تقدم لنا المواد المشعة كثيراً من الفوائد بالرغم من أن اسمها يقترن عند كثير من الناس بالحروب وأسلحة الدمار الشامل . ومع تقدم الأبحاث الطبية توصل العلماء إلى الاستفادة من المواد المشعة في إجراء الفحوصات الطبية على جسم الانسان, للكشف عن تركيب الأنسجة ومراقبة وظائف خلايا الجسم واعضائه , بالإضافة إلى تشخيص الأمراض وخاصة أمراض السرطان وعلاج بعضها. والطب النووي هو أحد التخصصات الطبية الحديثة للوصول إلى تشخيص وعلاج الأمراض باستعمال المواد المشعة وذلك بواسطة تناولها أو بواسطة الحقن. وفيما يلي مثالان لبيان بعض الخدمات التي يستطيع الطب النووي تقديمها : أمراض الغدة الدرقية : حيث تعجز الأشعة عن تصويرها.أما الفحوص المخبرية فهي معقدة جداً ولا تعطي نتائج دقيقة . ونتيجة لمعرفة العلاقة التي تربط الغدة الدرقية بمادة اليود يمكن الاستفادة من المواد المشعة. واليود هو أحد العناصر التي تدخل في تركيب هرمونات الغدة الدرقية . ونظراً لعدم قدرة الجسم على التفريق بين اليود العادي واليود المشع اتضح أن ادخال كمية صغيرة من اليود المشع عن طريق الفم إلى داخل الجسم تمكن من قياس كمية اليود المشع التي تركزت داخل الغدة الدرقية , وذلك باستخدام كاشف يوضع أمام الرقبة يسمى عداد جايجر , ومن هذا القياس يمكن الحكم على عمل الغدة الدرقية سواء أكان طبيعياً ام يقل أو يزيد على المعدل الطبيعي . والسرطان مصطلح عام يشمل مجموعة من الأمراض , وهو من أهم أسباب الوفاة وقانا الله وإياكم من هذه الأمراض المستعصية التي يتواصل ارتفاع عدد الوفيات فيها على الصعيد العالمي , والتي ستصل إلى حوالي 12 مليون حالة في عام 2030م في جميع أنحاء العالم . وتفيد الإحصائيات بأن هذا المرض يتسبب في وفاة أكثر من 7.5ملايين نسمة في العالم . والإصابات السرطانية تنتقل في مرحلة مقبلة لتصيب أعضاء أخرى داخل الجسم , وغالباً ما ينتقل السرطان من موقعه الأصلي ليصيب العظام , ويؤدي إلى حدوث الانقسامات السرطانية داخل خلاياه . وقد أصبح في استطاعة الطب النووي أن يكشف عن وجود هذه الانقسامات في مرحلة مبكرة تسبق حتى ظهور أعراض الإصابة , وذلك بإعطاء المريض مستحضراً مشعاً من الفوسفات وقياس نسبة تركيز الفوسفات المشع في العظام , حيث لا تستطيع صور الأشعة العادية أن تكشف عن هذه الإصابة إلا في مراحل متأخرة جداً . ويجدر بنا أن نذكر ان الطب النووي له دور كبير في محاربة السرطان , وذلك عن طريق ادخال ذرات مشعة هدفها البحث عن السرطانات المتناهية في الصغر , أي في بداية نشوئها وقبل ظهور أية أعراض مرضية أو عوامل إكلينيكية . ويساعد هذا التشخيص المبكر في سرعة التخلص من مرض السرطان قبل استفحاله . الدعاء لجميع مرضى السرطان بالشفاء العاجل (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) سورة فصلت الآية 44 .