أدرك جيداً أن لا صوت يعلو في الساحة الرياضية الآن على صوت الخبر الذي يُتداول حول توقيع لاعب الهلال أحمد الفريدي للنصر، ولا حديث يلوكه الوسط الرياضي أشد من الحديث عن تداعيات مباراة منتخبنا الوطني الودية مع نظيره الأسباني، وأدرك أكثر أن من يباشر الكتابة في هذا التوقيت عن أية قضية غير هاتين القضيتين فهو كمن يؤذن في مالطا. إدراكي لكل ذلك لم يجعلني أتردد في الكتابة عن البطل السعودي العالمي هاني النخلي الذي اشرأبت له الأعناق، وبحت لأجله الحناجر في قلب العاصمة البريطانية لندن بعد تحقيقه فضية رمي القرص في دورة الألعاب البارالمبية، وهو المصاب بالشلل الدماغي، وهو ما يجعل قيمة هذا المنجز تتضاعف إن مادياً أو معنوياً من بين المنجزات الوطنية الرياضية؛ لكن ما يؤسى له في حال هذا البطل المعجزة أنه في وسط لا يقيم وزناً للرياضات المختلفة، فضلاً عن رياضات ذوي الاحتياجات الخاصة. لا أحتاج للتدليل على أنّ وسطنا الرياضي والإعلامي لا يقيم وزناً إلا لكرة القدم، وأنه ينظر للألعاب المختلفة عموماً، ورياضات ذوي الاحتياجات الخاصة خصوصاً على أنها عبث وهدر وحشو، وإن لم يقل ذلك صراحة ولكن الممارسة تفضح ذلك، ولعلني اكتفي هنا بالتعاطي مع منجز النخلي إذ اكتفت غالبية وسائل الإعلام إن لم يكن جميعها بالتعاطي مع المنجز العالمي كخبر لا أكثر، بل إنها لم تكلف نفسها حتى سبر أغواره مكتفية بما بثه موفد رعاية الشباب الإعلامي للدورة. الأدهي والأمر حين يكون تعاطي رعاية الشباب واللجنة الأولمبية مع منجز النخلي بمثل التعاطي الإعلامي من حيث التهميش واللامبالاة، وعدم التعاطي معه بما يستحق وقيمته كمنجز عالمي؛ ولذلك لا نتمنى أن نصدم بتحجيم تكريم اللاعب كما تم تحجيم غيره من المنجزين في الرياضات المختلفة بعمومها، ورياضات ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل خاص، وليس عنَا ببعيد ما حدث لنادي مضر في بطولة العالم لكرة اليد الأخيرة، وما حدث قبله لمنتخبنا لذوي الاحتياجات الخاصة الذي حقق كأس العالم مرتين في إنجاز فريد، ومع غيرهما من المنتخبات والأندية واللاعبين ممن أنجزوا في ذات المضمار. إن ما يستحقه النخلي من التكريم والحفاوة يفترض ألا يقل بأي مستوى من المستويات عما تحصل عليه رباعي منتخب الفروسية الذي أهدى الوطن برونزية الفرق في أولمبياد لندن من التكريم المادي والمعنوي، فمنجزه لا يقل عنهم بل يتفوق، إن على مستوى لون الميدالية، أو صعوبة الظفر بها، بل حتى على مستوى ما تهيأ له من إعداد في قبالة ما تحقق لهم، فضلاً عن أنه من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة بما في إنجازات هذه الفئة تحديداً من أبعاد شخصية، ومجتمعية، ووطنية، وإنسانية. حصول النخلي على ما يستحقه من تكريم بكافة صوره المفترضة سيؤسس لواقع جديد سواء على مستوى رعاية الشباب نفسها؛ خصوصاً مع التغييرات الجديدة التي طالت هيكلها الإداري على مستوى قيادات الصف الأول؛ إذ سيثبت ذلك بأن التغيير لم يكن على مستوى الشكل بل المضمون أيضاً، وكذلك على مستوى الدولة بشكل عام؛ إذ سيعبر التكريم عن قيم وطنية كثيرة وكبيرة لن تخفى على أصحاب قرار التكريم قبل المتلقفين له.