لقد حل نبأ وفاة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز ولي العهد ووزير الداخلية تغمده الله برحمته على الوطن كالصاعقة مع إيمان الجميع بالقضاء والقدر وكانت الفاجعة كبيرة بفقدان مسؤول بحجم الأمير نايف (وإن القلب ليحزن والعين لتدمع على فراقك يا نايف) ولكن يبقى عزاؤنا بفضل الله ثم تواصل عطاء هذه الأسرة الكريمة التي سعد الوطن بها كأسرة حاكمة كانت قريبة من الشعب وحريصة على أمنه وأمانه وما اختيار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله لصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وليا للعهد وتعيينه نائبا لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للداخلية رحمه الله إلا توافقا مع الرؤية السائدة لعامة المواطنين الذين يرون في سمو الامير نايف انه الرجل المناسب في المكان المناسب وأن رؤى قيادتنا الحكيمة تأتي دوما بتوفيق الله متوافقه مع تطلعات الجميع، لأننا هنا في المملكة العربية السعودية قيادة وشعبا بفضل الله على قلب رجل واحد رسم مساره موحد هذا الكيان طيب الله ثراه منذ أكثر من قرن من الزمن وسار على ذلك النهج الملوك الاوفياء من بعده سعود وفيصل وخالد وفهد -رحمهم الله- الى هذا العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله -حفظه الله- قيادة حكيمة ورعاية فريدة وشعب وفي يستحق هذه القيادة الفريدة. ولعل ما يميز الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله- أنه لا يحب الأضواء وكثرة الكلام، شأنه شأن هذه القيادة الحكيمة، التي تدع المنجزات تتحدث عن نفسها بنفسها كواقع ماثل للعيان، فقد كان سموه لايتحدث بلغة الآمال والأحلام ، وإنما يتحدث عن الواقع والمعايش وثوابت الطموح والمواكبة وإستشراف المستقبل المشرق الآمن بإذن الله، كان الأحرص دوما على أن يظل هذا الشعب الوفي شعبا مثاليا في تعامله وحياته، يتمتع بأمن وطمأنينة شاملة، فالجميع هنا في المملكة ومن خلال منظور المسؤول الأول رجال أمن، تختفي مع مثاليتهم من قواميس الأمن السعودي كما أسلفت لغة التهديد والوعيد، وهذا ما يلمسه على أرض الواقع كل مواطن. وحينما كان يتحدث نايف بن عبدالعزيز رحمه الله يتحدث باسم المواطن وما يعيشه ويعايشه اليوم ، من خلال هذه المنظومة المترابطة والمتلاحمة من الخدمات والمنجزات والتنظيمات، التي تكفل توفير أقصى درجات العيش الرغيد ، لأبناء هذا الوطن ولكل من يفد إليه، حيث تحتضن المملكة ملايين من الأخوة الوافدين، ومع ذلك يستظلون بهذا الأمن الوارف، والعدالة النزيهة، أسوة بأبناء الوطن. يحرص دائما على ألا توجد أي قضية في هذا البلد سجلت ضد مجهول، وهذه نعمة وميزة تكاد المملكة تتفرد بها، لأن رسالة رجل الأمن، رسالة مهمة، فقد كان ينبه سموه وفي أكثر من لقاء، أنه الأكثر حرصا على الانضباط لدى منسوبي أجهزة الأمن وكافة قطاعات وزارة الداخلية، وهذا بالفعل الذي تحقق. وفي مجال حقوق الإنسان تبنى بكل جدية دعم جهود هيئة حقوق الإنسان، في سبيل تحقيق أهدافها، وأداء وظائفها. وقد اكد سموه في اكثر من مناسبة على الحقوق المشروعة للإنسان، والتي كفلها الدين الإسلامي الحنيف، ومنها حقوق الإنسان في العيش موفور الأمن مصون الدم والعرض والنفس والمال مؤكداً أن التعامل مع القضايا الحقوقية، يستدعي الحرص على استيفاء الحقوق لأصحابها ورد المظلمات، وردع الظالم عن ظلمه وإعانته على العودة لطريق الحق والخير والصواب. وفي مجال محاربة الإرهاب الذي هدد العالم وتفكيك قواعده كان لسمو الامير نايف بصماته الخاصة ومدرسته المتميزة التي اصبحت فيما بعد مدرسة عالمية ، حيث اعطى سموه -رحمه الله- للدراسات العلمية والبحوث الميدانية والمواكبة الأمنية مساحات تجلت فيما بعد في انتصار العدل وإحقاق الأمن وتحجيم مخاطر تلك الفئات الضالة بصور اذهلت العالم بل وتوجها رحمه الله بمركز الامير محمد بن نايف للمناصحة الذي وفق لعودة الكثير الى جادة الصواب ، وتميز سمو الامير نايف في إدارة ملف الإرهاب أكبر من ان احصره في هذه العجالة ، وسيرة سموه -رحمه الله- وعدد المناصب التي كان فيها ذلك القوي الأمين وشهادات التقدير العالمية أكثر ايضا من أن الم بها في هذه العجالة وهذا الموقف الحزين والحدث الجلل ، لكنها سطور مختصرة هي ترجمة لمشاعر هذا الشعب المدين لسموه رحمه الله سائلاً المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحماته ويسكنه فسيح جنانه ويجبر مصيبتنا بفقده .إنا لله وإنا اليه راجعون.