كانت شركة أرامكو مضرب المثل في الاحترافية والمهنية عبر تاريخها، وعهدت إليها الدولة بأكثر المشاريع السعودية حساسيةً وتأثيراً، كان آخر المشاريع التي أوكلت بها تأسيس وبناء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا كاوست. قصة الرشاوى الأخيرة كانت صادمة وبقوة وبخاصةٍ أنها أوضحت مستوى التلاعب بالأموال العامة. وحسناً فعلت أرامكو بفتحها لتحقيق موسع ودقيق حول ما أُشيع من أن موظفين فيها تلقوا رشاوى من شركة أميركية، لتمرير عقود مبيعات أجهزة الحماية من الحرائق، ووسائل الأمان في المجمعات الصناعية، وأجهزة التحكم والصمامات خلال الفترة بين عامي 2003 و2006 وهذا أمر خطير حين تخترق بالفساد أكثر الشركات قوةً ومتانةً ورصانةً في السعودية. الذي أعجبني في ههذ القصة رغم كونها مؤلمة هذه الشفافية من الشركة، اعتدنا أن لا نرى الشفافية إلا بال"فيديو كليب" وفي التصريحات من المسؤولين، لكن أرامكو أصدرت بياناً ذكرت فيه أنها وفي الوقت الذي «ترفض فيه بشدة مثل هذه التهمة، فإنها تتعامل مع مثل هذه القضايا ببالغ الحزم ولا تسمح بأي تساهل فيها»، وأنها «أوقفت على الفور تعاملاتها كافة مع شركة تايكو، وبدأت فوراً تحقيقاً موسعاً ودقيقاً في الموضوع، للتثبت مما ذُكر حول تورط أي من موظفي الشركة في ذلك»! خلاصة التهمة أن شركة «تايكو» الأميركية وافقت على دفع 26 مليون دولار، كغرامة لوزارة العدل الأميركية، ولجنة الأوراق المالية، مقرة بالتهم الموجهة إليها، والتي تضمنت «تقديم رشاوى لمسؤولين في شركة أرامكو السعودية، وفي عريضة الاتهام أن «تايكو الشرق الأوسط»، المملوكة بالكامل من الشركة الأم، قدمت رشاوى لمسؤولين في «أرامكو»، وذلك في مقابل بيع معدات وأجهزة صناعية، والحصول على عقود من الشركة!! الفساد حين ينخر في المؤسسة فإما أن يعالج بأسرع وقتٍ ممكن وإلا جاء الفساد على أسس تلك المؤسسة فوضع بنيانها. وأرامكو نالت ثقة السعوديين، حتى أن أي مشروعٍ متعثر يتمنون أن يحال على أرامكو بسبب اللوثات التي أصابت الكثير من شركات المقاولات التي آذت السعوديين ونهبت خيرات البلد وقرضت الشوارع بعقود الباطن ولم تقدم للمجتمع إلا البنايات المتهالكة. بآخر السطر، أرامكو شركة كبيرة والوضوح في ملف الفساد وإعلان المتورطين فيه ضرورة ملحة، ولا عجب أن تكون الشركة حديث الناس خلال الأشهر الماضية منذ اختراق موقعها على الانترنت وصولاً إلى صدى قضية الفساد هذه.