في يوم الجمعة 15/02/1434ه صدر بيان من الهيئة العامة للطيران المدني- أشبه ما يكون نصاً تعبيرياً رتيباً - أُعلن فيه فوز (الخطوط القطريه وطيران الخليج) برخصتي ناقل وطني لم تخبرنا هيئة الطيران عن ما هية المعايير التي استخدمتها لتقييم المتنافسين وهذا مخالف تماماً لمبدأ الشفافية التي يطالب به الجميع، نحن في المملكة نشكو من الطيران الداخلي وهو ما يعاني منه جميع المواطنين، لم أستطع أن أفهم كيف لشركة هي على شفير الإفلاس في بلدها الأم بعد ان بلغت مديونياتها مليارات الريالات بأن تفوز برخصة ناقل وطنى في السعودية، فكما هو معروف أن فاقد الشيء لا يعطيه.. ولعلي أعود بذاكرة الجميع إلى مقالات الصحف التي هي وفق المعلومات التي زودتهم بها الهيئة العامه للطيران المدني عن المتقدمين للمنافسة، لقد كان من الملفت للنظر أن الشركة الصينية هي الوحيدة التي تم تسليط الضوء عليها حين ذكر أن أسطولها 129 طائرة وتطير إلي أكثر من 90 مدينة حول العالم، وبعد إعلان النتائج (المستغربة جداً) ولكي أجد إجابة على تساؤلاتي لماذا لم تفز تلك الشركة، قمت بعملية بحث في (قوقل-Google) فوجدت أن شركة الطيران الصينية التي تدعى (هاينان) هي إحدى شركات مجموعة العملاق الاقتصادي المسمى HNA group الذي يتجاوز رأسماله مائة مليار دولار أمريكي (وهذا المبلغ يكاد يزيد عن ميزانية دولة)، يمتلك العملاق تسع شركات طيران أخرى، إضافة إلى تملكه حصصاً في رأسمال شركات طيران عالمية معروفة مثل الخطوط الفرنسية، وفي البعض منها يمتلكها بنسبة مائة بالمائة كما في الخطوط التركية للشحن، أما داخل جمهورية الصين فهو يمتلك مطارات خاصة به ويشغل مطارات أخرى، وتتنوع مجالات ذلك العملاق في أعمال مساندة لأعمال الطيران مثل شركات لسلاسل فنادق وشركات سيارات لنقل الركاب، إضافة إلى شركات أخرى تعمل في مجالات كثيرة متنوعة؛.. أما شركة الطيران (هاينان) فهي تملك بملكية خاصة أسطول طائرات يزيد على مائة وخمسين طائرة، كما تملك الصالة رقم 1 في مطار بكين الدولي، وتطير إلى أكثر من 130 مطاراً داخلياً في أكثر من خمسمائة رحلة مجدولة، بلغت مبيعاتها العام الماضي ماقيمته ستون مليار ريال سعودي، وهي حاصلة على جائزة طيران الخمسة نجوم التي تمنحها شركة (سكاي تراكس- Skytrax) التي مقرها لندن وهي شركة متخصصة في البحث والتصنيف للنقل الجوي العالمي في مسابقة لأفضل 200 شركة طيران عالمية. إن الحاجة ماسة في المملكة إلى شركات ذات خبرة في مجال النقل الداخلي إضافة إلى الملاءة المالية ، وإذا ما نظرنا إلى المساحة الجغرافية الشاسعة في المملكة نجدها تتشابه فقط مع الصين التي تصل مساحتها إلى 9.6 ملايين كيلومتر مربع ومطاراتها التي تقارب خمسمائة مطار، التي تقوم شركة (هاينان) بتقديم خدماتها فيها بكل اقتدار، وهذا تفتقد إليه (الخطوط القطرية وطيران الخليج ) وبناءً على ماذكر نجد أن صاحب الخبرة والقدرة لتحقيق مطالبنا في السعودية هي شركة (هاينان) لكي تطير إلى مطاراتنا التي تعد بمئات المطارات، وليست (الخطوط القطرية وطيران الخليج) التي لا تتجاوز مطاراتهما الداخلية عشرة مطارات، كل هذه المعلومات توصلت إليها منفرداً.. وهل بعد كل ذلك يتم تجاهل هذا العملاق!!، إني على يقين تام أن الهيئة العامة للطيران المدني لديها سبلها وإمكانياتها للحصول على معلومات أوفي وأدق عن جميع المتنافسين. لا شك أن في فوز الشركة الصينية كان سيترتب عليه مكاسب اقتصادية عديدة للمملكه "لأن الصين تعد العملاق القادم عالميا"، فعلى صعيد الاستثمار فهو استقطاب لرأسمال أجنبي تمشياً مع سياسة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - في استقطاب الكيانات الاقتصادية الكبرى العالمية التي وجودها يخدم اقتصاد المملكة في عدة مجالات منها خلق وظائف لشباب الوطن وتساهم في دفع عجلة التقدم ، إضافة إلى انعكاسه إيجابا على قطاعات كالصناعة والمقاولات والزراعة وأخرى كثيرة. معلوم لدى الجميع أن وضع ( الخطوط القطرية وطيران الخليج ) مماثل لوضع شركات أخرى تملكها حكومات، وبسبب التدخل السياسي وعوامل أخرى، الكثير منها يعاني من خسائر مالية مما ينعكس سلباً على الأداء الذي يمس المسافر على متنها، وزاد الأمر سوءاً قيام بعض دول الخليج بإنشاء عدد من شركات الطيران فأصبحوا يتنافسون فيما بينهم منافسه شرسة، ومن المؤكد أنها لن تدوم طويلاً لأنهم تناسوا ما آل إليه مصير شركات عالمية عملاقة سبقتهم ردحا من الزمن جراء تنافس عقيم أدى بهم جميعا إلى الإفلاس. كم كنت اتمنى لو أطلعتنا الهيئة العامة للطيران المدني - نحن المواطنون - عن كيفية اختيار الفائز لأننا لا نرغب أن نجد وبعد طول عناء أن صبرنا قد ذهب أدراج الرياح وأن المقدم من الشركتين دون المأمول. وكان من الأفضل بدل الإعلان عن فوز شركتين خليجيتين أن يصار إلى استدعاء الأطراف السعودية المتقدمة وكذا الخليجية لينشئوا متحدين شركة وطنية جديدة وبالمقابل نستفيد بالرخصة الثانية أو الثالثه للشركة الأجنبية (هاينان وتحالفها السعودي) استقطاباً للخبرة الدولية لتنعكس إيجابا على صناعة الطيران في المملكة، وبذلك نكون قد أوجدنا مناخ منافسة شريفه قوامها الخبرة والمقدرة والجودة لينعم المواطن والمسافر بحد سواء بخدمة ميسرة ومريحة.. وكم كنت أود لو أن دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله ورعاه - في أن تتجه دول مجلس التعاون الخليجي (من التعاون إلى الاتحاد)، أن تجد آذان صاغيه لتترجمها واقعا عملياً فتظهر لنا عملة نقديه واحده وسياسة خارجيه واحده ودفاع مشتركاً، وكذا أن نجد شركات طيراننا متحدة في ثلاث أو أربع شركات (ربحية) تخلو من التدخل السياسي وتدار بآلية السوق، تقدم أفضل الأسعار مع أفضل الخدمات لكي يستفيد منها جميع مواطني دول الخليج.