رأيت المجتمع يفتتن بسوق الجملة . وتجري على خاطره الأسئلة التقليدية كم الكرتون، أو كم الدرزن ؟ العصور الحاضرة حملت لنا تجارب علمية حديثة وهي استعمال المواد الكيميائية، وهذا فرضته الثورة الصناعية ومتطلبات سرعة نقل الغذاء إلى مواقع الجيوش والحشود العسكرية، وركاب السفن والغواصات. ولكن القناعة بالأمان في استعمال المواد الحافظة ما زالت موضع تساؤل رغم تماثلها في القيمة الغذائية للطعام الطازج وارتفاع مستوى تصنيع الطعام إلى درجات عالية من التقنية. الأجزاء الشمالية من الكرة الأرضية تقع ضمن منطقة باردة. وفي تلك المناطق يسهل إبقاء الأطعمة المطبوخة ليوم أو ليلة دون الحاجة إلى التبريد أو التجميد، ومع هذا يجد المرء المنزل الأوروبي خالياً من الأطعمة المحضَّرة مسبقاً. تنام الأسرة داخل منزل خال تماماً من ما يؤكل. وفي اليوم التالي يتسوّقون حسب متطلبات الحاجة. بهذه النفسية الاجتماعية. وربما بدا لأحد أن يقول "تركة أو ميراث اجتماعي عن حالة الشح والندرة والقلة " ونقص المؤن الغذائية في الماضي؛ حيث كان الناس يحرصون على شراء المؤن عند حصادها ويقومون بتخزينها . والعامة يقولون لها بالعامية " السقْمه". ولازمتنا حكاية الجملة تلك مع انتفاء الحاجة إليها لوجود الأسواق المركزية التي تأتي بالإمداد اليومي من كل شيء وبعبوات عائلية طازجة . لكن تلقائية التوجه صوب الجذور تأخذ منا - سكان جزيرة العرب مأخذا متمكنا - هذا رأيي . وقال البعض إن اهتمام القوم بالجملة هو توفير الدراهم . وقال آخرون بل هو الرغبة في توفير الذهاب والإياب والبحث عن مواقف وطوابير المحاسبة في الأسواق الكبيرة . الأسرة ترتاح لوجود المؤن في الثلاجة ، أو في مستودع منزلي حرص مُنفذ المسكن أن يجعلهُ جزءاً من العمل الإنشائي للبيت . فيه توزيعات، ورفوف، والبعض استحسن حاسة الأمان فحرص على تزويده بقفل ! يستعصي على من حاول الدخو.. ! تخزين الحليب ومشتقاته في الثلاجة يتطلب جهدا وحرصا وذاكرة .. !، فتاريخ انتهاء الصلاحية يقلق . !، وقد نجد الأسرة تتخلص من المادة بشكل يومي، خوفاً أن تتعرض الأسرة لمكروه جراء استهلاك مادة غذائية منتهية الصلاحية . - والحكمة هي أن نتركها تنتهي في البقالة او السوبرماركت، بدلًا من ثلاجة المنزل.