوطنية محل الواردات، تعزيز الصادرات الصناعية غير النفطية، خلق الفُرص الوظيفية للسعوديين من خِلال تشجيع توظيف العمالة الوطنية في القطاع الصناعي، استغلال المواد الخام المحلية ما أمكن، استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية، نقل وتوطين التقنية، تحقيق التكامل الصناعي بين القطاعات المختلفة وتكثيف الارتباطات بين القطاعات الاقتصادية والصناعية المحلية الأخرى، إضافة إلى تشجيع وتطوير دور المنشآت الصغيرة والمتوسطة من خلال إدارة الصندوق لبرنامج كفالة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة. * كيف يتم منح المنشآت الصناعية على قرض الصندوق وما هي الإجراءات المتبعة في ذلك؟ - تعكس سياسات وإجراءات الإقراض بالصندوق الطبيعة التنموية المُستهدفة من تلك القروض ، فإلى جانب حرصها على تحقيق الأداء المالي السليم والفعال في تقديم واستعادة تلك القروض ، فهي تهتم بالتقييم الدقيق للمشروعات للتأكد من جدواها (من النواحي التسويقية والمالية والفنية والإدارية). إلا أن المرونة المرتبطة بالقروض هي أكثر ما يعكس الطبيعة التنموية لهذه القروض، حيث يقدم الصندوق قروضاً متوسطة إلى طويلة الأجل بنسبة تمويل تصل إلى 50% من تكلفة المشاريع (الأصول الثابتة ، مصاريف التأسيس، رأس المال العامل) وذلك للمشاريع المقامة في المدن الرئيسية وترتفع هذه النسبة إلى ما لا يزيد على 75% من تكلفة المشروع للمشاريع المقامة في المناطق والمدن الأقل نمواً. وكذلك فإن السداد يتم حسب جداول استحقاق محددة تتلاءم مع توقعات السيولة النقدية التقديرية للمشاريع المُقترضة، تمتد لفترة سداد تصل إلى (15) سنة للمشاريع المقامة في المدن الرئيسية وإلى ما لا يزيد على (20) سنة للمشاريع المقامة في المناطق والمدن الأقل نمواً. * كيف يتعامل الصندوق بتمويل المنشآت الصناعية الموجودة داخل نطاق المدن الرئيسية الكبرى، والمنشآت الصناعية في المدن النائية وهل هناك حوافز تشجيعية لهم؟ - يولي الصندوق اهتماماً كبيراً بالتنمية الصناعية الإقليمية المتوازنة، إذ لا يفرق الصندوق بين أي مدينة وأخرى في منح التمويل متى ما توافرت شروط نجاح المشروع . وفي الواقع فإن قروض الصندوق تغطي جميع مناطق المملكة المختلفة. إلا أنه ونتيجة للتركز السكاني والنشاط الاقتصادي في مناطق: الرياض ، مكةالمكرمة والمنطقة الشرقية، بالإضافة إلى الأهمية الاستراتيجية لبعض المناطق فقد تركز النشاط الإقراضي للصندوق في هذه المناطق. وهنا لابد من الإشارة إلى بعض الخطوات الإيجابية على مختلف الأصعدة التي قامت بها الحكومة لتشجيع الاستثمار الصناعي في المدن الأقل نمواً، نذكر منها الشروع في إنشاء أربع مدن اقتصادية موزعة على مناطق المملكة المختلفة وهي مدينة الملك عبد الله الاقتصادية والتي تقع بالقرب من رابغ على الساحل الغربي للمملكة، ومدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد في حائل، ومدينة المعرفة بالمدينة المنورة، ومدينة جازان الاقتصادية، وكل مدينة من هذه المدن تنطوي على منطقة صناعية ومناطق مساندة للصناعة. وأيضاً لا بد من الإشارة إلى خطة الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية (مدن) بإنشاء اثنتي عشرة (12) مدينة صناعية جديدة، تمّ حجز مواقعها في المدن المختلفة، ويجري التحضير لتطويرها بالتعاون مع القطاع الخاص الوطني والأجنبي. كما قام الصندوق بتفعيل قرار مجلس الوزراء الموقر برفع نسبة تمويل المشاريع الواقعة في المناطق والمدن الأقل نمواً بما لا يزيد على 75% من تكلفة المشروع بدلاً من 50%، وكذلك تمديد فترة السداد لقروض الصندوق في المناطق والمدن الأقل نمواً بما لا يزيد على (20) سنة بدلاً من (15) سنة. وعموماً لابد من إنشاء البنية التحتية اللازمة لإقامة المصانع في تلك المدن وتوفر حزمة من الحوافز التشجيعية يكون قرض الصندوق أحدها لجذب المستثمرين وتشجيعهم على الاستثمار في تلك المدن فعلى سبيل المثال اعتمد مجلس إدارة الصندوق رفع الحد الأقصى للقرض الواحد المعتمد للمشاريع الصناعية المقامة في المناطق الأقل نمواً إلى (1.2) مليار ريال، بينما تم رفع الحد الأقصى للقرض الواحد المعتمد للمشاريع الصناعية المقامة في المدن الرئيسية إلى (900) مليون ريال. وقد أبرزت خطة التنمية التاسعة أهمية كبرى لتنمية المناطق وذلك باتخاذ العديد من السياسات منها تفعيل دور صناديق الإقراض المتخصصة والمؤسسات التمويلية لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة في المناطق والمحافظات الأقل جذباً للاستثمار وتعزيز المعونات الفنية المقدمة لهذه المشاريع لتذليل المعوقات التنظيمية والتسويقية في المناطق المختلفة. * هل هناك صناعات معينة يساهم الصندوق في دعمها .. أم تشمل جميع الصناعات الوطنية مهما كان نوعها؟ - لا يفرق الصندوق بين قطاع وآخر أو صناعةٍ وأخرى متى توفرت لها شروط الإقراض، لكنه يشجع قيام المشاريع الصناعية التي تتوفر لها سبل النجاح والتي تتمتع المملكة فيها بميزة نسبية وتنافسية، وكذلك المشاريع التي تعمل على نقل التقنية الحديثة للمملكة وتوفر فرصاً لتوظيف السعوديين وإحلال المنتج الوطني محل الواردات. ما هي الشريحة التي يمتنع الصندوق عن تمويلها ؟ يمول الصندوق المشاريع الصناعية متى ما توفرت لها شروط الإقراض وسبل النجاح، إلا أنه في بعض الأحيان يكون الصندوق مضطراً إلى إيقاف التمويل مؤقتاً لبعض القطاعات الصناعية عندما تكتفي السوق المحلية من منتجاتها ولا تكون لدى المصانع المنتجة القدرة على التصدير للخارج والمنافسة في السوق العالمية. علماً بأن الصندوق يتمتع بالمرونة التامة في هذا الأمر ويقوم بمراجعة سياساته التمويلية باستمرار، ولا يتردد الصندوق في إعادة تمويل المشاريع في القطاعات التي سبق أن أقفلها إذا دعت الضرورة. وبإمكان المستثمرين التواصل مع الصندوق لمعرفة القطاعات الصناعية التي يتم إيقاف تمويلها. * هل يقوم الصندوق بتقديم الخدمات اللوجستية للمنشآت الممنوحة قرضاً من قبل الصندوق أم يقتصر دوره بتقديم القرض فقط.؟ - يقوم الصندوق بتمويل المشاريع الخدمية للقطاع الصناعي المنفذة داخل المناطق الصناعية والتي تهدف إلى توفير خدمات مساندة ولوجستية تساهم في توفير مناطق صناعية متكاملة الخدمات وتهيئ مناخاً جاذباً للاستثمارات الصناعية داخل هذه المناطق وتحقق التنافسية المطلوبة للمصنعين المحليين والأجانب. وتشمل هذه الخدمات مشاريع توزيع الغاز الطبيعي في المدن الصناعية ومشاريع تحلية المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي والتي تخدم المدن الصناعية ومشاريع معالجة النفايات الكيميائية الصناعية والطبية، ومشاريع تعقيم الأغذية والأدوية بتقنية الإشعاع الإلكتروني والأشعة السينية، ومشاريع تحلية مياه البحر المتنقلة (البارجات)، كما يقوم الصندوق بتمويل مشاريع تطوير البنية التحتية للمدن الصناعية المملوكة لهيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية (مدن) والقطاع الخاص من أجل تشجيع القطاع الخاص للمشاركة في الاستثمار في بناء مدن صناعية نموذجية ودعم مشاريع الإسكان التي تسهم في توفير البيئة المناسبة للموظفين والعمالة بالمصانع وتحد من التوزيع العشوائي للعمالة في المناطق السكنية، كما تخفض تكاليف النقل والإسكان على المصانع، بالإضافة إلى المشاريع الخدمية الأخرى كمشاريع النقل والتخزين داخل المدن الصناعية ومشاريع التبريد المركزي ومؤسسات التدريب داخل المدن الصناعية. وسيظل الصندوق يستحدث من الإجراءات كل ما من شأنه خدمة القطاع الصناعي المحلي ورفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة. ولا يقتصر دور الصندوق على تقديم القرض فقط بل يتعدى ذلك إلى تقديم خدماته الاستشارية في المجالات الفنية والإدارية والمالية والتسويقية للمشاريع التي يقوم بإقراضها. * كم بلغ تقريباً حجم القروض التي منحها الصندوق للمنشآت منذ نشأته لغاية الآن وما هي أبرز الصناعات التي حصلت على النصيب الأكبر من مجمل هذه القروض. - بلغ إجمالي عدد القروض التي اعتمدها الصندوق منذ إنشائه وحتى نهاية العام المالي 1433/1434ه (3480) قرضاً تبلغ قيمتها (105.415) مليون ريال، قدمت للمساهمة في إقامة (2472)مشروعاً صناعياً منتشرة في جميع مناطق المملكة. كما بلغت قيمة المبالغ التي صرفها الصندوق للمقترضين (70.662)مليون ريال وبلغت قيمة المبالغ المسددة للصندوق من المقترضين (41.526) مليون ريال. وقد حصل قطاع الصناعات الكيميائية على النصيب الأكبر من إجمالي قيمة القروض التي اعتمدها الصندوق منذ إنشائه وحتى نهاية العام المالي 1433/1434ه إذ بلغت حصته منها حوالي40%، يليه قطاع الصناعات الهندسية بنسبة 20%، ثم قطاع الصناعات الاستهلاكية بنسبة 17%، وصناعة مواد البناء الأخرى بنسبة 11% فقطاع الأسمنت بنسبة 10%، وأخيراً قطاع الصناعات الأخرى بنسبة 2%. * برأيكم هل حقق صندوق التنمية الصناعية السعودي أهدافه المنشودة وحقق رؤية حكومتنا الرشيدة؟ - ظل الصندوق منذ إنشائه يتطلع بوعي كامل للمساهمة في تحقيق متطلبات التنمية في القطاع الصناعي والذي رسمت ملامحه في خطط التنمية الخمسية المتعاقبة فكانت له مساهمته المشهودة في تنويع القاعدة الصناعية الوطنية والمساعدة في تغطية الطلب المحلي على الكثير من المنتجات بل أصبح الكثير من المصانع يقوم بتصدير فائض منتجاته للخارج. ولعل مما يؤكد نجاح الصندوق في تحقيق رؤية حكومتنا الرشيدة صدور الأمر السامي الكريم برفع رأس مال الصندوق إلى (40) مليار ريال في عام 1433ه. وقد كانت إنجازات الصندوق خِلال السنوات الأولى من عمره مواكبة للنهضة العمرانية التي عمت البلاد تزامناً مع خُطط التنمية الأولى والثانية، حيث تركزت معظم قروض الصندوق على قطاعي مواد البناء والاسمنت. أما خلال سنوات خطتي التنمية الثالثة والرابعة، وبعد اكتمال معظم مشاريع البنية التحتية، فقد حدث نوع من التوازن في توزيع قروض الصندوق بين مختلف القطاعات الصناعية مع بعض الزيادة في قروض قطاع المنتجات الكيميائية. وأخيراً وخلال خطط التنمية الأخيرة، اتجه الصندوق إلى تمويل مشاريع أعلى تقنيةً وأكثر تعقيداً مما نتج عنه ارتفاع نصيب قروض قطاعات المنتجات الكيميائية والهندسية والاستهلاكية. كما قام الصندوق في السابق وبتكليف من مقام وزارة المالية بإدارة البرنامج التمويلي الحكومي الكبير لتمويل شركات الكهرباء العاملة بالمملكة، وقد أسهمت هذه الشركات الضخمة في المساهمة بفعالية في توليد وتوزيع الطاقة الكهربائية حتى عمت القرى والهجر بعد أن بلغت اعتمادات الصندوق لهذا البرنامج حوالي (39) مليار ريال. وفي برامج مماثلة قام الصندوق أيضا بإدارة برنامج تمويل مستودعات التبريد الذي أسهم في تحسين أساليب تخزين وتوزيع المواد الغذائية سريعة التلف في مختلف أنحاء المملكة، وبرنامج حفظ وتعبئة التمور الذي أسهم في تطوير عملية تجهيز وتعبئة وتسويق التمور بالمملكة. وفي الوقت الحاضر يقوم الصندوق بإدارة برنامج كفالة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة الذي حقق إنجازات كبيرة منذ انطلاقه في بداية العام المالي 1426/1427ه ، إذ بلغ إجمالي عدد الكفالات التي اعتمدها البرنامج منذ تأسيسه وحتى نهاية عام 1433/1434ه (2012م) 4.765 كفالة بقيمة إجمالية قدرها (2.304) ملايين ريال مقابل اعتمادات تمويل قدمتها البنوك المشاركة في هذا البرنامج بمبلغ (4.836) ملايين ريال لصالح (2909) منشأة صغيرة ومتوسطة في مختلف القطاعات وفي كافة مناطق المملكة الإدارية. كلمة أخيرة للأستاذ علي العايد: أود التأكيد على مواصلة الصندوق دوره الرئيسي في تنمية وتطوير القطاع الصناعي بالمملكة وذلك من خلال تطوير أدائه وتقديم خدمات نوعية مهنية متكاملة تفي بمجاراة التغيير في متطلبات الصناعة في ظل المستجدات العالمية والمحلية. كما ستواصل إدارة الصندوق العمل على تطوير الكفاءات السعودية العاملة في الصندوق والمساهمة ما أمكن في تطوير اليد العاملة السعودية في القطاع الصناعي إضافة إلى زيادة الوعي بين المستثمرين وتقديم الاستشارات لهم حول أفضل البدائل والأساليب المتاحة للتعامل بمرونة وكفاءة مع تحديات المرحلة المقبلة مع التركيز على تحقيق الأهداف المرجوة، كما سيعمل الصندوق على تطوير دوره الحيوي في جذب الاستثمارات الصناعية الأجنبية للمملكة خاصة بعد التحسن المطرد في بيئة ومناخ الاستثمار بالمملكة بعد صدور التشريعات وقوانين الاستثمار الجديدة. ولن يغفل الصندوق متطلبات تنمية الصادرات وسيقدم الدعم لها بما يكفل زيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة. وختاما أتقدم بأسمى آيات الشكر لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين على دعمهما المتواصل للصندوق وصدور الأمر السامي الكريم برفع رأس مال الصندوق إلى (40) مليار ريال، مما انعكس إيجاباً على أداء القطاع الصناعي السعودي عموما والقطاع الأهلي على وجه الخصوص، حيث تمكن الصندوق من التوسع في عمليات إقراض ودعم المشاريع الصناعية بما يتواكب مع النهضة الاقتصادية الكبيرة التي تشهدها البلاد.