أنا أعيش في عالمين، أقضي جزءاً من العام في جدة، والجزء الأكبر في باريس، وغصبا عني لا أجد مناصاً من مقارنة نوعية الحياة في باريس وفي جدة، وأول ما يلاحظه المرء هو البيئة التي تحيط به، في جدة وباريس، وكلمة البيئة تشمل أشياء كثيرة لا حصر لها، أهمها النظافة، وخاصة نظافة الشوارع، ونظافة المرافق والمطاعم، والمحلات وخاصة محلات بيع الأغذية، ثم وهذا هو المهم الأغذية نفسها سواء أكانت خضروات أم فواكه، ام حتى أغذية مطبوخة، فإنها جميعا نظيفة ولا تتعرض للتلوث، خذ مثلا الخبز، إنه موضوع في رفوف نظيفة، ولا يسمح للمشتري أن يلمس الخبز إلا بعد أن يشتريه، هذا في باريس أما في جدة فإن الأمر يختلف عن ذلك، وسأطيل على القارئ لو مضيت أسهب في الحديث عن الفرق بين البيئتين.. والذي دفعني إلى كتابة هذا النثار هو الأخبار التي تنشرها الصحف بين فترة وأخرى عن قيام سائقي وايتات أو صهاريج مياه الصرف الصحي ببيع مياهها للمزارع، وخاصة مزارع الخضروات الورقية، وريّها بهذه المياه، وهو أمر عواقبه خطيرة على صحة الإنسان، وقد حاولت أن أكتب عن هذا الموضوع غير مرة، إلا أنني أحجمت عن الكتابة إذ لا داعي لإزعاج القارئ وإثارته وبث الشك في ما يأكله، خاصة وأن الخبر قد لا يكون صحيحا أو مبالغا فيه، إلا أن الذي حفزني على الكتابة فيه هذه المرة هو مطالبة رئيس طائفة دلالي الخضار في جدة عصمت أبو زنادة للجهات ذات العلاقة بسرعة البت في المختبر المخصص لفحص الخضروات، والتأكد من خلوها من التلوث والمقرر إقامته في جدة، خاصة وأن الكثير من المتسوقين كما قال عازفون عن شراء المعروض من الخضروات وخاصة الورقية، وإذن فإن هذه الأخبار المتداولة عن تلوث الخضروات نتيجة ريّها بمياه الصرف صحيحة، خاصة إذا كانت محل اهتمام رجل تتيح له وظيفته أن يطلع على الحقائق، والمطلوب الآن هو تحقيق ما طالب به رئيس الدلالين وإقامة المختبر المطلوب.