وفقاً لما نشرته إحدى الصحف المحلية فإن هناك فريقاً من الباحثين على رأسهم الدكتور أحمد الزيلعي الأستاذ بجامعة الملك سعود يعمل على وضع موسوعة ترصد تاريخ مدينة جدة منذ 1400 سنة وحتى الآن، ولا شك ان هذا عمل له قيمة تاريخية لاسيما وان المدينة لم يعد لها وجود سكاناً وعمارة، فالسكان ذابوا في طوفان الوافدين الذين استوطنوا جدة والذين جاؤوا إليها من مدن المملكة المختلفة ومن أقطار العالم شرقه وغربه، والآن لم يعد هناك شيء اسمه أهالي جدة، أي مجموعة متجانسة تسكن في منطقة واحدة وتربطهم صلات القربى والرحم والجوار كما كانت الحال في جدة القديمة التي بدأت تتحول إلى أنقاض وغادرها سكانها الأصليون وحل محلهم فقراء الأرض من كل الأجناس، وحتى أسواقها التي كان يجد فيها المتسوق الأحذية المصنوعة محلياً والمشالح والأشمغة والبهارات أصبحت تفيض بمنتجات أفريقية وجنوب شرق آسيوية وبكلمات أخرى فإن السكان لا يكونون مجتمعاً متجانساً تربطه أي أواصر والجار لا يعرف جاره، ثم ان كثيراً من المنازل والمباني وخاصة المتهالكة تحولت إلى دور للدعارة وصناعة الخمور ومستودعات للمخدرات والأدوية المقلدة والأغذية المنتهية الصلاحية وهذا الاستخدام سيزيل معالم المباني كما سيؤدي إلى خرابها وانهيارها، وستتحول إلى أنقاض تنعى من بناها، ومع ذلك تظل هناك فرصة لو تكونت شركة قابضة تقوم بشراء المباني القديمة من أصحابها وتقوم بالتخلص من المياه الجوفية وترميم المباني بدون تغيير واجهاتها أو هيكلها الخارجي أو إضافة أدوار جديدة إليها وبقاء الدكاكين والمقاهي على ما هي عليه دون أي محاولة لتقليد سوليدير، والقيام بإدخال جميع المرافق إليها وسفلتة شوارعها بالأحجار ثم بعد ذلك بيعها وتأجيرها لسكان سيكونون حتماً من متوسطي الدخل وبعضهم سيكون من سكان جدة القدامى وبذلك يكونون مجتمعاً متجانساً له تقاليده وتربطه مع مرور الزمن أواصر الجوار والقربى والرحم، وبذلك نعيد جدة إلى الجغرافيا والتاريخ ونحافظ على تراث معماري فريد في نوعه إذ هو خليط عجيب ومتجانس من كل أنواع العمارة العالمية، أما مكةالمكرمة فباستثناء البيت الحرام فلم يعد لها وجود إلاّ في صور أخذت قبل مائة عام وستعرض الآن في معهد العالم العربي بباريس وأنا ابن مكة ولكني حين أزورها أردد هذا البيت: أنكرتها بعد أعوام مررن بها لا الدار داراً ولا الجيران جيرانا ?