أنشأت اليابان والمملكة العربية السعودية شراكة قوية لسبعة وخمسين عاما منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما فى عام 1955م. على مدى نصف هذا القرن، تم تطوير علاقاتنا الثنائية بشكل كبير، وخاصة في المجال الاقتصادي. المملكة العربية السعودية هي المصدر الرئيسي للنفط لليابان، وأصبحت المملكة إحدى الأسواق الرئيسية لصادرات السيارات اليابانية. وتزداد مشاريع التعاون المشترك بين اليابان والمملكة العربية السعودية في مجالات النفط والكيمياء والصناعات التحويلية. إن اليابان هي من أكبر الدول المستثمرة في المملكة العربية السعودية. كما نَصِف الآن، فهناك «علاقة تكامل» اقتصادي بيننا. ومع ذلك، ينبغي أن لا يبقى تطور العلاقة بين المملكة العربية السعودية واليابان في المجال الاقتصادي فحسب. فقد حقق كل من البلدين تقدمهما مع الاحتفاظ وحماية ثقافاتهما التقليدية. يعود تاريخ بداية التبادل بين اليابان والمملكة العربية السعودية - تقعان في أطراف آسيا - إلى أوائل القرن العشرين عندما قام السيد/ كوتارو ياماؤوكا، رائد الدراسات الإسلامية في اليابان، بالحج إلى مكةالمكرمة. إن احترام الإسلام والفضول الثقافي استهلاّ التبادل الثنائي. وقد ساهم كل من البلدين المحبَّين للسلام في إحلال السلام العالمي والتنمية الاقتصادية. على سبيل المثال، ساهم كل من البلدين من خلال وجهات نظرهما الخاصة في حفظ السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، بما في ذلك فلسطين. وأيضا، فإن الحكومة السعودية لها مصالح قوية في التعاون من أجل تنمية الدول الأفريقية. وكما سبق ذكره، فإنه من الواضح أن كلا البلدين لديهما هدف مشترك. عندما أفكر بعلاقاتنا مع المملكة العربية السعودية، فإنني أدرك تمام الإدراك بأن هناك حاجة إلى تأسيس شراكة أوسع وأعمق وطويلة الأجل، بعلاقة متكاملة في الاقتصاد، وبهدف مشترك في المساهمة تجاه السلام العالمي والتنمية، وكذلك بالاهتمامات في كل من الثقافتين كمحاور مركزية. ولذلك، يجب علينا اليوم أن نقوم بدفع التعاون القائم ونبادر في زرع المزيد من «بذور التعاون» المثمرة. خلال السنوات الأخيرة، تمت زراعة بذور كثيرة في مجالات المياه والطاقة والتعليم وتنمية الموارد البشرية والطب وتبادل زيارات الشباب والنساء والتبادلات المحلية والحوار بين الحضارات. على سبيل المثال، في مجال المياه، بدأ الحوار في شأن سياسة المياه في ربيع عام 2010م. وفي خريف عام 2011م، تم توقيع وثيقة توافق، ومن ثم تم تنفيذ مشروع مراقبة المياه في إطار التعاون بين القطاعين العام والخاص. وفي إطار الشراكة الصناعية بين البلدين، فقد تم الاتفاق على ستة مشاريع استثمارية في المملكة العربية السعودية. في مجال تنمية الموارد البشرية، بالإضافة إلى الأنشطة البناءة من قبل وكالة اليابان للتعاون الدولي (JICA)، يتلقى أكثر من 2,100 شاب سعودي التعليم في أربعة مراكز ذات الصلة باليابان ليصبحوا فنيين في مجالات السيارات وصناعة البلاستيك والأجهزة المنزلية الكهربائية وكذلك في ميكانيك المصاعد الكهربائية. في مجال الطاقة، التعاون جارٍ لتطوير طاقة جديدة مثل الطاقة الشمسية. وقد بدأ تخزين النفط الخام في أوكيناوا، وعندما وقع الزلزال الكبير في شرقي اليابان، استقبلت اليابان كمية كبيرة من الغاز المسال النفطي (بمبلغ وقدره 20 مليون دولار أمريكي) كمنحة من المملكة العربية السعودية. وفي مجال الطب أيضا، تم توقيع وثيقة توافق ثم تم تنظيم بعض الندوات. ويستمر توقيع عدد من مذكرات التعاون بين الجامعات، ويتم تشجيع تبادل الشباب بين اليابان والمملكة العربية السعودية، كما أصبحت بعض مشاريع لتعريف السيدات السعوديات بالثقافة اليابانية وكذلك تعليم اللغة اليابانية شعبية خلال هذه الأيام. ومن خلال هذه المشاريع، أصبح لدى العديد من السعوديين، لا سيما الشباب، اهتمامات قوية باليابان في الآونة الأخيرة. وفي مهرجان الجنادرية في عام 2011م، قام أكثر من 300 ألف شخص، خاصة جيل الشباب من السعوديين بزيارة جناح اليابان. لقد كانت هذه الظروف بين اليابان والمملكة العربية السعودية هي مجرد خيال قبل عدة سنوات. المشاريع المذكورة أعلاه هي مجرد «بذور»، والتي لن تحمل ثمراً حتى لو زرعناها اليوم. بل سوف يتمكن للجيل القادم من أن يجني ثمارها بعد مرور عشرة أو عشرين عاماً في وقت لاحق. أشعر بأنه أمر جيد. إنه مفيد أن نزرع اليوم بذوراً حتى لو كان على منظور طويل الأمد. في هذه الأيام، ينمو المجتمع السعودي بشكل سريع. إنهم يتمتعون بتزايد كبير جداً في عدد السكان، علاوة على ذلك، فإن حوالي ثلثي عدد السكان تقل أعمارهم عن الثلاثين؛ لذا يمكن القول بأن المملكة لديها إمكانية كبيرة لمستقبلها. ولذلك، أعتقد أنه آن الأوان لزرع بذور مثمرة في إطار التعاون بين اليابان والمملكة العربية السعودية. * سفير اليابان لدى المملكة