شهد التاريخ الإسلامي نبوغ العديد من الأطباء في شتى مجالات الطب والعلاج، وتركيب الكثير من المستحضرات العلاجية التي تعتمد على الأعشاب وغيرها من طرق التشفي الناجعة، ولكن المسلمون أهملوا العلم والبحث ليسلموا ذلك للغرب، الذي اعتمد في أغلب مكتشفاته العلمية على القوانين التي وضعها العلماء المسلمون في الطب أمثال "ابن سيناء" و"الرازي" و"ابن النفيس" وغيرهم، وفي العصر الحديث ونتيجة عدم ثقة الناس بالعلاج والأدوية الكيمائية وما ينتج عنها من مضاعفات على الجسم، بدأ الناس يعودون للعلاج بالأعشاب، ولكن هذه العودة جاءت بشكل فوضوي وغير سليم؛ مما دفع ببعض الباحثين عن المادة ليعملوا في مجال العطارة، محققين المكاسب على حساب صحة الناس، مدعين أنّهم خبراء في مجال الطب بالأعشاب أو الوخز بالإبر الصينية أو العلاج بواسطة تدليك الأرجل والأيدي، مستغلين ضعف الوعي لدى البعض، ووصل الأمر إلى إعلان بعض هؤلاء الدجالين عن مستحضراتهم الوهمية عن طرق بعض القنوات الفضائية أو المطبوعات، دون حصولهم على أي تصريح. أدوية غير مرخصة وحذر "د.بكر لنجاوي" -أخصائي طب طبيعي- من استخدام أو تعاطي أدوية عشبية غير معترف بها دولياً وغير مرخصة من قبل وزارة الصحة؛ لأنّ لهذه الأدوية الكثير من الانعكاسات الضارة بصحة الإنسان، مبيناً أنّ اللجوء إلى أخذ الأدوية من العطارين أو "دكاكين" مُدّعي الطب الموجودة في بعض الأحياء الشعبية والمواقع الخلفية البعيدة عن المتابعة يعد خطأً كبيراً يرتكبه الإنسان في حق نفسه وصحته قد يندم عليه كثيراً، محذراً أيضاً من أدوية التخسيس وكريمات البشرة وغيرها من الأدوية غير المعترف بها وغير المرخصة، التي يروج لها البعض بهدف الكسب المادي وبيع الوهم للناس؛ حيث أنّها تسبب الكثير من الأمراض الخطيرة لمتعاطيها، خصوصاً سرطان الجلد. الأدوية العشبية في الصيدليات وليست بمحال «البهارات» المعالجة بالأعشاب وأضاف "د.لنجاوي" أنّ الدول المتقدمة بدأت تتجه لاستخدام الأدوية الطبيعية المستخرجة من الأعشاب، التي تعتمد على استخلاص المادة المفيدة والمعالجة في العُشب، وتحويلها إلى أدوية على شكل كبسولات، وهذه الأدوية لا يمكن السماح بتسويقها واستخدامها من قبل الناس إلاّ بعد أن تخضع لاختبارات مكثفة تثبت صلاحيتها، مشيراً إلى أنّ الأدوية الطبيعية التي لا تحمل تركيبات كيمائية ليس لها أضرار جانبية إطلاقاً، مشدداً على ضرورة أن تكون هذه الأدوية الطبيعية معتمدة ومرخصة طبياً، وأن تعطى من قبل أطباء متخصصين، وليست مجرد وصفات عطارين. خطر على صحة الإنسان وذكر "د.سالم باسلامة" - مدير مستشفى الملك فهد بجدة - أنّ وزارة الصحة بصدد إنشاء مركز خاص بالطب البديل يشمل طب الأعشاب، وعن طريق هذا المركز سيتم التصريح لجميع العاملين في هذا المجال من معالجين وأدوية، ولن يُسمح باستخدام أي علاج إلاّ بترخيص من الوزارة؛ وذلك حمايةً للصحة العامة من بعض مدّعيي التطبب بالأعشاب، الذي بدأ في الآونة الأخيرة يأخذ مسارا ضاراً؛ مما أضر بالكثيرين ممن ينخدعون ويذهبون لأماكن تواجد هؤلاء الدجالين. أدوية «الرشاقة» و«العجز الجنسي» قد تشكل خطراً بدون وصفة طبية التصدي للمعلنين وحذر "د.باسلامة" من الانخداع بالإعلانات عن بعض المستحضرات الطبية، سواء في القنوات الفضائية أو المطبوعات والنشرات المجانية، ويجب ألا يستخدم الإنسان أي علاج عشبي إلاّ بعد التأكد من وجود ترخيص له من وزارة الصحة؛ لأنّ بعض الأعشاب ضررها أكثر من نفعها، وقد تؤدي إلى مضاعفة حالة المرض بشكل يصعب معه علاجها، وخطر الأدوية العشبية غير المرخصة كبير جداً، مطالباً وزارة الثقافة والإعلام بمراقبة ومتابعة جميع الإعلانات التي تنشر عن المستحضرات الطبية في وسائل الإعلام وتمنعها وتحاسب من يساهم في الترويج لها ونشرها - إذا لم تكن مرخصة -. المركز الوطني للطب البديل وتساءل "د.خالد عسيري" - استشاري الطب البديل والطب النبوي بمدينة الملك عبد العزيز الطبية بجدة - عن أسباب تأخر إنشاء المركز الوطني للطب البديل، معتبراً أنّ هذا التأخر لا مبرر له، وسيساهم في فتح المجال لظهور الكثير من المدعين في مجال الطب البديل، مضيفاً: "التداوي بالأعشاب مفيد، ولكن يجب أن يكون هذا التداوي من قبل شخص مؤهل ولديه خبرة في خصائص الأعشاب وفوائدها، والتراخي وعدم تقنين المسألة وتحديد المؤهلين في هذا المجال سيؤدي إلى ظهور المزيد من المدعين والمتكسبين، والحل هو إيجاد البديل الصحيح المؤهل، فالمريض الذي يعاني من الألم سيبحث عن كل وسيلة للعلاج، وهذا قد يقوده إلى الذهاب لأي شخص، وهو غير ملوم، لأنّ الغريق يحاول التمسك بقشة أملاً في النجاة"، مشدداً على ضرورة المسارعة لإيجاد مركز وطني للطب البديل، يحدد الأشخاص المؤهلين في هذا المجال. وضع اللوائح والأنظمة وأشار "أ.د.حسين الدخيل" - متخصص في العلاج بالإبر الصينية - إلى أنّ إنشاء مركز وطني للطب البديل سيكون له دور كبير في حماية الناس من المدعين، بوضع اللوائح المنظمة لممارسة هذا النوع من الطب، الذي أصبح أساسياً في الكثير من الدول المتقدمة؛ لأنّه يساعد الجسم في تنشيط نظام المناعة الذاتية، وعلاج نفسه بنفسه، موضحاً أنّه خاطب وزارة الصحة في أهمية وضع لائحة للطب البديل، وقد أرسل لائحة تعتمد في فقراتها على ما صدر عن منظمة الصحة العالمية، ولكن حتى الآن لم يجد جديداً، وكان وزير الصحة قد أحال الأمر إلى إدارة الطب البديل، مبيناً ضرورة اعتماد لوائح لهذا المجال كما هو الحال في كثير من الدول، مضيفاً: "رغم مضي أكثر من (12) عاماً على إنشاء إدارة الطب البديل مازال الوضع دون تنظيم حقيقي، ولوائح واضحة تمنع غير المؤهلين من التلاعب بصحة الناس، إلى درجة أصبح معها حتى العطارين يداوون ويصفون الأدوية، وتركيب الخلطات دون علم أو معرفة بالطب وأسسه". شيخ العطارين ولفت "د.حسن جابر" - أخصائي مخ وأعصاب بمستشفى الملك فهد العسكري بجدة - إلى ضرورة تصحيح المسمى من "طب بديل" إلى "طب مكمل"؛ حتى لا يرسخ في البال أي تعارض بين الطب الحديث والطب البديل، مبيناً أنّ التطبب بالأعشاب له عدة أقسام منه ما هو لرفع حصانة الجسم ضد المرض عموماً، ولتنظيم عمل الجسم أو مقاومته للتلوث، وهذا موجود مثلاً في "حبة البركة" و"العسل"، إلى جانب قسم الخبرات الشعبية والمؤكدة علمياً عن فوائدها مثل بعض أنواع الفواكه و"زيت السمك" و"الحليب"، وما تحتويه من "فيتامينات"، وآخر عن نباتاتٍ طبيةٍ معينة أو خلطات شعبية مركبة ومستحضرات، مشدداً على أهمية الحذر منها لكون بعضها ساماً، خاصة إن تجاوزت جرعة معينة مثل "الخروع"، الشائع الاستعمال ذي السمية التي قد تؤدي للوفاة، إضافة إلى نباتات "كالداتورا" و"السنتجونز" وغيرها، التي إن نقعت شيئاً منها تكون قاتلة للبعض - إن كان لديهم علة تتعارض مع استعمالها كالقلب أو السكر أو الأعصاب -، مطالباً بإيجاد هيئة فاعلة لترخيص كل مستحضر مركب وكل نبتة طبية غير شائعة، وتحذر الناس منها وتوعيهم، وإحياء منصب عربي قديم هو "شيخ العطارين"، الذي يجب على من يترأسه أن يكون صيدلياً متمرساً ولديه خبرة واسعة. إصدار الأنظمة يقنن ممارسة «الطب البديل» ويتصدى ل «الدجالين» العلاج بسعر معقول وأكّد "عمر بن سلمان" على أنّ المريض يبحث عن كل وسيلة قد تخفف معاناته، وهذا ما جعل البعض يتاجر في صحة الناس، حتى إنّ بعض العطارين يبيعون الوهم، نتيجة عدم وجود رقابة مشددة عليهم، حيث يتوجه إليهم الناس في الوقت الحاضر نتيجة جشع الأطباء في المستشفيات الخاصة، الذين أصبح عندهم الطب وسيلة للكسب أيضاً، بالإضافة إلى كثرة الأخطاء الطبية من قبل بعض الأطباء، فهذه الأخطاء دفعت بالبعض للتوجه إلى العطارين، الذين يستغلون بحث هؤلاء عن العلاج بسعر معقول. العلاج بالإبر الصينية يحتاج إلى مراقبة حتى لا يسمح لغير المؤهلين بالضحك على الناس العطارة لبيع التوابل الخاصة بالطهي وليست مهنة للطب د.سالم باسلامة د.خالد عسيري د.بكر لنجاوي أ.د.حسين الدخيل