في كل عام ننسج خيوطا من الحرير المتدفق على صفحات الوطن ، ونرش العطور الزاكية في كل ركن من زوايا هذا الوطن الأبي ، فنجده يعبق بأريجه الأخاذ فيفوح في أرجاء المعمورة ، فيشمه كل غاد ، ورائح ، وتتراقص الورود شوقا وحبا لنفحات هذا الوطن الشامخ المعطاء !! وترفع الأكف لخالقها بالدعاء لهذا الوطن بأن يحفظه ، ويؤلف بين قلوب أبنائه ، ويشد من أزر قادته الذين طالما سهروا وتعبوا ، وكافحوا ونافحوا من أجل رفعة هذا البلد ، ولكي ينعم أبناؤه بالرخاء والرفاهية ، في أمن وعز وراحة بال !! وفي موعد محدد ، وتاريخ واضح وجلي للعيان نجد أنفسنا في ردهات يوم مجيد ، وبين أروقة تاريخ تليد ، طالما ارتقبناه عاما كاملا من يومه إلى يومه ، ومن ساعته لساعته ، لنحتفل بهذا الوطن كيانا وسماء وأرضا !! كيف لا وهو من آوانا بعد الله ليحضن أبناءه ، ويفخر بهم طيلة الدهر !! إذن فمن حقه علينا إن لم نجعل كل أيامه فرحا ظاهرا أن نخصص له يوما نعطيه شيئا ولو يسيرا من خلجاتنا !! إنه الذكرى الثانية والثمانون لتوحيد المملكة العربية ، والذي يصادف يوم الأحد 7-11-1433ه. وهذه الذكرى دائما ماتعرج بذاكرتنا إلى أيام الكفاح وأيام الشدائد التي اعتصرت موحد هذا الكيان الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - ومعه مجموعة من أجدادنا تآلفت وانتفضت لتوحد كيانا كان شتى ، وبلدانا كانت متفرقة ، وقلوبا ليست متآلفة !! في فوضى كانت تعيشها الجزيرة العربية من جميع أطرافها ، فأحاطها المولى بعنايته ليوحد كل ذلك في كيان أطلق عليه :المملكة العربية السعودية ؛ ولم يكن ذلك ليحصل لولا الله ثم الإصرار ، والعزيمة الصادقة ، والنيات الطيبة ، لتتوحد هذه الأرض الطاهرة في كيان واحد ، واسم واحد ، ولتكون على قلب رجل واحد !! وقد توحدت هذه البلاد ليكون القرآن الكريم هو الدستور لها ، ولتحكم بشرع الله ، وقد جاء من بعد موحد هذا الكيان أبناؤه الميامين ، الملك سعود ، ثم الملك فيصل ، ثم الملك خالد ، ثم الملك فهد - يرحمهم الله - إلى أن تسنم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – يحفظه الله – مقاليد الحكم ليكمل مابدأه سابقوه بكل جد وتفان وإخلاص. ومن حسن الطالع أن تحتضن هذه البلاد الحرمين الشريفين الحرم المكي الشريف ، والحرم النبوي في المدينةالمنورة ، وقد حلت البركة على هذا البلد ، وتدفق الرزق ، وحل الأمن بإذن الله ببركة المولى ثم بركة الحرمين الشريفين ، وهذا فضل ومنة من خالقنا العزيز ان جعل شرف رعاية الحرمين عند أهل ذلك البلد. إذن فمن حق أبناء مملكتنا الحبيبة أن يحتفلوا ويفرحوا بهذا اليوم الذي كان بحق يعدل أيام السنة والذي يصادف يوم الأحد متوجا بالأمر الملكي الكريم بأن يكون يوم السبت الذي قبله إجازة رسمية لجميع قطاعات الدولة، ولتكون الفرحة فرحتين!! ولكن دون فوضى أو صخب، فهذا اليوم يوم وطن لأبنائه، وفرحة أبناء بكيان !! إن هذا اليوم الذي نحتفل به هو يوم خاص لبلدي ، تلكم الرقعة من الأرض والتي عشنا وترعرعنا بها ، وتلكم الكيان الأبي الشامخ الذي عاش بدواخلنا طيلة أيام السنة !! ولكن هذا اليوم ماهو إلا رمز نظهره ونبديه للعالم تعبيرا عما نكنه لهذا الوطن!! ومن هذا المنبر لا يسعني إلا أن أبارك لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد وزير الدفاع بهذه المناسبة الوطنية الرائعة ، وإلى الأسرة المالكة الكريمة ، وإلى الشعب السعودي النبيل ، سائلا المولى سبحانه أن يحفظ هذا البلد ، وأن يكلأه بعنايته ، وأن يديم عليه نعمة الأمن والسلام والسؤدد ، إنه سميع مجيب. طبتم أعزائي القراء وطابت أيامكم ، وجعل الله جميع ايامكم وأيام هذا الوطن سعادة ورفعة وشموخا.