بغض النظر أن تكون الإخوانيات المدانات في دولة الإمارات من مواطنيها أو من سكانها فإن ظاهرة هذا التحرك بما هو عليه من انتماء إنما هي تأتي كامتداد لما أصبحت الظاهرة معروفة داخل مصر أكثر من سنوات مرّت على تراجعها، وما يُقال عن تخوّف من أن تتحول الثورة السورية إلى سيادة إخوانية، وتأتي في الأردن مظاهر حضور أخرى، نفس الشيء لكن بنسب أقل يقال عن شمال أفريقيا.. بغض النظر عن اسم الفئة المدانة اتهاماً بأنها حركة إعاقة لمنطلقات تطور عديدة لكن ما يجب الوقوف أمامه أليس يعطينا ملاحظة مهمة وهي أن أساليب الركود الحضاري بل وتراجعه تظهر كما لو كنا نراقب سباق جري كلاسيكي يؤديه إما كبار سن عاجزون عن الممارسة، أو مراهقة شباب عاجزين أيضاً عن فهم الواقع القائم وما يريده هذا الواقع من تجديد.. عد إلى الوراء سنوات طويلة منذ أن سمى محمد حسنين هيكل أقسى هزيمة مرت بالعالم العربي عام 1967م بمعركة النكسة.. النكسة وليست الهزيمة.. وقبلها كانت إسرائيل تركض خلف العرب بحثاً عن سلام، ثم بعدها أصبح العرب يركضون خلف إسرائيل بحثاً عن سلام ولم يلتفت إليهم أحد.. لقد عشنا عشرات السنين وبعض أدعياء الفكر وبعض مواليد الإعلام يكررون الحديث تلو الحديث عن تدخلات النفوذ الأجنبي، والصحيح هو أن ما يحدث هو تدخلات واقع التخلّف المحلي الذي أراح الأجنبي من التدخّل ووفّر له وجود مهمات الصراع المحلي وتعدّد الملزمات بالتخلف.. إن مهمات الذاكرة سهلة وبسيطة إذا أردنا أن نستعرض الشواهد في ذلك.. عودوا إلى أي بلد ازدهر في الماضي القريب وكيف تحوّل في «ربيعه الخاص» إلى ميدان صراعات أراد أن يكسب جولاتها مؤخراً مَنْ كانوا الأبعد في ذلك الماضي القريب.. كيف يمكن أن يوجد هذا التدخل في مجتمع جيد التطور بل ومبدع إنجاز هذا التطور في زمن وجيز وسريع امتازت به دولة الإمارات.. إن كل مَنْ تعوّد دخول الإمارات يعي كيف كان يجد الإمارات دولة بارعة الوصول إلى مستواها الحضاري وتعدّد مستويات تقدمها الثقافية والفنية والإعلامية بعيداً عن أي صراعات، فكيف قفز هذا الحضور الإخواني إلى مَنْ هم بعيدون عنه.. إنني لا أتصور أن مواجهة مظاهر مزعجات التدخل يجب أن تقوم على مبدأ القوة فقط، ولكن يجب أن تكون هناك قدرات وعْي تبرهن للمواطن مدى انسياب مجتمعاته في هذا الضياع الذي لم يتجه إلى الأمام في أي تحرّك له، والأخطر أن تكون هناك محاولات امتداد إلى داخل الوجود الخليجي الذي هو أكثر حصانة وعي وكفاءة مواجهة.. لا تعد إلى الوراء سنوات طويلة - كما هي البداية قبل أكثر من ستين عاماً - وإنما عد إلى الوراء بضعة أشهر أو حتى أسابيع لتجد كيف أن ما كانت تتم مباشرته من محاولات ردع لتدخلات طائفية تتهم بها إيران أنها تحاول بها إيجاد تمزّق مجتمعات كانت جيدة الاستقرار لم تعد تلك المباشرة كافية، حيث تواجد أيضاً انطلاق من بعض مواقع السنّة الراكدة حاضراً وتاريخياً لكي يُصاغ المواطن العربي في مسار تنوّع الصراعات..