لا أجدني مستبشراً خيراً بالمرحلة المقبلة من عمر كرة القدم السعودية، وأعني المرحلة التي ستعقب الانتخابات المنتظرة، فلا شيء يشي بأنها ستكون متوافقة وآمال أنصار الكرة السعودية، بل أراها ستكون امتداداً لمراحل خيبات الأمل التي عاشوها ولا زالوا سنة بعد أخرى. أرى ذلك بل أكاد أتلمسه، ليس لأن التشاؤم يخيم عليّ، وإنما لأن الواقع ينطق بذلك بل يكاد يصرخ لفرط ما يعانيه من سوء، ولا أرى في القرارات التي تخرج بين حين وآخر إلا محاولة لصبغ الواقع السوداوي بألوان زاهية ليس أكثر، ومنها القرار الأخير بتشكيل اللجنة العامة للانتخابات التي ستشرف على سير أعمال الجمعية العمومية لاختيار مجلس إدارة للاتحاد السعودي لكرة القدم للسنوات الأربع المقبلة. هذه اللجنة وبعيداً عن المتمثلين فيها ومدى استحقاقهم وكفاءتهم من عدمها فقد شكلت لتكون بمثابة لجنة تصريف أعمال لا أكثر من ذلك؛ فهي ستكتفي بسد الفراغ الذي خلفته استقالة الدكتور ماجد قاروب من رئاسة اللجنة السابقة، وعلى هذا الأساس ستكون اللجنة منقوصة الصلاحية بل معدومة الصلاحية في أهم الأمور المتعلقة بالانتخابات ومنها تحديد الأعضاء الممثلين للجمعية العمومية، وشروط الترشح لمنصب الرئيس؛ إذ لا يد لها على لائحة النظام الأساسي. ما يتعلق بالأعضاء الممثلين للجمعية العمومية، وما يتعلق بشروط الترشح للرئاسة هما أهم أمرين في لائحة النظام الأساسي للاتحاد السعودي لكرة القدم، التي صاغها الدكتور قاروب بعناية فائقة ودهاء شديد، وذلك قبل استقالته، فهما بمثابة حجر الزاوية في اللائحة، وما عداهما ليسا سوى تفاصيل، ولا أتردد في القول بأن هذين الأمرين من شأنهما أن يفّصلا أي اتحاد مقبل على المقاس المراد له، فيؤتى بمن يراد له أن يأتي، ويقصى من يراد له الإقصاء. توزيع أعضاء الجمعية بتلك التركيبة التي حملها النظام الأساسي وعدم قصرها في كل الأندية المسجلين رسميا في اتحاد الكرة أسوة بكل اتحادات العالم، إنما أريد منه القبض على الأصوات للتحكم بسير الانتخابات وتوجيهها، ومن يتتبع التوزيع بدقة وحساب سيكتشف ذلك، كما أن وضع شرط في وجه الراغب في الترشح للرئاسة ينص على وجوب أن تكون "له خبرة لا تقل عن عشر سنوات في العمل الرياضي الفاعل في المناصب المحلية والعربية والعالمية ومارس خلالها أعمالاً قيادية" كما جاء في منصوص اللائحة إنما يراد منه تحييد بعض الأسماء، وتسهيل عبور أسماء أخرى. يكفي أن نعرف أن شخصية بارزة –على سبيل المثال لا الحصر- بحجم الأمير عبدالله بن مساعد بما يملك من مؤهل، وفكر، وتجربة وإسهامات لا يمكن له الترشح لرئاسة اتحاد الكرة، وفق هذا الشرط، وهو الذي كان خيار غالبية الوسط الرياضي لخلافة محمد بن همام في الاتحاد الآسيوي كمرشح سعودي، وهو الذي وضعت فيه الثقة ليكون عراب خصخصة الأندية السعودية، فكيف بمن تنطبق عليه شروط الترشح لاتحاده القاري لا تنطبق عليه شروط الترشح لاتحاده المحلي؟! هذا الأمر وغيره أمور كثيرة إن كانت تعري شيئاً فإنما تعري حقيقة أن كرة القدم السعودية لا يمكن لها أن تخرج من نفق الأزمات طالما أنها تدار بسياسة "الريموت كنترول"، وبالتالي فلا مكان للتفاؤل بمرحلة أفضل بهكذا نظام أساسي، إلا إنْ كنا نريد أن نكذب على أنفسنا، ومن ثم نصدق أكاذيبنا فذلك شأن آخر!.