تعودنا لسنوات خلت على الجلوس أمام جهاز حاسب تقليدي (مكتبي) يصعب نقله من مكان لآخر، وحتى عندما أتت الحواسيب الدفترية (نوتبوك) لم يتغير الأسلوب كثيراً، وبتنا نمتلك جهازا (مكتبيا) إلى جانب ال (نوتبوك) والسبب الرئيسي في ذلك هو القوة والسرعة التي تتميز بها الأجهزة المكتبية أمام نظيرتها الدفترية. وشهدت السنوات الأخيرة تغييرات جوهرية في أجهزة النوتبوك سواء بزيادة ثلاثي الأداء (سرعة المعالج، وحجم التخزين، وقوة كرت الشاشة)، حتى أصبحت تماثل أو تفوق المكتبي في الأداء، إلا أن تطور النوتبوك لم يشفع له في السيطرة على هرم التقنية، فبعد إعلان أبل عن جهازها اللوحي (آيباد) وصعود حجم مبيعاته حول العالم تفردت الأجهزة اللوحية بهرم التقنية بكل أحجامها ومواصفاتها، حتى مع تأكيد شركة أبل بأن هذه الأجهزة لا تغني عن الحواسيب سواءً المكتبية أو النوتبوك. ومع مراهنة الكثير من صناع التقنية على أن أجهزة الحواسيب اللوحية ستكون هي العصب الرئيسي المحرك لمبيعات الحواسيب خلال الفترة القادمة، شهدنا تنافسا بين أبل وسامسونج متفردين بهذا السوق مع مشاركة على استحياء من شركة أمازون والتي طرحت جهازها اللوحي كقارئ كتب إلكترونية في نسخته الأولى، وجهاز لوحي متكامل في نسخته (كيندل فايير). ومما يميز الحواسيب اللوحية هي صغر حجمها، وسهولة استخدامها، بالإضافة إلى وزن ضئيل مقارنة بالنوتبوك، وهذا جعلها مرغوبة أكثر لغالبية مستخدمي التقنية بمختلف أعمارهم وميولهم، بل أصبحت تنافس أجهزة ألعاب الأطفال الإلكترونية مثل بلايستيشن ونتيندو وإكس بوكس. تنوع استخدامات الأجهزة اللوحية أيضاً هو سبب رئيسي آخر لزيادة حجم مبيعاتها، فهي تعمل أيضاً بمثابة مشغل لملفات الفيديو والموسيقى تتميز بسهولة النقل والمشاهد بعيداً عن أسلوب التلفاز أو الحواسيب في ذلك، أضف إلى ذلك أيضاً وجود اتصال دائم بالإنترنت عن طريق شريحة الهاتف النقال. نمو سوق الأجهزة اللوحية أغرى شركات التقنية المتخصصة في تصنيع وتوزيع الحواسيب في التحرك للمنافسة وإنتاج أنواع مختلفة من هذه الأجهزة، فشهدنا صيفاً ساخناً جداً دخلت فيه مايكروسوفت وغوغل لمنافسة كل من أبل وسامسونج في هذا السوق، فخلال الشهر الماضي أعلنت مايكروسوفت عن جهازها "SurFace"، والذي لم تطلق نسخة فعلية منه ومع ذلك واجه حملة شرسة من أنصار أبل باعتباره لم يقدم الجديد ولم يفرق كثيراً عن النوتبوك. أما غوغل فقط أعلنت الأسبوع الماضي عن جهازها "نيكسوس 7"، وإن كانت غوغل لها تجربة فعلية سبقت ذلك في التعامل مع الأجهزة اللوحية من خلال نظام تشغيلها "أندرويد" والمخصص للأجهزة اللوحية والتي تستخدمه سامسونج في "جالكسي تاب". فكرة الأجهزة اللوحية لا تنحصر على المكونات المادية للجهاز وإنما يسبق ذلك سوق برمجيات الجهاز، وهذا ما تميزت به أبل مع أجهزتها المختلفة (حواسيب مكتبية، حواسيب دفترية، حواسيب لوحية، هواتف نقالة، مشغلات موسيقى)، أضف إلى ذلك الضوابط المفروضة من قبل أبل على جودة التطبيقات المقرر طرحها في السوق، والعدد الهائل للتطبيقات المطروحة في سوقها، ولغوغل أيضاً سوق تطبيقات ولكن ضوابط الجودة فيه أقل من نظيرتها أبل، أما مايكروسوفت فهي ما تزال تحبو في هذا المجال. تنوع الخيارات يصب في صالح المستخدم النهائي لهذه الحواسيب، ولعل ما حدث في سوق أجهزة النوتبوك من انخفاض في الأسعار بعد زيادة التنافس من الشركات المصنعة لها وكثرة الخيارات، ولعلنا نشهد في الفترة القادمة دخول منافسين جدد لهذا السوق لاسيما وأن شركة أسوس المتخصصة في تصنيع أجهزة النوتبوك هي الشريك الرئيسي لغوغل في تصنيع "نيكسوس 7".