تحول قصر رام الله الثقافي، الى ما يشبه خلية النحل، حيث احتشد مئات الصحافيين والعاملين في وسائل الاعلام المحلية والعربية والدولية، بمختلف انواعه، اضافة الى وفود من المراقبين الدوليين والضيوف، الذين جاؤوا لمتابعة مجريات العملية الانتخابية التي شهدتها الاراضي الفلسطينية امس لاختيار رئيس جديد للسلطة الفلسطينية. وكان ما يقارب مليون وثمان مئة الف مواطن فلسطيني ممن يحق لهم الاقتراع بدأوا منذ الساعة السابعة من صباح امس بالتوافد الى 1077 مركز اقتراع موزعة بين محافظات الضفة وغزةوالقدسالشرقية للادلاء باصواتهم في انتخابات الرئاسة الفلسطينية التي تنافس عليها عشرة مرشحين حزبيين ومستقلين انسحب منهم ثلاثة وبقي سبعة اوفرهم حظا مرشح حركة (فتح) محمود عباس (ابو مازن). وتفاوتت نسبة اقبال المواطنين على صناديق الاقتراع بين منطقة واخرى، وبدا بعضها اكثر نشاطا حيث لوحظت حركة دؤوبة من قبل المقترعين، فيما كانت مراكز اخرى اقل اقبالا، والامر كان يتبدل من وقت لآخر. ولوحظ اقبال من قبل فئات عمرية مختلفة للادلاء باصواتها، فهذه سيدة في العشرين تركت لطفلتها وضع ورقتها في صندوق الاقتراع، وهذا عجوز يدعى نهاد ابو غوش بدا متحمسا وهو يعرف الصحافيين بنفسه في مركز الاقتراع المقام في مدرسة الفرندز برام الله، وقد حرص ان يعرف نفسه بانه من قرية عمواس وهي واحدة من ثلاث قرى في منطقة اللطرون شمال غربي القدس مسحت عن الوجود في العام 67. وحسب اللجنة الاعلامية في لجنة الانتخابات المركزية فان ابواب كافة مراكز الاقتراع افتتحت في الموعد المحدد عند السابعة صباحا باستثناء اربعة في محافظة طولكرم تاخر فتحها بسبب اغلاق حاجز عناب الاحتلالي، ما اعاق وصول الناخبين اليها. واشارت اللجنة الى ان هناك 22 الف مراقب محلي ودولي ووكيل مرشح وهيئة حزبية، يتواجدون في الاراضي الفلسطيني للاشراف على هذه الانتخابات، فيما بلغ عدد الصحافيين والاعلاميين الذين صرفت بطاقات خاصة لتؤهلهم على دخول قصر الثقافة حيث تم تجهيز مقار للعمل الاعلامي بمختلف انواعه من محطات بث تلفزيوني او مختبر للكمبيوتر او قسم للمونتاج وغير ذلك من الخدمات. وتحول المقر الى مكان ترد اليه كافة المعطيات والوقائع المتعلقة بالانتخابات في كافة المواقع وتنقل مباشرة لوسائل الاعلام اما عبر بيانات مكتوبة او مؤتمرات صحافية او تعميمات شفوية. وقد تنافس على هذه المنصب اضافة الى ابو مازن: بسام الصالحي عن حزب الشعب، وتيسير خالد عن الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، والمستقلون د. مصطفى البرغوثي، وسيد بركة، وعبد الحليم الأشقر، ود. عبد الكريم شبير. وحسب المعلومات التي نقلتها لجنة الانتخابات المركزية من القدس فان سلطات الاحتلال لم تتعاون بالشكل المطلوب، حيث عرقلت دخول الطواقم الصحافية الى المدينة ما منعهم من تغطية الحدث، فيما اعاقت تنقل العاملين في لجنة الانتخابات على الحواجز واجبرت احد المترجمين لديها على الكشف عن جسمه على احدى طرقات بيت حنينا شمال القدس. ولم تكن هذه العوائق من قبل سلطات الاحتلال فقد اشتكى المقدسيون من الآليات التي جرى فيها تنظيم هذه الانتخابات. وحسب مصادر مطلعة في المدينة فان الناخبين وجدوا انفسهم ضائعين لا يعرفون المكان الذي يقترعون فيه وكلما كانوا يذهبون الى مقر يقال لهم ان اسماءهم غير موجودة فيه ما جعلهم يدورون في حلقة مفرغة. واكدت هذه المصادر ان نسبة الاقبال في مدينة القدس كانت ضئيلة للغاية، وذلك خشية من اي تبعات قد تترتب على الانتخابات من امتيازات وغيرها، خاصة ان رجال المخابرات الاسرائيلية انتشروا بكثافة منذ ساعات الصباح حول صناديق الاقتراع ما شكل عاملا مؤثرا على نسبة الاقبال. وهناك اكثر من 700 حاجز اسرائيلي منتشرة في الاراضي الفلسطينية تعيق تحركات المواطنين. ومن الاشكالات التي واجهت عملية الانتخاب في القدس هو توزيع مراكز الاقتراع داخل وخارج المدينة، واضطرار الناخبين الى اجتياز الحواجز الاسرائيلية للانتقال من اماكن سكناهم الى اماكن اخرى من اجل الادلاء باصواتهم، وهم ما يعني التعرض لمضايقات كبيرة وصلت احيانا حد المنع كما حدث بالنسبة لاهالي مخيم قلنديا الذين اضطر المسجلون في السجل المدني الى الادلاء باصواتهم في منطقة خارج المخيم وعبور حاجز عطروت، الامر الذي منعوا منه وطلبت منهم تصاريح خاصة. وينقسم الناخبون في منطقة القدس الى فئات اولا: الذين سجلوا انفسهم في المراكز التي اغلقتها سلطات الاحتلال داخل المدينة وهؤلاء يمكنهم التصويت في الضواحي والبلدات المجاورة. وثانيا الذين سجلوا خارج حدود المدينة فبامكانهم التصويت حيثما سجلوا. ثالثا: الذين سجلوا خلال حملة التسجيل الميداني التي جرت مؤخرا فهؤلاء يمكنهم التصويت في خمسة مقار بريد داخل المدينة. اما الذين لم يسجلوا وتشملهم الحملة الميدانية فبامكانهم التصويت في الضواحي المجاورة. واشارت مصادر في القدس الى احجام عدد كبير من المواطنين عن تسجيل انفسهم بسبب آلية التسجيل حيث كان يقوم بها افراد لا يحملون ما يعرفهم، وبالتالي خشي المواطنون ان يكون من اجهزة الامن الاسرائيلي. ووفق مصدر في اللجنة الاهلية للرقابة على الانتخابات فان عدد المسجلين رسميا للانتخاب داخل مدنية القدس لم يزد عن ستة آلاف ناخب وهو امر معيب على حد وصفه. وقال ان هذا الامر تم التوصل اليه رسميا بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي. يشار الى ان عدد الذين يحق لهم الاقتراع من ابناء القدس يبلغ 197 الف مواطن، من اصل 1249130مواطنا يحق لهم الانتخاب في الضفة والقطاع. اما نسبة المسجلين من ابناء القدس حسب لجنة الانتخابات المركزية فهو 184 الف نسمة، الامر الذي شكك فيه احد المشرفين على لجنة اهلية للرقابة على الانتخابات. وقال ان الامر سيظهر بوضوح عندما تظهر نسبة المقترعين في القدس والتي حتما ستكون منخفضة للغاية. الى ذلك، واصلت سلطات الاحتلال انتهاكاتها للعملية الانتخابية في غير مكان خاصة في القدس، التي تمنع حواجزها المواطنين من الانتقال بحرية من مكان الى آخر، الامر الذي نددت به لجنة الانتخابات المركزية، واضطرت بسبب عدم حصولها على معطيات واضحة في ساعات بعد الظهر عن نسبة الاقتراع الى تاجيل مؤتمر صحافي كان مقررا عند الواحدة والنصف الى الثانية والنصف والسبب كما قالوا التدخلات الاسرائيلية. وفي الميدان تواصلت الحملة الانتخابية للمرشحين بشكل غير قانوني، حيث جابت شوارع رام الله سيارات تحمل صور مرشح حركة فتح، وبثت الاغاني والاهازيج الوطنية، في الوقت الذي ابدت قطاعات واسعة من انصار الحركة حالة من الانقسام تجاه دعم ابو مازن. ومما عزز ذلك هو كما قال عدد من انصار الحركة احتفاظ عباس برموز الفساد من حوله بدلا من اقصائهم. وبالمقابل، خرجت فئة من انصار الجبهة الشعبية ببيان شديد اللهجة انتقدت خلاله بشدة ما قالت انه تجاوز للانظمة المتبعة في اتخاذ القرار من قبل المكتب السياسي والتي تجلي في دعم المرشح مصطفى البرغوثي. وحسب نص البيان فقد كان على المكتب السياسي العودة الى القواعد وعمل استفتاء قبل اتخاذ قرارها، ولهذا فانها ستعمل على عصيان القرار من منطلق ان المبادرة التي يترأسها البرغوثي واحدة من دكاكين المجتمع المدني التي يملي عليها الممول اوامره وقراراته. وبالتالي ارتباط الجبهة الشعبية بنضالاتها يمثل مهزلة حقيقية حسما جاء في البيان. وفي قطاع غزة، ادلى الفلسطينيون صباح امس بأصواتهم حيث لوحظ اقبال شديد على صناديق الاقتراع. وتم تسهيل حركة الأهالي على بعض الحواجز في مناطق القطاع، فيما لم تتغير ممارسات قوات الاحتلال في المنع وعرقلة حركة الأهالي والمركبات عند باقي الحواجز. وأبلغ قوات الاحتلال السلطة الفلسطينية أنه سيتم فتح الطريق رقم 4 أبو هولي للسيارات المدنية على أن تكون حمولة السيارة (4ركاب) على الأقل حتى الساعة 12 من منتصف ليل الأحد. وبلغ عدد المراقبين الدوليين والمحليين ووكلاء الأحزاب السياسية والمرشحين المعتمدين من قبل لجنة الانتخابات المركزية 201 هيئة مراقبة محلية يمثلهم 7124 مراقبا، 58 هيئة مراقبة دولية يمثلهم حوالي 800 مراقب، 13 هيئة حزبية يمثلهم 12448 وكيلا و 2242 وكيل مرشح مستقل أي أن العدد الكلي للمراقبين ووكلاء الأحزاب السياسية والمرشحين يبلغ 22614 ويبلغ عدد مراكز اقتراع السجل الانتخابي 1077 مركزا منها 70 مركز اقتراع للسجل المدني وبلغ عدد محطات سجل الناخبين 2314 محطة وعدد محطات السجل المدني 524 محطة فيما بلغ عدد موظفي الاقتراع 16279 موظفا موزعين على تلك المراكز. واكدت حركتا المقاومة الاسلامية «حماس» والجهاد الاسلامي امس انهما ستتعاملان مع اي رئيس منتخب للسلطة الفلسطينية رغم مقاطعتهما الانتخابات. وقال سامي ابو زهري المتحدث باسم حماس لوكالة فرانس برس «رغم مقاطعتنا، سنتعامل مع الرئيس المنتخب». ومن جهته، اكد محمد الهندي احد ابرز قياديي حركة الجهاد الاسلامي «سنتعامل مع الرئيس القادم وسنفتح حوارا معه وسنناقش كل الخلافات عبر الحوار كائنا من كان الرئيس القادم والنتائج لا تعني تفويضا له باجراء صفقات سياسية». وعلى الصعيد الميداني، استشهدت فتاة فلسطينية، مساء السبت الماضي، متأثرة بجراح كانت قد أصيبت بها خلال الاجتياح الإسرائيلي الأخير لغرب خانيونس، في جنوب قطاع غزة. وأفادت مصادر طبية فلسطينية وزارة الصحة: بأن الفتاة سماح زعرب (16عاما)، من مخيم خانيونس الغربي، استشهدت في مستشفى غزة الأوروبي، بعد إصابتها برصاص الاحتلال في رأسها، خلال الاجتياح الإسرائيلي الأخير لحي الأمل ومخيم خانيونس الغربي. وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي اجتاحت، في نهاية الشهر الماضي، مخيم خانيونس الغربي وحي الأمل، حيث استشهد وجرح عشرات المواطنين، وهدم عدد من المنازل في المنطقة. إلى ذلك لا يزال 180 مواطناً محرومين من العودة إلى بيوتهم في منطقة المواصي، جنوب قطاع غزة، نتيجة الحصار المشدد الذي تفرضه قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي. وأعرب «المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان»، في بيان له، عن قلقه البالغ لاستمرار منع هؤلاء المواطنين، مما سيترتب عليه معاناة إضافية لسكان تلك المنطقة، بما في ذلك منعهم من حقهم في المشاركة في الانتخابات الرئاسية. ووفقاً للمعلومات التي حصل عليها المركز، فلا تزال قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل إغلاقها الجزئي لحاجز التفاح، المؤدي إلى مواصي خانيونس، منذ عدة أسابيع. وأكد المركز على أنه، بموجب هذا الإغلاق لا تسمح قوات الاحتلال لمن تقل أعمارهم من الذكور عن سن الخمسين من المرور عبر هذا الحاجز، فيما تضع عراقيل أخرى أمام النساء. وقال المركز: انه تلقى تقارير مفادها أن 100-120 مواطناً آخر اضطروا للمكوث في مدينة ومخيم خانيونس. ودعا الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة، والمنظمات الدولية غير الحكومية، للضغط الجدي على سلطات الاحتلال الحربي الإسرائيلي، لوقف إجراءاتها التعسفية وعقوباتها الجماعية بحق المواطنين الفلسطينيين، وإجبارها على السماح لهم بممارسة حقهم في الانتخابات الرئاسية.