يمثل تعامل شركة أرامكو مع حادثة تعبئة بعض صهاريج محطات الوقود بالأحساء ببنزين 95 غيرمطابق للمواصفات الذي تسبب في تعطل (30) سيارة، أحد النماذج التي تتعامل به معظم جهاتنا الحكومية وشبة الحكومية مع المتضررين من خدماتها أو أخطاء منسوبيها، فالشركة اكتفت في ردها على خبر "الرياض" بإيضاح سبب المشكلة بأنه تغير في لون المنتج وانخفاض في درجة الاوكتان لوقود البنزين 95 وأنها عوضت أصحاب المحطات بشحنات بديلة، فلم تعتذر للمتضررين ولم تعترف بتبعات ذلك الخطأ، بل أشارت إلى انه ( كعمل احترازي سارعت بالاتصال بالعملاء لإرجاع شحناتهم لاستبدالها) لأن المهم لديها كانت كميات البيع للمحطات، وتجاهلت حقوق المتضررين الذين ألزم فرع وزارة التجارة بالأحساء أصحاب المحطات بإصلاح سياراتهم وهو ما تسبب في تعليق المشكلة ومزيد من الضرر لأن أصحاب المحطات رفضوا إصلاح السيارات لكون الخطأ من أرامكو. فالجميع يعلم - بما فيهم مسؤولو شركة أرامكو - بأن اعتراف الشركة بذلك الخطأ يحملها مسؤولية إصلاح تلك السيارات المتضررة التي ستكلف مبالغ كبيرة، وكان من الأولى أن تقر الشركة (وهي حكومية) بتبعات ذلك الخطأ وتقصره على أصحاب المحطات كتفضل منها (كعمل احترازي) استبدلت تلك الشحنات، فالمشكلة أكبر من شحنات بنزين يمكن التفاهم حولها بين الشركة وتلك المحطات، لكون المتضرر طرفاً ثالثاً ليس له ذنب فيما حدث ويتطلب الأمر ليس إصلاح السيارات، بل صرف تعويض مقابل تعطل أصحاب السيارات خلال فترة توقفها الطويلة منذ تعطلها وحتى إصلاحها بما في ذلك فترة إجراءات إلزام أرامكو بالإصلاح التي قد تطول، فكان الواجب على الشركة الرد فوراً على فرع وزارة التجارة بالأحساء بالاعتذار وتأكيد التزامها بقيمة إصلاح تلك السيارات في وكالاتها!. وكثيراً مانواجه مثل ذلك التعامل من جهات حكومية أو شركات شبة حكومية، خاصةً إذا كانت الدولة قد حددت أسعاراً لتقديم الخدمة مثل استهلاك الكهرباء والتذاكر الداخلية للخطوط، فالجميع كان يشتكي من الأخطاء التي حدثت في فواتير شركة الكهرباء أو المبالغ الكبيرة في فواتير إحدى شركات الاتصالات بسبب تقصير وتهاون من منسوبيها وتلاعب من بعضهم، وتم إلزام المشتركين بسداد المبالغ الكبيرة الخاطئة، في وقت برر مسؤولو شركاتنا شبة الحكومية حينها بأن فواتيرها دقيقة ولاتوجد هناك أخطاء، إلا أنه بعد اكتشاف الشركة لتقصير قارئي العدادات وتلاعب بعض موظفي تلك الشركات ومليارات التلاعب لم تتم إعادة تلك المبالغ للمتضررين وتم الاكتفاء بمعاقبة الموظفين أو إلزامهم بالاستقالة!. ويبرز ذلك التعامل بشكل أكبر تجاهل هيئة السوق المالية لحقوق المتضررين من تلاعب المضاربين بالسوق فهي على الرغم أنها تثبت الصفقات التي تم التلاعب بها وتعلم بمن تضرر من ذلك، إلا أنها مع تحصيلها للغرامات تستأثر أيضاً بكل الأرباح التي حققها المضاربون بتحصيلها لحساب الهيئة ولا يتم تعويض من خسر بسبب ذلك التلاعب! ولا يمكن قبول أي مبرر لإعادة الحقوق بأن لدينا جهات قضائية يمكن للمتضرر اللجوء إليها، لكون ذلك تعطيلاً للمتضرر وسيأخذ الوقت والجهد، وقد لا يكون الأمر مجدياً، فالمشكلة لدينا تتمثل في غياب ثقافة الاعتراف الذاتي بحقوق المتضرر من قبل بعض المسؤولين بجهاتنا والعمل على تمكينه منها لكونه يضع الجهة في حرج أمام المجتمع وكأن هناك خللاً بأنظمتها في حين أن الخلل في التطبيق، خصوصاً أن القيادة ترى بأن الدولة بما فيها شركاتها يجب أن تقدم خدماتها وفق الأنظمة والتعليمات التي صدرت بها وبدون اجتهادات تسيء لخدماتها!.