استقبل الصالون الإعلامي في ندوته التي أقيمت أول أمس عدداً من أعضاء المجلس الإعلامي الكويتي - العراقي الذي اختتم اجتماعاته التحضيرية الإثنين الماضي، حيث شارك في الندوة كل من مفيد الجزائري وزير الثقافة العراقي السابق، عدنان حسين نائب رئيس تحرير جريدة المدى، عبدالسلام برواري مسؤول اللجنة الإعلامية بإقليم كردستان، الكاتب الصحفي وأستاذ علم الاجتماع د. علي الزعبي، الكاتب الصحفي خليل علي حيدر، وعلي البغلي وزير النفط السابق والكاتب الصحفي أيضا. كما حضر الندوة سعادة د. محمد بحر العلوم سفير الجمهورية العراقية لدى الكويت. وبدأت الندوة مناقشاتها بتقديم د. علي الزعبي لمحة عن المجلس الإعلامي الكويتي العراقي الذي اجتمع على مدار يومين، مشيرا إلى أن المجلس يعتبر محاولة إذابة الجفاء بين الشعبين الذين ارتبطا بتاريخ طويل وعلاقات قوية حتى انقلب الحال رأسا على عقب جراء الغزو الصدامي للكويت. وأكد الزعبي على أن هناك من السياسيين من يستغل الموقف ويلعب بمشاعر الناس على الجانبين ولكن هناك دائما فرصة لخلق نوع من الشعور الطيب وتجاوز الماضي، واستشهد في ذلك بما حدث بين فرنسا وألمانيا وقدرتهما على تجاوز آثار الحرب التي دمرت البلدين. وأشار الزعبي إلى أن المجلس سيحاول أن يخلق حالة من الوعي بين الشعبين تساعدها على تجاوز هذه الفترة، وأنه مع الإيمان بأن هناك اختلافات ومصالح معينة لكل طرف إلا أنه يجب على الأقل أن "نخفف أعراض المرض. من جانبه أكد مفيد الجزائري وزير الثقافة العراقي السابق على أن التخلص من آثار جريمة الاحتلال هي مهمة سامية، وأن المجلس الإعلامي الكويتي العراقي مضطلع بالمساهمة في تحقيق هذه الغاية". وأضاف أن ما لمسناه اليوم عند مقابلة وزير الإعلام الكويتي ووكيل الوزارة أن هناك اهتماماً كبيراً بهذه المسألة وترحيباً بالمجلس الإعلامي الكويتي العراقي وبما يمكن أن يحققه، وهذا في حقيقة الأمر يشجعنا ويدفعنا نحو العمل على تحقيق أهداف المجلس. وشدد الكاتب الصحفي خليل علي حيدر على أن التحدي الأكبر هو الفهم والإدراك بأن العراق جار دائم، وأن هناك مجالات للتعاون كثيرة يمكن استغلالها، مؤكدا على أن العراق ستظل مهمة جدا بالنسبة للكويت بعيدا عن أي اعتبارات أخرى. وأوضح حيدر أن العلاقات الكويتية - العراقية هي ضحية الوضع السياسي دائما وتتأثر بالتعقيدات السياسية الإقليمة والعالمية أيضا، ومن المهم أن نصل إلى تطلعات الشعبين ونركز على أهمية الوصول إلى قطاعات الشباب الذين لم يعيشوا تجربة الغزو وآثاره. بينما أكد نائب رئيس تحرير جريدة المدى عدنان حسين على ضرورة أن نضع في الاعتبار التصورات الشعبية لدى كل شعب عن الآخر، فمثلا في العراق هناك تصور شعبي ليس بالقليل إنه يمكن تحسين الأوضاع الاقتصادية إذا تنازلت الكويت عن التعويضات أو إذا خرجت العراق من تحت البند السابع. مشيرا إلى أن بعض البعثيين هم من يأججون الأوضاع باستمرار ويستغلون ذلك لإثارة الشعب العراقي تجاه الكويت واللعب على أوتار العلاقة بين الكويت والعراق لخدمة معاركهم السياسية. من جانبه أوضح الكاتب الصحفي ووزير النفط السابق علي البغلي أن العلاقة بين الكويت والعراق علاقة أزلية متشعبة ومتجذرة، وصحيح أن العلاقة "يوم حلو ويوم مر" إلا أنها تبقى علاقة دم ومصاهرة ودين وجغرافيا. وأكد البغلي على أنه ليس للعراق أطماع في الكويت وليس للكويت أطماع في العراق، وهذه حقيقة يجب أن نبدأ وننطلق منها لنتجاوز كل العقد والمشاكل التي سببها الغزو الصدامي للكويت. وأكد عبدالسلام برواري مسؤول الإعلام في إقليم كردستان على أنه تربطه بالكويت علاقة خاصة منذ أن كان صغيرا عن طريق مجلة العربي التي قدمت أول تقرير عن إقليم كردستان، مشددا على أن المصارحة بين الجانبين مسألة في غاية الأهمية لبناء علاقات قوية ومتينة. وأبدى برواري خوفا وقلقا من الإعلام الخاص تحديدا مؤكدا على ان هذه النقطة بالتحديد هي التي تكسب المجلس الإعلامي الكويتي العراقي أهميته، لأن الخطاب الإعلامي وتوجيهه مسألة يجب أن يعاد النظر فيها ويتم تقويمها لما يتوافق مع مصلحة الشعبين ومع إعادة بناء العلاقات فيما بينهما. وشهدت الندوة مداخلة لسعادة السفير د. محمد بحر العلوم سفير الجمهورية العراقية لدى الكويت عبّر من خلالها عن شكره وامتنانه للصالون الإعلامي مشيدا بدور الصالون في المجتمع الكويتي وما استطاع أن يحققه حتى الآن، كما عبّر عن سعادته بولادة المجلس الإعلامي الكويتي العراقي الذي اعتبره مشروعا رائدا في مشوار إعادة بناء العلاقات الطيبة بين الكويت والعراق. وأكد بحر العلوم أن العمل السياسي يسير دائما وفق مناهج محددة، وأن الأهم هنا وبعد أن انكوى الشعبان بتلك الحماقة التي قام بها النظام السابق هو ولادة هذا المجلس وهذه الفكرة التي ستساهم في تطوير العلاقة. كما شدد بحر العلوم على أن تبادل المصالح والاستثمارات والحراك الثقافي وتبادل الزيارات بين المؤسسات الإعلامية والصحفية سيساعد إلى حد كبير في تحقيق الكثير من الإيجابيات في العلاقة بين الجارين. وقد شهدت الندوة أيضا عدة مداخلات عقبت على كلام الضيوف، حيث كانت المداخلة الأولى من المحامية نجلاء النقيى التي أكدت على قوة العلاقة وقدمها قبل أن تتأثر بالغزو مشيرة إلى أن الآثار النفسية عند الكويتيين جراء الغزو مازالت موجودة وتحتاج إلى وقت. أما فهد العجمي فأكد على ضرورة إصلاح العراق من الداخل وأن الاستقرار الداخلي للعراق مسألة مهمة جدا وتؤثر في ثقة المواطن الكويتي، وأن المبادرة من قبل الساسة العراقيين مطلوبة. أما الكاتبة الصحفية دلع المفتي فقد أكدت أن الاهتمام بتوصيل الأفكار الإيجابية للمجتمع مسألة ضرورية ونزول الحوار النخبوي إلى المواطن من متطلبات نجاح هذه المساعي، وأشارت أيضا إلى البيئة التعليمية والتربية الأسرية وأهميتها في إحداث تقارب بين الأجيال الشابة والجديدة. وفي تعليقهم على المداخلات أكد عدنان حسين نائب رئيس تحرير جريدة المدى على أن هناك قسماً من العرب يتحملون بعض المسؤولية فيما وصلت إليه العراق، لأنهم ساعدوا صدام وساندوه. مؤكدا على أن السياسيين العراقيين الذين يتحدثون ضد الكويت هم من البعثيين وتلك إحدى مساوئ الديمقراطية. وأكد علي البغلي وزير النفط السابق على أن مشكلة النفط واستغلالها في قصة الغزو هي مشكلة مفتعلة، وقد اكتشفنا أن العراقيين هم من استغل 12 بئراً من الآبار الكويتية وليس العكس. أما مفيد الجزائري فقد أكد على أن المجلس الإعلامي الكويتي العراقي هو أول حجر يلقى في المياه الراكدة، وأن الإعلام يلعب دورا قويا في تحسين العلاقات أو في تأزيمها، ولذلك سيركز المجلس على الخطاب الإعلامي وتقويمه. وشدد الجزائري على أنه ليس هناك خطاب إعلامي واحد في العراق، فالعراق مازال يسعى نحو الاستقرار، وشأن العراق في ذلك هو نفسه شأن الكويت، فالبعثيون يستغلون المنصات الإعلامية في تشويه العلاقات وتسميم الأجواء. بينما أكد د. علي الزعبي على أن مشكلتنا في العالم العربي تكمن في التنظير وعدم ملامسة الواقع، فنحن نتكلم كثيرا ولا نستوعب الوضع بشكل حقيقي، فمنذ 1990 والكويت منغلقة على نفسها وكذلك العراق، والكل يسعى لحل مشكلته دون النظر إلى الجانب الآخر. واختتمت الندوة بتعقيب من الكاتب الصحفي موسى معرفي أكد من خلاله على أننا في العالم العربي ألسنتنا دائما تسبق عقولنا، وأنه يجب أن ندرك أنه عندما يتكلم السياسي في الكويت أو العراق فهو يتكلم ومن ورائه أجندات ومصالح.